تهاوي قطاع الصحة في اليمن يرفع معدلات سوء تغذية الأطفال

يمنية تحمل رضيعها الذي يعاني سوء التغذية (أ.ف.ب)
يمنية تحمل رضيعها الذي يعاني سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

تهاوي قطاع الصحة في اليمن يرفع معدلات سوء تغذية الأطفال

يمنية تحمل رضيعها الذي يعاني سوء التغذية (أ.ف.ب)
يمنية تحمل رضيعها الذي يعاني سوء التغذية (أ.ف.ب)

في الوقت الذي لا تزال فيه معظم المدن الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية تشهد تفشياً لأمراض وأوبئة خطيرة عدة كالكوليرا وحمى الضنك والملاريا والدفتيريا وشلل الأطفال و«كوفيد – 19»، كشفت مصادر طبية يمنية عن ارتفاع كبير في معدلات سوء التغذية ونقص الوزن لدى الأطفال دون سن الخامسة، خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة.
ولفتت المصادر إلى أن سوء التغذية ونقصها بات من أبشع الأزمات الحياتية التي نجمت عن الحرب العبثية التي أشعلتها الجماعة الحوثية منذ صيف 2014، وتخلّلتها الكثير من الجرائم والانتهاكات. وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه «مع ارتفاع سوء التغذية الحاد تزداد مخاطر تعرض الأطفال للوفاة، كما يؤثر ذلك سلباً على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية، وبالتالي يسبب انخفاض إنتاجيتهم عند دخولهم سوق العمل في المستقبل؛ ولذلك بات سوء التغذية خطراً محدقاً بحياة الأطفال اليمنيين».
وعلى وقع استمرار التدمير والعبث الممنهج من قبل الانقلابيين بالقطاع الصحي، ونهبهم المساعدات الإغاثية والطبية، وتسبب ذلك في تفشي أمراض وأوبئة عدة، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن نصف أطفال اليمن يعانون سوء التغذية المزمن. وأضاف، أن اليمن يواجه نقصاً حاداً في الأغذية، ويعاني فيه نصف الأطفال من سوء التغذية المزمن.
وأشار البرنامج في أحدث بياناته إلى أن أكثر من 5 سنوات من الحرب «تسببت في تفاقم أزمات متعددة للسكان الذين يعانون أصلاً من انعدام الأمن الغذائي».
وفي السياق ذاته، كشفت منظمة الصحة العالمية في بيان حديث لها، عن أن محافظة الحديدة الواقعة أجزاء منها تحت سيطرة الميليشيات سجلت أخيراً أعلى معدلات في سوء التغذية، ونقص الوزن للأطفال، دون سن الخامسة، الذين تم فحصهم خلال أغسطس (آب) 2020.
وأكدت المنظمة رصدها معاناة نحو 7 ملايين و400 ألف شخص من سوء التغذية في مختلف أنحاء اليمن، بينهم مليونا طفل دون سن الخامسة، ومليون و100 ألف امرأة حامل ومرضع. وقالت، إن الرضاعة الطبيعية الخالصة للأطفال في محافظة الحديدة عند مستويات منخفضة، بشكل ينذر بالخطر، حيث لا يرضع 81 في المائة من الأطفال هناك من أمهاتهم. ولفتت إلى أنها فحصت أكثر من 23 ألفاً و471 طفلاً دون سن الخامسة في اليمن للكشف عن جميع أشكال سوء التغذية خلال الفترة المذكورة.
وعزا أطباء متخصصون بالتغذية في الحديدة لـ«الشرق الأوسط» أسباب تسجيل المحافظة أعلى معدلات سوء التغذية، إلى «السلسلة الطويلة من الجرائم الحوثية المرتكبة بحق المواطنين والسكان في المحافظة، ومن بينها إعاقة تشغيل برنامج التغذية الخاص، وكذا وصول المساعدات وحملات التطعيم، إلى جانب تعسفاتها واعتداءاتها المتكررة التي أضعفت من قدرتهم على البحث عن لقمة العيش لأسرهم».
على صعيد متصل، كشفت منظمة الأمم المتحدة في دراسة تحليلية لها عن ارتفاع حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون الخامسة في اليمن إلى أعلى مستويات مع تسجيل أكثر من نصف مليون حالة في مديريات يمنية عدة.
وكشفت الدراسة التي شملت 133 مديرية يمنية، يعيش فيها 1.4 مليون طفل ممن هم دون الخامسة، عن زيادة تقارب 10 في المائة في حالات سوء التغذية الحاد في عام 2020. وأشارت إلى أن أعلى زيادة في حالات الإصابة كانت لدى الأطفال الصغار المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 15.5 في المائة خلال عام 2020؛ الأمر الذي من شأنه أن يعرّض ما لا يقل عن 98 ألف طفل دون الخامسة لخطر الموت إن لم يتلقوا العلاج بصورة عاجلة لسوء التغذية الحاد الوخيم.
وأوضحت أن ما لا يقل عن ربع مليون امرأة حامل أو مرضع في حاجة إلى الحصول على علاج لسوء التغذية، في حين يحذر خبراء الأمم المتحدة من أن العدد الفعلي للحالات يفوق ذلك على الأرجح إثر تفاقم العوامل المسببة لسوء التغذية في اليمن.
ولفتت إلى أن «اليمن يعاني منذ فترة طويلة من واحد من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم. وحتى اللحظة، كان للتدخلات الإنسانية لعلاج سوء التغذية والوقاية منه، وتقديم المساعدات الغذائية الطارئة، دور في الحيلولة دون حدوث تدهور أكثر حدة».
وكان برنامج الغذاء العالمي أكد في وقت سابق، أن معدلات سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن من أعلى المعدلات في العالم. وشدد على أن أكثر من مليوني طفل يمني يحتاجون إلى الدعم الغذائي للبقاء على قيد الحياة.
وفي حين أدّت الجرائم والانتهاكات الحوثية بحق اليمنيين إلى تفشٍ مرعب للفقر والجوع والمرض، كان «وزير الصحة» بحكومة الانقلابيين المدعو طه المتوكل، اعترف في وقت سابق بأن نحو 350 طفلاً في مناطق سيطرة جماعته يموتون يومياً بسبب سوء التغذية الحاد والأمراض المصاحبة له.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية كشف في وقت سابق، عن معاناة نحو مليوني طفل في اليمن من سوء التغذية. ولفت إلى أنه في ظل تهديد «كورونا» للنظام الصحي، باتت هناك حاجة ماسة إلى تمويل عاجل لإنقاذ هؤلاء الأطفال.


مقالات ذات صلة

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

صحتك الأحماض الدهنية توجد بشكل طبيعي في عدة مصادر غذائية (الجمعية البريطانية للتغذية)

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

كشفت دراسة أجرتها جامعة جورجيا الأميركية عن أن الأحماض الدهنية «أوميغا-3» و«أوميغا-6» قد تلعب دوراً في الوقاية من 19 نوعاً مختلفاً من السرطان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الزواج يقلل احتمالية الإصابة بالاكتئاب (رويترز)

دراسة: المتزوجون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص غير المتزوجين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 80 في المائة مقارنة بالمتزوجين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يلعب الضوء دوراً كبيراً في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية (رويترز)

كيف يؤثر الضوء على صحتك العقلية؟

للضوء دور كبير في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية. ولهذا السبب يميل كثير منا إلى الشعور بمزيد من الإيجابية في فصلَي الربيع والصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الدراسة وجدت أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من درجة حرارة غير المصابين بالمرض (رويترز)

دراسة تكشف عن وجود علاقة بين الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم

كشفت دراسة علمية جديدة أن درجة حرارة الجسم لدى المصابين بالاكتئاب تكون أعلى من تلك الخاصة بغير المصابين بالمرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك نقضي ما يقرب من ثلث حياتنا في النوم ومع ذلك لا يزال كثير منا لا يعرف كيفية القيام بذلك بشكل صحيح (أرشيفية - رويترز)

لهذه الأسباب نحتاج إلى الضوضاء لنتمكن من النوم

هناك عدة أسباب قد تجعلنا نحتاج أو نريد الضوضاء للنوم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».