الأمم المتحدة تتهم تركيا ضمناً بالتغاضي عن عمليات قتل نفذتها إيران

مسعود مولوي فاردنجاني خلال وجوده في إسطنبول (تويتر)
مسعود مولوي فاردنجاني خلال وجوده في إسطنبول (تويتر)
TT

الأمم المتحدة تتهم تركيا ضمناً بالتغاضي عن عمليات قتل نفذتها إيران

مسعود مولوي فاردنجاني خلال وجوده في إسطنبول (تويتر)
مسعود مولوي فاردنجاني خلال وجوده في إسطنبول (تويتر)

اتهم مقررو الأمم المتحدة تركيا «ضمنياً» بالسماح للمخابرات الإيرانية بارتكاب أو تدبير عمليات قتل خارج نطاق القضاء في الأراضي التركية والسماح لإيراني قيل إنه لعب دوراً رئيسياً في اغتيال ضابط مخابرات إيراني سابق في إسطنبول بالفرار إلى إيران، حسبما كشفت رسالة للأمم المتحدة نقلها موقع «نورديك مونيتور» الاستقصائي.
وقُتل مسعود مولوي فاردنجاني، ضابط المخابرات الإيراني السابق، بالرصاص في أحد شوارع إسطنبول في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بعد عام من مغادرته إيران ولجوئه إلى تركيا. ونقلاً عن مسؤولين أتراك، ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء في مارس (آذار) أن ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية في إسطنبول حرضا على قتله.
وأرسل مقررا الأمم المتحدة للإعدام خارج نطاق القضاء وحالة حقوق الإنسان في إيران، رسالة مشتركة مؤرخة في 4 أغسطس (آب) إلى الحكومة التركية للتعبير عن القلق البالغ بشأن قتل فاردنجاني في تركيا، جاء فيها أن عملية القتل حدثت «بتوجيهات ومشاركة السلطات الإيرانية»، وكشفت الرسالة كيف «فشلت الحكومة التركية في إجراء تحقيق رسمي مناسب فيها».
وطلب مقررو الأمم المتحدة من الحكومة التركية تقديم معلومات عما إذا كان قد تم إجراء أي تحقيق فيما يتعلق باغتيال فاردنجاني و«احتمال إساءة استخدام المباني والخدمات القنصلية (الإيرانية) للتخطيط للاغتيال».
وحثت رسالة الأمم المتحدة الحكومة التركية على ذكر «تفاصيل حول السياسات والإجراءات الحالية التي تهدف إلى ضمان عدم السماح لضباط المخابرات الأجنبية بارتكاب أو تنظيم عمليات قتل خارج نطاق القضاء على الأراضي التركية».
وجاء في رد الحكومة التركية على رسالة الأمم المتحدة أن هناك بعض النقاط «مكتوبة بطريقة تتجاوز الغرض منها ولا تتفق مع الممارسات الدبلوماسية»، مضيفاً أن «تسعة أفراد، أربعة منهم رعايا أجانب لا يتمتعون بحصانة دبلوماسية أو قنصلية تم توقيفهم ووضعهم رهن الحبس الاحتياطي».
ووفقاً لرسالة الأمم المتحدة، كان فاردنجاني قد انتقل إلى إسطنبول في يونيو (حزيران) 2018 وأدار قناة من تركيا على تطبيق «تليغرام» تسمى «الصندوق الأسود»، التي نشرت مزاعم فساد ضد أعضاء الحكومة الإيرانية والقضاء وأجهزة المخابرات. وكان فاردنجاني قد نشر رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد «الحرس الثوري» الإيراني قبل ثلاثة أشهر من مقتله. وبحسب ما ورد في المنشور «سأستأصل قادة المافيا الفاسدين»، و«صلوا حتى لا يقتلوني قبل أن أفعل هذا».
وحسب رسالة الأمم المتحدة، «في إسطنبول، كان السيد (فاردنجاني) صديقاً لمواطن إيراني آخر (إ. علي أصفنجاني)، يُزعم أنه أبلغ عنه المخابرات الإيرانية وساعد في تنفيذ خطة اغتيال السيد (فاردنجاني)». وأوضح مقررو الأمم المتحدة كيف أن «السيد (إ. علي أصفنجاني)، الرجل الذي يُزعم أنه لعب دوراً رئيسياً في الاغتيال، سُمح له بالفرار إلى إيران».
وحسب وكالة «رويترز» للأنباء فقد عمل فاردنجاني في مجال الأمن السيبراني في وزارة الدفاع الإيرانية وأصبح بعد ذلك من أشد منتقدي السلطات الإيرانية.
وذكر تقرير الشرطة التركية أن أصفنجاني كان قائد الفريق الذي نفذ مقتل فاردنجاني. وقال مسؤول تركي لـ«رويترز» إنه بعد ثلاثة أيام من عملية القتل، نقل مهرب إيراني أصفنجاني عبر الحدود من تركيا إلى إيران.
وبعد أسبوع من القتل، وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الحادث بأنه «مثال مأساوي آخر في سلسلة طويلة من محاولات الاغتيال المدعومة من طهران» للمعارضين الإيرانيين.
وبالإشارة إلى المادتين 2 و6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليه تركيا في 23 سبتمبر (أيلول) 2003، ذكّرت رسالة الأمم المتحدة الحكومة التركية بأنه «يجب على الدول الأطراف اتخاذ التدابير المناسبة في مناطق تعمل على أراضيها لحماية الأفراد من حرمانهم من الحق في الحياة من طرف الدول الأخرى، كما أن على الدول التزامات بموجب القانون الدولي بعدم مساعدة الأنشطة التي تقوم بها الدول الأخرى التي تنتهك الحق في الحياة».
وجاء في الرسالة أيضاً أنه «بموجب القانون الدولي في جميع الحالات المشتبه فيها بالإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي، فإن الدول مُلزمة بإجراء تحقيقات شاملة وسريعة ونزيهة». وقالت الرسالة إن عدم إجراء مثل هذا التحقيق قد يؤدي إلى انتهاكات إضافية للحق في الحياة.
وأشار مسؤولو الأمم المتحدة إلى أهمية هذا الحق (في الحياة)، قائلين «إن الحصانات والعفو الممنوح لمرتكبي جرائم القتل العمد، والتدابير المماثلة التي تؤدي إلى الإفلات من العقاب بحكم الأمر الواقع أو بحكم القانون، هي غير متوافقة مع واجب احترام وضمان الحق في الحياة».


مقالات ذات صلة

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

نقل مسؤولان أمميان هواجس السوريين إلى مجلس الأمن بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم تحفظات السلطات المؤقتة

علي بردى (واشنطن)
أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على مدينة تشيرنيف الأوكرانية (رويترز)

مقتل أكثر من 12300 مدني منذ بدء الحرب في أوكرانيا

قالت مسؤولة في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، إن أكثر من 12300 مدني قُتلوا في الحرب الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتّحدة)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.