مي عودة: السينما الفلسطينية سلاح لإثبات الحقوق وليست للترفيه

المنتجة الفلسطينية مي عودة (أ.ف.ب)
المنتجة الفلسطينية مي عودة (أ.ف.ب)
TT

مي عودة: السينما الفلسطينية سلاح لإثبات الحقوق وليست للترفيه

المنتجة الفلسطينية مي عودة (أ.ف.ب)
المنتجة الفلسطينية مي عودة (أ.ف.ب)

أكدت المنتجة والمخرجة الفلسطينية مي عودة أن السينما الفلسطينية «ولادة» للمواهب الفنية، وأن جيلاً جديداً يظهر فيها ينتقد الأوضاع بجرأة، وقالت في حديثها مع «الشرق الأوسط» إنها انتقلت من الإخراج إلى الإنتاج لتقدم حكايات فلسطينية صادقة لأن السينما لديهم تعد سلاحاً لإثبات حقوقهم وليست صناعة ترفيهية كما في كثير من الدول.
وكانت مجلة «فارايتي» الأميركية قد منحت جائزتها السنوية لأفضل موهبة عربية في الشرق الأوسط لمي عودة منتجة الفيلم الفلسطيني «200 متر»، وهي الجائزة التي يتم الإعلان عنها سنوياً خلال مهرجان الجونة السينمائي بمصر.
كما حصل فيلم «200 متر» الذي أنتجته على ثلاث جوائز في ختام الدورة الرابعة لمهرجان الجونة، هي جائزة الجمهور «سينما من أجل الإنسانية» وجائزة التمثيل لبطله الممثل علي سليمان، وجائزة تحكيم النقاد «فيبرسي» لأفضل فيلم.
مي عودة، التي تنتمي لمدينة رام الله، بفلسطين أخرجت أفلاماً مميزة على غرار «يوميات»، «غزة بعيونهن»، كما عملت كمنتج منفذ لعدد كبير من الأفلام الفلسطينية منها «فلسطين استريو» لرشيد مشهراوي، ثم اتجهت للعمل منتجة للأفلام الوثائقية، ويعد فيلم «200 متر» هو أول أفلامها الروائية الطويلة.
وعن جائزة فارايتي التي ذهبت لمنتجة لأول مرة بعدما كان يتوج بها غالباً المخرجون، تقول: «الحمد لله أن هناك من قدر جهدنا، لأول مرة منذ أربع سنوات تكون هناك امرأة فلسطينية منتجة، هذا إنجاز لكل المخرجين الذين يجاهدون لعمل فيلم مستقل، وهو أمر ليس هيناً ويواجه صعوبات عديدة، فأنا أعتبر حصولي على جائزة (فارايتي) كمنتجة مصدر فخر كبير لي، لأن عمل المنتجة في الأفلام المستقلة غير معروف بالقدر الكافي، حيث يتم الإنتاج بشكل عائلي، فالمخرجة ينتج لها زوجها، والمخرج تنتج له زوجته، لذلك فإن وجود منتجة من خارج العائلة يؤكد ظهور فرق تدعم بعضها بعضاً وتدفع بالمخرجين الجدد والمواهب الفلسطينية للوجود عالمياً.
ورغم أن فيلمها «200 متر» اقتنص جائزة الجمهور من مهرجان «فينسيا»، فإن مي عودة اعتبرت عرض الفيلم في مصر بمثابة امتحان، إذ كان يسيطر عليها الخوف والقلق قبل عرضه في الجونة، مشيرة إلى أن «رد فعل الجمهور كان خرافياً، حيث بدأ التصفيق قبل انتهاء الفيلم، لذلك أنا أنصح كل عربي أن يعرض فيلمه في مصر، لأن جمهورها متذوق للسينما».
وتعد مي عودة جائزة الجمهور في «فينيسيا» و«الجونة» من أهم الجوائز الفنية بهما لأنها تتم عن طريق تصويت الجمهور.
وتصف مي عودة رحلتها مع فيلم «200 متر» قائلة: «كانت رحلة عجيبة، فقد تقابلت وأمين نايفة عام 2012. إذ كنت أنتج فيلماً قصيراً للمخرجة راما مرعي، وكنا نبحث عن تقني يعمل معنا، كان أمين قد أنهى الحصول على درجة الماجستير في السينما وعاد إلى رام الله، وشارك كتقني معنا في الفيلم، ثم عمل مساعد مخرج ثانٍ لفيلم المخرج رشيد مشهراوي «فلسطين استريو» الذي كنت منتجة منفذة له، وخلال التصوير تحدث معي عن قصة فيلمه «200 متر».
وتشير مي عودة إلى أن «كل منتج عربي بشكل عام وفلسطيني بشكل خاص يعاني من مشكلة الإنتاج لأنه لا يوجد لدينا حكومات تمول إنتاج الأفلام مثلما الحال في المغرب وتونس، لذا تأخذ المشروعات وقتاً طويلاً، وتحايلات عديدة، نحن في الحقيقة نتحايل لإنجاز أفلامنا، وكنا نكتبه في الوقت الضائع، إذ لا بد أن نقوم بأشياء أخرى حتى نحصل على أموال تمكننا من الإنتاج كالخدمات الإنتاجية لأفلام أخرى، ونطرق الأبواب الأوروبية لأنها المصدر الوحيد الذي يمنح دعماً للأفلام العربية المستقلة، هذا أخذ وقتاً طويلاً وسبقناه بإنتاج فيلم قصير حتى ترى جهات التمويل قدرات المخرج، لأن فيلم «200 متر»، كان صعباً ولم يكن للمخرج تجارب سابقة، لذا أتوجه بالشكر لشركائنا.
إلى ذلك، تؤكد مي عودة أنها قررت ألا تكون «أنانية» لتنفذ أفلامها وحدها بعيداً عن دعم الشباب الموهوبين الذي يواجهون العديد من المصاعب وتقول: «أنتجت أكثر من فيلم وثائقي مثل (إجرين مارادونا)، الذي حصل على أربعين جائزة من عدة مهرجانات، ثم توالت أفلامي (أزرقاق، العبور، روشمي) لسليم أبو جبل الذي حصل أيضاً على عدد كبير من الجوائز، وحالياً أنهي تصوير فيلمين في مرحلة المونتاج هما (المنسي) لغادة تراوي، و(العارض الأخير) لأليكس بكري.
وقبل أن تختار أفلاماً لإنتاجها لا بد أن تصدق مي عودة السيناريو وترى فيه انعكاساً لحياة الشعب الفلسطيني: أنا أحب القصص النابعة من حكايات نعيشها فتكون مصدقة عندي وعند الجمهور، ليس بالضرورة أن تتناول أوضاعا مأساوية لكن لا بد أن تعكس واقعنا.
وترى مي عودة أن السينما الفلسطينية ذاخرة بالمواهب فكما قدمت مخرجين كباراً مثل ميشال خليفة وإيليا سليمان، رشيد مشهراوي، هاني أبو أسعد، فإنها تفرز كل يوم مواهب جديدة وكما تقول: «السينما عندنا كيف فلسطين ولادة بالمواهب، وأنا صرت منتجة حتى أقدر أعمل أكبر عدد من هذه القصص والسينما لدينا ليست ترفيه بل سلاح نحارب به».
وبرغم صعوبة تسويق الأفلام الوثائقية فإن مي عودة تواصل رحلتها معها ومع تجارب الشباب الجدد: «لا فرق عندي بين فيلم قصير أو طويل ولا بين وثائقي وروائي، القصة هي التي تحكم بغض النظر عن أن الوثائقي لا يستقبل على السجادة الحمراء، المهم أن نصل للجمهور ونؤثر فيمن يشاهده، بالنسبة لنا كفلسطينيين نحن مجبورون أن نحكى عن قصصنا».


مقالات ذات صلة

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.