حافظ مهرجان الموسيقى العربية المصري على وجوده ومكانته الفنية كأحد أكبر وأقدم المهرجانات الغنائية والموسيقية العربية، على الرّغم من التغييرات الكبيرة التي طرأت عليه جراء جائحة «كورونا»، على غرار غياب بعض النجوم البارزين الذين اعتادوا إحياء لياليه، ونقل حفلاته من المسرح الكبير إلى مسرح النافورة المكشوف، إلى جانب عدم الالتزام بارتداء الأزياء الرسمية، وتقليص مدته، ومع ذلك فإنه نجح في الحفاظ على رصيده الفني بفضل نقل فعالياته على الهواء مباشرةً بشكل مبهر وجذاب يومياً.
وأسدل المهرجان الستار على دورته التاسعة والعشرين مساء أول من أمس، بحفل ختام استمر قرابة ثلاث ساعات أحياه الفنان التونسي الكبير صابر الرباعي، على مسرح النافورة المكشوف بدار الأوبرا المصرية. وقدم الرباعي خلال الحفل 28 أغنية من أشهر أغنياته وأغنيات الفنانة الجزائرية الراحلة وردة، تحت قيادة المايسترو الكبير هاني فرحات، وسط حضور العشرات. لم تقدم الدورة التاسعة والعشرين من المهرجان جديداً على صعيد تاريخ المهرجان الذي دُشّن في عام 1992 تحت قيادة الدكتورة الراحلة رتيبة الحفني، إذ لفت مسؤولو المهرجان إلى أنّ الهدف من إقامته العام الجاري هو «تأكيد أن فيروس (كورونا) لم يمنع المصريين من الغناء وإقامة الحفلات الغنائية»، ولم يشارك في الدورة الأخيرة أي فنان كبير لأول مرة، عكس الدورات الثلاث الماضية التي شارك فيها محمد منير، ونوال الكويتية، واللبنانية ماجدة الرومي، واللبناني مارسيل خليفة، والمغربية سميرة سعيد، كما غاب عن الدورة الأخيرة نجمات بارزات من بينهن الفنانة المصرية أنغام، والسورية أصالة نصري، والموسيقار الكبير عمر خيرت. كما اختفت لأول مرة لافتة «كامل العدد» من قائمة حفلات المهرجان، التي كانت دوماً عنواناً لأغلبية حفلاته، خلال الأعوام الماضية، بسبب تفشي وباء «كورونا». وكان أكثر الحفلات جذبا للجمهور، حفل الفنان التونسي صابر الرباعي، الذي بيع ما يقرب من 90% من تذاكره، في الوقت الذي كانت نسبة مبيعات التذاكر في الحفلات التسع الأخرى ما بين 50 و80%، كما انخفضت أسعار تذاكر حفلات الدورة الأخيرة، مقارنةً بأسعار حفلات دورة العام الماضي، بنسبة تصل إلى 20%، حسب موقع حجز تذاكر الحفلات.
ومن أهم المكاسب التي حققتها الدورة التاسعة والعشرين للمهرجان، البث التلفزيوني المباشر الذي استُخدم فيه 16 كاميرا للمرة الأولى في تاريخ دار الأوبرا المصرية، بالتعاون مع دار الأوبرا المصرية و«المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية»، حيث أُذيعت الحفلات مباشرةً عبر فضائية «الحياة مسلسلات» وعُرض حفل الافتتاح عبر قنوات «الحياة دراما، وأون دراما، ودي إم سي دراما»، وهو الأمر الذي أسهم في زيادة بيع تذاكر الحفلات، وفق متابعين.
فيما كانت أغنيات الفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ، صاحبة الحظ الأوفر في الوجود على خشبة المسرح، حيث حرص معظم نجوم المهرجان على غناء أغنياته التراثية على غرار الفنانين سعد رمضان وعاصي الحلاني وهمام، وكان أكثر مَن تغنّى بأغنياته هو الفنان هاني شاكر الذي قدم أربع أغنيات «جواب، وزي الهوا، وبلاش عتاب، وحاجة غريبة» التي قدمها بطريقة الدويتو مع الفنانة نادية مصطفى، وهو «الدويتو» الثاني الذي قُدم خلال فعاليات المهرجان مع دويتو الفنان عاصي الحلاني وع نجله الوليد. في حين كانت أغنيات وردة الجزائرية صاحبة الحضور الثاني الأبرز بعد «العندليب»، حيث شدا بأغنياتها عدد من النجوم أبرزهم خالد سليم وصابر الرباعي.
وأسهم المهرجان في دورته الأخيرة في تقديم أصوات مصرية جديدة لأول مرة على خشبة المسرح كمساهمة منه في تقديم جيل واعٍ من المطربين، إذ قدم رحاب مطاوع في حفل الفنان عاصي الحلاني، وفرح الموجي في حفل الفنان خالد سليم، وأحمد عفت وصابرين النجيلي في حفل الفنان محمد الشرنوبي، وأجفان في حفل الفنان وائل جسار، وإيمان عبد الغني في حفل الفنان مدحت صالح.
وعلى الرّغم من تشديد مسؤولي المهرجان على ضرورة تنفيذ الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي وباء «كورونا»، خلال تصريحاتهم المتكرّرة، فإنّ عدداً كبيراً من الحضور لم يلتزم بها، كارتداء الكمامات، والالتزام بالمسافات الآمنة خلال الحفلات بين الحضور، ما أثار مخاوف الكثير من مستخدمي مواقع التواصل في مصر الذين انتقدوا عدم تطبيق الإجراءات الوقائية بحسم وفرضها على الجمهور.
بدوره، يؤكد الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، أنّ تنظيم هذه الدورة الاستثنائية خلال الجائحة يعد المكسب الكبير الذي كانت تهدف إليه دار الأوبرا المصرية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «على الرّغم من الظروف الصّعبة التي مررنا بها، فإنّني أرى أنّها دورة مميزة لكونها أول دورة تُنفّذ خارج المسرح الكبير لدار الأوبرا، ويكفي أنّها أول دورة تُذاع بـ16 كاميرا على الهواء مباشرة، وهو أمر رائع في التسويق وإظهار دار الأوبرا بشكل رائع وجذاب». مشيراً إلى أنّ الدورة الأخيرة حقّقت نجاحاً مماثلاً في المسارح الأخرى خارج دار الأوبرا من بينها (الجمهورية، ودار الموسيقى العربية، وأوبرا الإسكندرية، وأوبرا دمنهور).
ورداً على غياب بعض النجوم عن الدورة الأخيرة، يقول صابر: «نحن نتواصل مع الفنانين ونعرض عليهم المشاركة، وفي النهاية الفنان هو مَن يقرر المشاركة من عدمها، هناك مَن اعتذر لأسباب شخصية، أو لارتباطات فنية، إلى جانب آخرين طلبوا الغناء بأنفسهم، وعلينا أن نحترم رغبة الجميع نظراً لظروف وباء (كورونا)، ولكن في النهاية كان لدينا أسماء عديدة من نجوم الصف الأول في الغناء العربي مثل هاني شاكر، وعلي الحجار، ومدحت صالح، وعاصي الحلاني، وصابر الرباعي، ووائل جسار». يُذكر أن الدورة الـ 29 حملت أسماء حلمي بكر وجمال سلامة ومحمد سلطان، وتضمنت 28 حفلاً، قُدّمت على مسارح الأوبرا في القاهرة والإسكندرية ودمنهور، بمشاركة 93 فناناً من خمس دول، كما كّرّمت 12 شخصية موسيقية.
مهرجان «الموسيقى العربية» يحافظ على مكانته بفضل «البث المباشر»
صابر الرباعي قدّم 28 أغنية في ختام دورته الـ 29
مهرجان «الموسيقى العربية» يحافظ على مكانته بفضل «البث المباشر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة