اتهامات للحوثيين بموجة تعذيب جديدة لمعتقلات

TT

اتهامات للحوثيين بموجة تعذيب جديدة لمعتقلات

اتهمت مصادر يمنية في صنعاء الميليشيات الحوثية بشن موجة جديدة من التعذيب بحق المئات من النساء المختطفات في سجون الجماعة، وبخاصة الموجودات في سجن صنعاء المركزي.
وكشف أهالي معتقلات وعاملون في منظمات محلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن مسلحي الجماعة برفقة مجندات من فرق «الزينبيات» (الأمن الحوثي النسائي) أقدموا قبل يومين على الاعتداء على عشرات المعتقلات من خلال الضرب بالهراوات والأسلاك الكهربائية والركل بالأرجل ومن ثم نقلهن إلى زنازين انفرادية.
وأكد الأهالي وحقوقيون أن المئات من السجينات اليمنيات في معتقلات الحوثيين ما زلن يتعرضن لشتى أنواع التعذيب والانتهاك والتعسف والضرب المبرح بصورة تكاد تكون شبه يومية من قبل عناصر و«زينبيات» الجماعة.
وتحدثوا عن أن المسلحين و«الزينبيات» دهموا قبل أيام أيضاً معتقلات نسائية عدة في العاصمة المختطفة وباشروا بالضرب والاعتداء على النساء المعتقلات بحجة احتجاجهن ورفضهن للتعسفات المتكررة بحقهن.
في غضون ذلك، كشفت «رابطة أمهات المختطفين» و«منظمة مكافحة الاتجار بالبشر» (منظمتان حقوقيتان محليتان) عن تعرض مختطفات يمنيات في السجن المركزي بصنعاء وسجون حوثية أخرى لموجة تعذيب جديدة رافقها ضرب مبرح من قبل تلك العصابات الحوثية قبل أسبوع.
وقالت الرابطة والمنظمة في بيانات حقوقية إنهما تلقيتا من عائلات بعض السجينات بلاغات تفيد بأن الجماعة لا تزال تمارس شتى أنواع الانتهاكات ضد المختطفات، إذ يُضرب العشرات منهن كل يوم بالعصي والأسلاك الكهربائية من دون أي مبرر. وأشارتا إلى أن الاحتجاز الحوثي للنساء «تم في زنازين مغلقة لمدة ثلاثة أسابيع ومنعهن من التواصل مع ذويهن».
وقدرت «رابطة أمهات المختطفين» وتقارير محلية ودولية أخرى أن عدد النساء المختطفات والمعتقلات حالياً في سجون الانقلابيين في صنعاء فقط يصل إلى أكثر من 500 امرأة، لا تزال الميليشيات تفرض على الغالبية منهن تعتيماً إعلامياً كبيراً.
وفيما أدانت «رابطة أمهات المختطفين» تلك الانتهاكات الحوثية بحق المحتجزات في السجن المركزي وغيره من المعتقلات في صنعاء التي وصفتها بـ«اللاإنسانية»، دعا أهالي وأسر عدد من المختطفات المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لإنقاذهن من سجون الميليشيات، وتقديم الرعاية لهن، ومعرفة ما يتعرضن له وإيقاف كل الإجراءات التعسفية بحقهن والإفراج عنهن.
وأعلنت الرابطة عن تضامنها الكامل مع المحتجزات في السجن المركزي، ودعت إلى محاسبة المعتدين على السجينات، مطالبة بالعدالة ورفض أي ممارسات خارج إطار القانون، وتحسين ظروف احتجاز النساء السجينات بما يكفل لهن الكرامة الإنسانية.
وبينما نددت «منظمة مكافحة الاتجار بالبشر» بالصمت الدولي والأممي حيال تلك الانتهاكات التي قالت إنها تتعارض مع كل القوانين الدولية الإنسانية، طالب بيان آخر مشترك لـ«رابطة أمهات المختطفين» و«شبكة نساء من أجل اليمن»، مجلس الأمن الدولي بإلزام الجماعة بإطلاق سراح النساء المختطفات والمعتقلات تعسفاً بشكل عاجل ومن دون قيد أو شرط.
وعلى المنوال نفسه، أفاد أهالي بعض المعتقلات في صنعاء بأن «الميليشيات بجرائمها بحق اليمنيات قد تجاوزت كل الخطوط الحمر وداست على أخلاق وقيم وأعراف اليمنيين كافة التي عُرفوا بها فيما يتعلق بالنساء».
وكانت الجماعة حاولت مطلع الشهر الماضي احتواء الغضب من جرائم بعض عناصرها في حق النساء، عندما أصدرت حكماً على أحد المنتمين لها بعد إدانته بجرائم اغتصابات واختطافات وابتزاز جنسي.
وبحسب تقارير محلية، فقد شكك محامون وحقوقيون حينه بصنعاء في جدية تلك المحاكمة. واعتبروا أنها تعد لمجرد الدعاية السياسية فقط ولن تأخذ العدالة مجراها، مشيرين إلى أن الجماعة تقدم فقط إثباتاً واقعياً لجرائم الاختطافات والاغتصابات في ظل حكمها الانقلابي.
وكان تقرير الخبراء التابعين لمجلس الأمن الدولي أكد أن قيادات في الميليشيات متورطون في جرائم الاختطافات والابتزاز الجنسي للنساء في صنعاء، وعلى رأسهم القيادي المعين من الانقلابيين رئيساً لمباحث العاصمة المدعو سلطان زابن.
وفي حين دعت الحكومة اليمنية في وقت سابق إلى التحقيق في جرائم قتل عدد من الأسرى وتعذيب سجينات في معتقلات الحوثيين، شدد وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال معمر الإرياني، في تصريحات رسمية، على ضرورة إجراء تحقيق عاجل وشفاف في جرائم تصفية أسرى فارقوا الحياة تحت التعذيب النفسي والجسدي، بعضهم اقتلعت أجزاء من أجسادهم وتم التمثيل بجثثهم بطريقة وحشية.
وفي ظل استمرار الانقلابيين (وكلاء إيران في اليمن) في ارتكاب صنوف عديدة من الجرائم والانتهاكات ضد آلاف المختطفين والمختطفات والمخفيين قسراً بسجونهم المنتشرة في معظم مدن ومناطق سيطرتهم، كانت معلومات وتقارير حقوقية محلية قدرت أن الجماعة قتلت أكثر من 200 مختطف وأسير ومخفي قسراً في سجونها بينهم نساء، عقب تعرضهم لجرائم تعذيب شنيعة على أيدي مسلحين ومجندات حوثيات يعملون فيما يسمى «جهاز الأمن الوقائي».
وتشير تقارير حقوقية إلى أن الميليشيات ارتكبت خلال العام الماضي فقط أكثر من 12 ألفاً و636 حالة اختطاف وإخفاء قسري، شملت سياسيين وطلبة ونشطاء وعسكريين، بينهم 52 امرأة و7 أجانب، بينما بلغ عدد المخفيين قسراً نحو 2537 حالة، بينهم 231 امرأة و158 طفلاً.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.