لودريان في القاهرة لطي أزمة «الرسوم المسيئة»

التقى السيسي وشيخ الأزهر وأكد احترام فرنسا لـ «الدين الإسلامي»

الرئيس المصري يستقبل وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يستقبل وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

لودريان في القاهرة لطي أزمة «الرسوم المسيئة»

الرئيس المصري يستقبل وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يستقبل وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

سعى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، خلال زيارة عمل «مكثفة» إلى العاصمة المصرية القاهرة، أمس، إلى طي أزمة «الرسوم الكاريكاتورية المسيئة» مع العالم الإسلامي، مؤكدا «احترام فرنسا للإسلام».
والتقى لودريان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، كما استقبله شيخ الأزهر أحمد الطيب، الذي انتقد فرنسا بشدة، مهددا باللجوء للمحاكم الدولية لكل من «يُسيء للنبي».
وحمّل لودريان أزمة تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى «الاستغلال والترجمة الخاطئة»، مؤكدا أن «المسلمين جزء من فرنسا»، منتقدا حملة المقاطعة للمنتجات الفرنسية بالعالم الإسلامي.
وكان ماكرون دافع عن حرية التعبير متعهدا بـ «عدم التخلي عن الرسوم الكاريكاتورية» خلال تأبين وطني لأستاذ التاريخ، ذبح على يد «إسلامي» في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن عرض على تلاميذه الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء درس عن حرية التعبير.
وشهدت الدول العربية والإسلامية مظاهرات غاضبة ضد الرئيس الفرنسي الذي أحرقت صوره ومجسمات له خلال الاحتجاجات. كما أطلقت حملة لمقاطعة المنتجات الفرنسية في أكثر من دولة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان قبل وصول لودريان للقاهرة إن وزير الخارجية «سيواصل عملية الشرح والتهدئة التي بدأها رئيس الجمهورية».
وخلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استعرض وزير خارجية فرنسا: «سبل تعزيز الجهود لمواجهة تصاعد نبرات التطرف والكراهية في ظل التوتر الأخير بين العالم الإسلامي وأوروبا»، بحسب السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية. ونقل المتحدث عن لودريان «احترام فرنسا وتقديرها لكافة الأديان، وتطلعها لتعزيز التعاون والتشاور مع مصر لمكافحة ظاهرة التعصب»، مشيدا بـ«جهود مصر لتحقيق التفاهم والحوار بين أبناء كافة الديانات».
بدوره، أكد الرئيس السيسي الحاجة الملحة لتضافر جميع الجهود لإعلاء قيم التعايش والتسامح بين كافة الأديان، وعدم المساس بالرموز الدينية، معربا عن الرفض التام للأعمال الإرهابية بكافة أشكالها، أو ربط أي دين بأعمال العنف والتطرف.
ودافع الرئيس المصري في خطاب بمناسبة ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم نهاية الشهر الماضي عن «القيم الدينية»، مؤكدا رفضه للإساءة إلى النبي.
وفي مؤتمر صحافي مشترك، عقده مع لودريان، أمس، جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري رفض بلاده «ربط العمليات الإرهابية التي تستهدف تحقيق أغراض سياسية بالدين الإسلامي»، فيما قال الوزير الفرنسي إن «الهجمات الإرهابية والحملة ضد فرنسا، يتم فيها الاستغلال والترجمة الخاطئة لحديث ماكرون»، مؤكدا «احترام فرنسا للإسلام... فالمسلمون جزء من فرنسا».
وأوضح أن «انعكاسات النداءات التي أطلقها البعض لمقاطعة المنتجات الفرنسية والتي تترجم أحيانا للعنف لا تليق»، وقال: «لقائي اليوم مع الرئيس السيسي وشكري فرصة للتذكير بمبادئنا الأساسية والاحترام الذي نحمله للسلام وحرية الإيمان والمعتقد».
وضمن زيارته للقاهرة، توجه لودريان إلى شيخ الأزهر، الذي شدد على أن «الإساءة للنبي محمد مرفوضة تماما»، وأن الأزهر «سوف يتتبع من يُسيء للنبي في المحاكم الدولية».
وقال الطيب: «إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة للنبي حرية تعبير، فنحن نرفضها شكلا ومضمونا، وأنا أول المحتجين على حرية التعبير إذا ما أساءت هذه الحرية لأي دين من الأديان وليس الإسلام فقط». وأضاف للوزير الفرنسي «الأزهر يمثل صوت ما يقرب من ملياري مسلم، وأن الإرهابيين لا يمثلوننا، ولسنا مسؤولين عن أفعالهم»، رافضا «وصف الإرهاب بالإسلامي».
من جهة أخرى، شهدت لقاءات لودريان، بحث عدد من الملفات الإقليمية، في مقدمتها النزاع في شرق المتوسط وسوريا، والقضية الليبية. ونقل المتحدث الرئاسي المصري عن وزير الخارجية الفرنسي «إشادته بالدور المصري لتسوية الأزمة الليبية»، مؤكدا حرص فرنسا على استمرار التنسيق المكثف بين البلدين.
وخلال مؤتمره الصحافي، قال شكري إن المباحثات مع لودريان تناولت علاقات التعاون وسبل تعزيزها بين البلدين، بالإضافة إلى المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، من بينها القضية الفلسطينية وأهمية تحريكها خلال المرحلة القادمة على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67.
وبين مصر وفرنسا علاقات تعاون واسعة. وأشار لودريان خلال المؤتمر الصحافي، إلى أن زيارته الحالية إلى القاهرة هي التاسعة في منصبه وزيرا للخارجية، والتاسعة عشرة وزيرا في الحكومة الفرنسية.
ونوه إلى الروابط الوثيقة بينه وبين وزير الخارجية المصري، الذي قال: إنه «أكثر وزير يتصل هاتفيا به»، وهو ما يعكس أن «فرنسا بحاجة إلى هذه العلاقات الاستراتيجية القوية والشاملة مع مصر، خاصة في ظل الأزمات المتعددة الأمنية والصحية»، بحسب وصفه.
وبشأن ليبيا، أشار إلى أن «مصر وفرنسا تتقاسمان نفس التحليلات والمطالب بضرورة رحيل المرتزقة وحظر الأسلحة». وقال لودريان إن «هناك مبادئ لا بد من احترامها وتقترحها مصر وفرنسا أولا بخصوص سلامة أراضي ليبيا ورفض أي أشكال لتقسيمها، وعدم وجود حل عسكري في ليبيا، وثالثا الحل لا يمكن أن يتبلور بمشاركة أطراف خارجية».
لافتا إلى أنه تم أيضا مناقشة التوتر في شرق المتوسط، حيث تعمل مصر وفرنسا على أن تجعلا هذه المنطقة منطقة تعاون وليس منطقة تنازع. وأكد لودريان رغبة بلاده في الانضمام إلى منتدى غاز المتوسط.
وردا على سؤال حول وجود «احتجازات تعسفية» في مصر، قال لودريان إنه «يتحدث في كل مرة حول مسألة احترام الحقوق». فيما رفض شكري تعبير (الاحتجاز التعسفي)، نافيا وجود حجز تعسفي في مصر، وأكد أن الاحتجاز يتم بناء على الإجراءات التي نظمها القانون وقرار من النيابة العامة. وأعرب شكري عن التمنيات بالتوفيق للإدارة الأميركية الجديدة، مشيرا إلى أن واشنطن شريك أساسي لمصر، وأضاف «العلاقات سوف تستمر في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن، وهذا أمر يمثل شأنا أميركيا داخليا في إطار التعاقب، لافتا إلى وجود تاريخ من التعاون مع الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة، قائم على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».