اجتماع وزاري لبحث خلافات «سد النهضة» بعد فشل الخبراء في التوافق

بحضور مراقبين من الاتحادين الأفريقي والأوروبي والولايات المتحدة

وزراء الري لدول السودان ومصر وإثيوبيا خلال مباحثاتهم حول القضايا العالقة بخصوص سد النهضة (أ.ف.ب)
وزراء الري لدول السودان ومصر وإثيوبيا خلال مباحثاتهم حول القضايا العالقة بخصوص سد النهضة (أ.ف.ب)
TT

اجتماع وزاري لبحث خلافات «سد النهضة» بعد فشل الخبراء في التوافق

وزراء الري لدول السودان ومصر وإثيوبيا خلال مباحثاتهم حول القضايا العالقة بخصوص سد النهضة (أ.ف.ب)
وزراء الري لدول السودان ومصر وإثيوبيا خلال مباحثاتهم حول القضايا العالقة بخصوص سد النهضة (أ.ف.ب)

يعقد وزراء الموارد المائية في السودان ومصر وإثيوبيا، اليوم (الأربعاء) اجتماعاً لبحث نتائج اجتماعات الخبراء والفنيين، المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، والذي تواصل طوال يومي أول من أمس وأمس لتقديم مقترحات بشأن القضايا العالقة بين الدول الثلاث. وكان مقرراً أن ينعقد اجتماع وزراء المياه والري في الدول الثلاث غداً (الخميس)، بيد أن الاجتماع تم تقديمه لليوم، بناءً على توصية من اجتماع الخبراء والفنيين، الذي أنهى مشاورات جولته الأخيرة أمس.
وأبلغ مصدر «الشرق الأوسط»، أن اجتماع الخبراء «فشل» مساء أمس في التوصل إلى توافق بشأن القضايا العالقة بين الدول الثلاث؛ ما استدعى تقديم اجتماع وزراء المياه والري لليوم، بدلاً عن الخميس للتوافق على ما تم التوصل إليه بين مجموعة الخبراء.
وبحث اجتماع الخبراء الفنيين والقانونيين من الدول الثلاث، الذي انعقد اليومين الماضيين، كيفية الخروج بالمفاوضات من انسداد الأفق بشأن القضايا العالقة بين الدول الثلاث على ملء وتشغيل سد النهضة.
وبحسب المصدر، فإن اجتماع الخبراء والفنيين وصل هو الآخر إلى طريق مسدودة، ولم يدلِ المجتمعون بأي تصريحات عقب الاجتماع، بانتظار اجتماع وزراء الري اليوم.
وينتظر أن يشارك في اجتماع اليوم مراقبون من الاتحادين الأفريقي والأوروبي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية للوصول إلى توافق يبدد مخاوف دولتي المصب (السودان ومصر)؛ ولذلك تطالبان بتوقيع اتفاقية «ملزمة قانوناً»، تحكم تدفق المياه، وآلية قانونية لحل الخلافات، قبل البدء في تشغيل السد، وهو ما ترفضه إثيوبيا.
واقترح السودان منذ العودة للتفاوض التوافق على طريقة عمل الخبراء في تقريب وجهات النظر والمواقف، وطريقة تفاوض جديدة، في حين تتمسك مصر باعتماد مقررات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في أغسطس (آب) الماضي، المتعلقة بالاتفاق الملزم قانوناً، وآلية قانونية لحسم الخلافات.
في غضون ذلك، تلقت مصر دعماً أوروبياً جديداً، بتأكيد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تطلعها إلى «التوصل لحل للنزاع المائي حول السد يحقق مصالح الأطراف كافة، في أقرب وقت ممكن».
وناقشت ميركل في اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس، تطورات الموقف الحالي للنزاع. ووفق بيان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، فإن السيسي أكد «استمرار مصر في إيلاء هذا الموضوع أقصى درجات الاهتمام في إطار الدفاع عن مصالح الشعب المصري ومقدراته».

ومن جانبها، أعربت المستشارة الألمانية عن تطلعها إلى التوصل لحل يحقق مصالح مصر والسودان وإثيوبيا، في أقرب وقت ممكن.
وتجري المحادثات يومياً منذ (الأحد) الماضي، بحضور الخبراء الفنيين والقانونيين للدول الثلاث؛ لبحث آلية استكمال المفاوضات خلال الفترة المقبلة. وعلى مدار تلك الجلسات قدمت مصر رؤيتها ومطالبها، التي تشمل تنفيذ مقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في أغسطس الماضي، بالتوصل إلى اتفاق قانوني ومُلزم حول ملء وتشغيل السد، بما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويؤمّن مصالحها المائية.
في السياق ذاته، بحث وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي، أمس، مع ممثلي بنك الإعمار الأوروبي سبل التعاون في مجالات المياه.
واستعرض عبد العاطي خلال اللقاء حجم التحديات المائية التي تواجهها مصر، واستراتيجية الدولة للتعامل معها، عبر مشروعات عدة، منها معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي لسد الفجوة المائية. كما جرى مناقشة قضية «سد النهضة» الإثيوبي، واستعرض عبد العاطي الموقف الحالي المتعثر للمفاوضات، وحرص الجانب المصري للوصول لحل عادل ومتوازن ومستدام يحقق المصلحة المشتركة، كما تم التأكيد على توافر الرغبة للوصول إلى اتفاق حتى يتم دعم المشروعات التنموية في الدول الثلاث.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.