نتنياهو للاستفادة من الأشهر الثلاثة المتبقية من عهد ترمب

مخاوف من ضغط بايدن لمفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية

مانشيت رئيسي عن فوز بايدن في صحيفة «إسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو (أ.ف.ب)
مانشيت رئيسي عن فوز بايدن في صحيفة «إسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو (أ.ف.ب)
TT
20

نتنياهو للاستفادة من الأشهر الثلاثة المتبقية من عهد ترمب

مانشيت رئيسي عن فوز بايدن في صحيفة «إسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو (أ.ف.ب)
مانشيت رئيسي عن فوز بايدن في صحيفة «إسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو (أ.ف.ب)

رغم تراكم علامات الاستفهام في إسرائيل إزاء سبل التعامل مع الواقع الجديد بالولايات المتحدة في عهد الرئيس المنتخب، جو بايدن، فإن الاهتمام لدى الحكومة الإسرائيلية اليوم ينصب على كيفية الاستفادة من الأشهر الثلاثة المتبقية من عهد الرئيس دونالد ترمب والإعداد للاستفادة من السنوات الأربع التالية؛ عهد بايدن.
فعلى عكس التحليلات التي تتوقع أن يندب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حظه جراء هزيمة ترمب، والتي تتحدث عن قلقه من عهد بايدن، ينكب هو وطواقم الخبراء الإسرائيليين على دراسة التطورات والإفادة منها. ولديهم كثير من الموضوعات التي تحتاج إلى جهد وعمل، ولديهم كثير من الأدوات للعمل.
المهمة الأولى هي «تنظيف الطاولة» مع ترمب؛ لأنه غاضب على صديقه نتنياهو منذ 3 أسابيع. كان ذلك عندما نظم ترمب مكالمة هاتفية ثلاثية، مع نتنياهو ورئيس المجلس السيادي السوداني، عبد الفتاح البرهان، لإطلاق اتفاق تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب. ففي نهاية المحادثة، قال ترمب مخاطباً نتنياهو: «هل تعتقد أن الناعس جو (يقصد بايدن) كان يستطيع التوصل إلى صفقة كهذه؟». صمت نتنياهو. فتابع ترمب: «أنا لا أعتقد ذلك». وصمت نتنياهو من جديد ثم تفوه بالقول: «سيدي الرئيس. أنا أستطيع أن أقول لك أمراً واحداً، هو أننا نقدّر عالياً كل ما يصل إلينا من أميركا. وأنت ساعدتنا كثيراً».
في إسرائيل عدّوا الجواب دبلوماسياً، وقالوا إن نتنياهو تصرف بحكمة؛ إذ لم يعط ترمب جواباً يجعله يقف في صفه ضد بايدن. ولكن ترمب رأى في الجواب طعنة له. فهو توقع أن يحتوي رد نتنياهو على إطراء آخر، كأن يؤكد أن ترمب يفعل الأمور التي لا يفعلها غيره لصالح إسرائيل. وعدّ رد نتنياهو نوعاً من نكران الجميل، بل رأى فيه تعبيراً عن عدم الثقة بفوز ترمب في الانتخابات. فإذا أضفنا إلى ذلك أن 77 في المائة من يهود الولايات المتحدة صوتوا لصالح بايدن، فإننا نتخيل شعور ترمب المعروف بحساسيته الزائدة ضد من لا يقدرون عطاءه.
الأنكى من ذلك أن جناحاً غير قليل في اليمين الإسرائيلي، بمن فيه قادة في المستوطنات، كان قد عبر عن مخاوفه من الدورة المقبلة للرئيس ترمب، وقالوا إنه في حال انتخابه لدورة ثانية، فسيطالب إسرائيل بدفع ثمن سخائه معها. فهو اعترف بضم إسرائيل للجولان والقدس الشرقية واعترف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل ونقل إليها قسماً من السفارة الأميركية، ورفع تدريج المساعدات العسكرية، ووجه ضربات موجعة لخصومها في السلطة الفلسطينية، ولوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وجاء بالاتفاقات السلمية مع الإمارات والبحرين والسودان. وخشي التيار اليميني الاستيطاني من أن يقوم ترمب بطرح مطالب جديدة من إسرائيل، شبيهة بتجميد مخطط ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. وكان بينهم كثيرون ممن همسوا: «لقد أدى ترمب دوره، ولم يعد ممكناً طلب المزيد منه. بل بالعكس؛ يمكن أن يعد لنا فاتورة حساب للدفع».
ومع ذلك؛ فإن هؤلاء يطالبون ترمب بأن يواصل سياسته في الشهور المتبقية من حكمه، ليعطي مزيداً لإسرائيل، كأن يلغي تجميد مخطط الضم، أو يعطي الضوء الأخضر على الأقل للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات، ويضع قيوداً أمام احتمال تغيير السياسة الأميركية في عهد بايدن. نتنياهو ساهم في هذا الحد، عندما تأخر عن تهنئة بايدن، فسبقه إلى ذلك ليس ميركل وجونسون فحسب؛ بل عدد من الوزراء في حكومته، الذين وجهوا التهاني بغزارة.
لكن نتنياهو معني أيضاً بكسب بايدن، لذلك كثرت التصريحات من الائتلاف الحكومي (وأيضاً من المعارضة)، عن الصداقة الحميمة معه، منذ أكثر من 50 عاماً. فقد كانت زيارة بايدن الأولى لإسرائيل عام 1972، وبعدها زار إسرائيل أكثر من 20 مرة، وله علاقات وشائجية بالأرض المقدسة والشعب اليهودي. وينسبون له مواقف مؤيدة لإسرائيل حتى في زمن الخلافات بين نتنياهو والرئيس باراك أوباما، وخلال المعركة الانتخابية، نشرت في إسرائيل تصريحات لبايدن يقول فيها إنه كان قد اعترض على قرار أوباما عدم تفعيل الفيتو على قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين الاستيطان (سنة 2016). وعندما يتذكرون أن بايدن يؤيد العودة إلى اتفاق نووي مع إيران، يشيرون إلى أن ترمب أيضاً كان ينوي التوصل لاتفاق كهذا. وعندما يؤكدون أن بايدن تعهد باستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية وإعادة العلاقات مع السلطة الفلسطينية، يؤكدون أيضاً أنه لا يضع الصراع الإسرائيلي - العربي في رأس سلم الأولويات، وينقلون على لسانه أنه لن يلغي شيئاً من قرارات ترمب في هذا الشأن، وسيواصل الجهود لإبرام اتفاقيات أخرى بين العالم العربي وإسرائيل.
وليس هذا فحسب؛ بل عندما يشيرون إلى العلاقات السيئة بين نتنياهو وأوباما، يؤكدون أن نتنياهو وبايدن على السواء، معنيان بفتح صفحة جديدة. وقد نقل عن أحد مساعدي بايدن، مقيم في تل أبيب، أنه سمعه ذات مرة يقول إنه في كل مرة كان يزور فيها إسرائيل، ينقبض قلبه عندما تصل الطائرة إلى أجواء اليونان تحسباً لما يعده له نتنياهو من مفاجآت. وخلفية هذا التحسب هي أنه في عام 2010 عندما كان نائب الرئيس بايدن في أجواء اليونان آتياً لإسرائيل، اتخذت حكومة نتنياهو قراراً ببناء 1600 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. وقد غضب كثيراً وكاد يقاطع مأدبة عشاء أقيمت على شرفه، وتأخر بشكل متعمد عن هذه المأدبة طيلة ساعة من الزمن تعبيراً عن الاحتجاج. وينصح الرجل، الذي يقال إنه سيكون له شأن في إدارة بايدن، بأن يجري جهد حقيقي من الطرفين لإقامة العلاقات المقبلة على أسس جديدة، ويؤكد: «بايدن سيكون مفاجئاً في علاقات دافئة مع إسرائيل، إذا عرفت كيف تصحح أخطاء الماضي معه. فهو غير معني أبداً بعلاقات متوترة معها».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.