«الصحة العالمية» تحذّر من التداعيات طويلة الأمد على الشباب المتعافين من الوباء

مستشفيات سويسرا تقترب من ذروة قدرتها الاستيعابية

مقاه وسط جنيف السويسرية قبل بدء الإغلاق (إ.ب.أ)
مقاه وسط جنيف السويسرية قبل بدء الإغلاق (إ.ب.أ)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من التداعيات طويلة الأمد على الشباب المتعافين من الوباء

مقاه وسط جنيف السويسرية قبل بدء الإغلاق (إ.ب.أ)
مقاه وسط جنيف السويسرية قبل بدء الإغلاق (إ.ب.أ)

حذّرت منظمة الصحة العالمية أمس (الأربعاء) من التداعيات طويلة الأمد للإصابة بـ«كوفيد - 19» بين الشباب والفئات غير الضعيفة، علما بأن معظم المصابين يتعافون بعد انقضاء فترة تتراوح بين أسبوعين وستة أسابيع على إصابتهم. وقال ناطق بلسان المنظمة إن بيانات كثيرة أظهرت في الأسابيع الأخيرة أن نسبة متزايدة من الشباب الذين يتعافون من الوباء يحملون عوارض وتداعيات مختلفة بعد أشهر من معافاتهم.
وأطلق مدير المستشفيات الجامعية في مدينة جنيف جيروم بوجان أمس (الأربعاء)، تحذيراً من التفاقم السريع الذي تشهده جميع الأقسام المخصصة لعلاج المصابين بـ«كوفيد - 19» من الطوارئ والعناية الأولية إلى وحدات العناية الفائقة. وقال: «إذا استمرّت وتيرة ارتفاع أعداد الإصابات الجديدة والحالات الخطرة على حالها فستصل هذه المستشفيات إلى ذروة قدرتها الاستيعابية قبل منتصف الشهر الجاري».
وكانت سويسرا بدأت يوم مساء الاثنين الماضي بتطبيق تدابير العزل التام في جميع أنحاء البلاد حتى نهاية هذا الشهر، وأقفلت جميع المتاجر والمقاهي والمطاعم ودور السينما والمسارح، ومُنعت التجمعات التي تزيد على 40 شخصاً في الأماكن العامة وعن خمسة أشخاص داخل المنازل. وأفادت السلطات الصحية الفيدرالية بأن عدد المصابين بالوباء الذين يحتاجون للعلاج في المستشفى تضاعف 10 مرات منذ منتصف الشهر الماضي، في حين أفادت منظمة الصحة العالمية بأن نسبة الإصابات قياساً بعدد السكان في كانتون جنيف تجاوزت النسبة التي تسجّلها بلجيكا التي تتصدّر حالياً الدول الأوروبية من معدلات انتشار الفيروس.
وأشار جيروم بوجان إلى أن المستشفيات الجامعية ستبدأ في الأيام المقبلة بتنفيذ برنامج من أجل «غربلة» المصابين بـ«كوفيد - 19» قبل إحالتهم إلى العلاج في وحدات العناية الفائقة، وذلك من «باب الحرص على إنقاذ أكبر عدد ممكن من الحالات الخطرة بتوفير أفضل العناية والعلاج من جهة، وعدم إطالة المعاناة للحالات التي يعتبرها الأخصائيون ميؤوسة من جهة أخرى». وأضاف «لم يسبق للمستشفيات السويسرية أن واجهت مثل هذا الوضع الذي لا يحصل عادة إلا في حالات الحرب أو الكوارث الطبيعية الكبرى»، داعياً إلى «توفير المواكبة النفسيّة لأفراد الطواقم الطبية والتمريضية الذين يعملون في هذه الظروف ويتحملّون مسؤوليات لم يتدرّبوا على مواجهتها». وطالب أيضا بوضع خطة عاجلة لتأهيل ممرضين متخصصين في العناية الفائقة بعد لجوء جميع المستشفيات إلى زيادة عدد الأسرة في هذه الوحدات التي تقتضي مهارات ليست متوفرة عموماً لدى الهيئات التمريضية.
وفي إيطاليا عادت بعض مشاهد الموجة الأولى تتكرر في أقاليم الشمال وبعض الأقاليم الجنوبية ومنطقة العاصمة روما، حيث تنتظر سيارات الإسعاف ساعات طويلة أمام المستشفيات لشغور أسرة في الأقسام المخصصة لعلاج المصابين بـ«كوفيد - 19»، فيما يستمرّ ارتفاع عدد الحالات التي تعالج في وحدات العناية الفائقة وعدد الوفيات لليوم الخامس على التوالي.
ولا تزال الحكومة الإيطالية تقاوم فكرة الإقفال التام الذي تلحّ الأوساط العلمية في المطالبة به وتناشد الأطراف السياسية الكفّ عن استغلال الجائحة في صراعاتها وتوحيد المواقف استعداداً لمرحلة تنذر بصعوبة تتجاوز ما شهدته البلاد في الربيع الفائت. وأمام الانقسام الحاد في المشهد السياسي وانقطاع التواصل بين الحكومة والمعارضة، اجتمع أمس رئيس الجمهورية سرجيو ماتّاريلّا برئيسي مجلسي الشيوخ والنواب لمناقشة الوضع السياسي والأمني المتأزم، ودعا إلى تشكيل مائدة برلمانية دائمة للحوار حول إدارة الأزمة وتحييدها عن الصراعات السياسية.
وكانت الخطة الأخيرة التي وضعتها الحكومة لإدارة هذه المرحلة من الأزمة الصحية قد أثارت موجة من الانتقادات في أوساط السلطات الإقليمية التي رأت فيها تعقيدات كثيرة وصعوبة في تطبيقها، وانتقاصا من صلاحياتها مع تحميلها مسؤوليات القرارات النهائية التي تتخذها الحكومة المركزية. وتنصّ الخطة على توزيع المناطق الجغرافية إلى ثلاث فئات، خضراء وبرتقالية وحمراء، حسب مستوى خطورة المشهد الوبائي فيها استناداً إلى عدد الإصابات لكل 100 ألف مواطن، وتشديد تدابير الوقاية والقيود على التنقّل في المناطق البرتقالية، وفرض الإقفال التام على المناطق الحمراء وعزلها بشكل تام عن محيطها.
ويخوض وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا معركة ضد حكّام الأقاليم الذين يرفضون فرض تدابير الإقفال التام على مناطقهم، خاصة في إقليمي لومبارديّا وكامبانيا اللذين يسجّلان أعلى معدلات الانتشار ويواجهان منذ أيام موجة من الاحتجاجات ضد تدابير الإقفال أسفرت عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن وتخللتها أعمال شغب أدت إلى وقوع خسائر مادية كبيرة.
وظهر أمس أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي فرض حظر التجوّل من العاشرة ليلاً إلى الخامسة فجراً في جميع أنحاء البلاد اعتباراً من غد الخميس حتى الثالث من الشهر المقبل، كما أعلن إقفال المراكز التجارية خلال نهاية الأسبوع.
وفيما سجّلت ألمانيا تراجعاً في عدد الإصابات اليومية، انخفض أيضا عدد الإصابات الجديدة في بلجيكا لكن مع تزايد ملحوظ في عدد الحالات التي تستدعي العلاج في المستشفى.
وإذ سجّلت روسيا وأوكرانيا وبولندا وبلغاريا أرقاماً قياسية جديدة في عدد الإصابات الجديدة، أعلنت السلطات التشيكية أنها ستجري فحوصات أسبوعية لجميع نزلاء مراكز العناية بالمسنّين، وفرضت حظر التجول الليلي في جميع أنحاء البلاد وإقفال المدارس والمقاهي والمطاعم وجميع الأماكن الترفيهية. وتجدر الإشارة إلى أن تشيكيا تسجّل ثاني أعلى نسبة لانتشار الوباء في أوروبا بمعدّل 1586 إصابة لكل 100 ألف مواطن.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.