جولة «صعبة» من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

حديث عن «حرب خرائط»

دورية للقوات الدولية في بلدة الناقورة على الحدود بين لبنان وإسرائيل أمس (أ.ف.ب)
دورية للقوات الدولية في بلدة الناقورة على الحدود بين لبنان وإسرائيل أمس (أ.ف.ب)
TT

جولة «صعبة» من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

دورية للقوات الدولية في بلدة الناقورة على الحدود بين لبنان وإسرائيل أمس (أ.ف.ب)
دورية للقوات الدولية في بلدة الناقورة على الحدود بين لبنان وإسرائيل أمس (أ.ف.ب)

عقدت، أمس، جولة جديدة من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في جلسة استغرقت أكثر من أربع ساعات، أعلن بعدها عن تحديد موعد جديد في أوائل ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وفي حين لم يُعلَن عن أي نتائج عن الجولة الرابعة، والتزم الطرفان الصمت، كما جرت العادة في الجولات السابقة، وُصفت مفاوضاتها بالصعبة، وهو الأمر الذي من المتوقع أن تتسم به الجولات المقبلة، نظراً إلى الاختلاف الجذري بين الطرفين، وتحديداً لجهة النقطة التي يفترض أن يبدأ منها الترسيم والمساحة التي سيتم التفاوض بشأنها.
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن الوفد اللبناني قدم أمس، على طاولة المفاوضات، مستندات ووثائق وخرائط تثبت حق لبنان في حدود مياهه البحرية، وفقاً لقانون البحار المعترف بها، ويتشبث بحقه من مساحته البحرية البالغة 1430 كيلومتراً مربعاً.
وعقد الجانبان ثلاث جولات من المحادثات الشهر الماضي استضافتها الأمم المتحدة في قاعدة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان، ووصفتها المنظمة الدولية والولايات المتحدة بأنها «مثمرة»، وهو التوصيف نفسه الذي اعتمدته حكومة الولايات المتحدة ومكتب منسق الأمم المتحدة الخاص للبنان في بيان مشترك لهما صدر أمس معبرين عن أملهما في أن تؤدي هذه المفاوضات إلى حل طال انتظاره.
وأمس، التقى الوفدان لساعات في نقطة حدودية تابعة لقوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) في مدينة الناقورة، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة ودبلوماسي أميركي يتولى تيسير المفاوضات بين الجانبين.
وضم الوفد اللبناني المفاوض نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن بسام ياسين رئيساً، والعقيد البحري مازن بصبوص، والخبير في نزاعات الحدود بين الدول الدكتور نجيب مسيحي، وعضو هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط، وممثلاً عن الأمم المتحدة في لبنان في حضور الوسيط الأميركي.
وواكبت المفاوضات تدابير أمنية مشددة للجيش و«يونيفيل»، حيث سيّرت دوريات مكثفة في منطقة الناقورة، وشوهدت دوريات بحرية لسفينة عسكرية لـ«اليونيفيل» مقابل الناقورة، بحسب الوكالة، مشيرة إلى أن المجتمعين اتفقوا على عقد جلسة جديدة في الثاني من الشهر المقبل.
وفي موازاة جولة المفاوضات، نفذ الحزب الشيوعي اللبناني على طريق الناقورة البحرية اعتصاماً رفضاً لها، معتبراً أنها «مقدمة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي».
وفيما يدفع المفاوض الإسرائيلي لإجراء المباحثات حول مساحة بحرية تمتد على حوالى 860 كيلومتراً مربعاً، بناء على خريطة أرسلت في عام 2011 إلى الأمم المتحدة، قدّم لبنان خرائط يطالب فيها بالتفاوض على مساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً تشمل جزءاً من حقل «كاريش» الذي تعمل فيه شركة «إنرجيان» اليونانية، بحسب ما قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أي ما مجموعه 2290 كلم، ووصفت هايتيان مفاوضات أمس بالقول: «دخلنا اليوم مرحلة حرب الخرائط».
ويبذل لبنان جهوداً للإسراع وإنجاح هذه المفاوضات التي ستسمح له بالاستفادة من ثروته النفطية بعدما كان قد وقّع عام 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين من مياهه الإقليمية تقع إحداها، وتعرف بالبلوك رقم 9، في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل، وبالتالي، ستبقى إمكانية الاستفادة منها معلقة بانتظار الانتهاء من مفاوضات ترسيم الحدود.
في المقابل، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات قوله إثر جولة المحادثات الثانية إن الوفد الإسرائيلي طرح «خطاً شمال حدود المنطقة المتنازع عليها»، مؤكداً أنه «لن يتم البحث في خط جنوب المنطقة» كما يطرح لبنان.
وفي إطار التصلب الإسرائيلي نفسه، كانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد وجّهت مطلع الشهر الحالي رسالة إلى الشركة اليونانية، أكدت فيها عدم حصول تغيير، «لا احتمال تغيير»، في وضع المياه الإقليمية الإسرائيلية جنوب المنطقة المتنازع عليها، وبينها حقلا «كاريش» و«تانين».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».