«دستور الجزائر الجديدة» يمر بأضعف مشاركة منذ الاستقلال

نسبة التصويت لم تتجاوز 23.7 %

رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» خلال إعلان نتائج الاستفتاء في مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس (أ.ف.ب)
رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» خلال إعلان نتائج الاستفتاء في مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

«دستور الجزائر الجديدة» يمر بأضعف مشاركة منذ الاستقلال

رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» خلال إعلان نتائج الاستفتاء في مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس (أ.ف.ب)
رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» خلال إعلان نتائج الاستفتاء في مؤتمر صحافي بالعاصمة أمس (أ.ف.ب)

أعلن رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» الجزائرية محمد شرفي، أمس، موافقة الناخبين على الدستور الجديد للبلاد، في الاستفتاء الذي جرى الأحد وبلغت نسبة المشاركة فيه 23.7 في المائة.
وقال شرفي في مؤتمر صحافي في العاصمة الجزائرية، أمس، إن عدد المصوتين في استفتاء الدستور الذي جرى الأحد بلغ 5.6 مليون من أصل 24.4 مليون مسجل على لائحة الناخبين، بينما وصل عدد الأصوات الملغاة إلى 633 ألفاً، في حين كان عدد المؤيدين للوثيقة القانونية (ورقة نعم) 3.3 مليون، أي ما يعادل 66.8 في المائة. أما عدد الأصوات الرافضة للدستور، فبلغ 1.6 مليون، أي نسبة 33.2 في المائة.
وتعد نسبة المشاركة المسجلة أول من أمس هي الأضعف قياساً إلى كل الاستفتاءات التي نظمتها البلاد منذ الاستقلال، حيث أدلى أقل من واحد من كل أربعة ناخبين مسجلين بأصواتهم، وهي أقل نسبة مشاركة في الجزائر على الإطلاق، حيث عارض كثيرون في «الحراك الشعبي» الاستفتاء الذي أجري في خضم جائحة كورونا.
ورفض شرفي التعليق سياسياً على النتائج ودلالاتها، واكتفى بالقول إنه يقود هيئة فنية، وإن أسئلة الصحافيين التي طرحت عليه، والتي تعلقت بتداعيات نسبة التصويت على «شرعية» الرئيس المنتخب «ينبغي أن توجه للسياسيين وأصحاب الشأن».
وأكد شرفي أن الجزائر «اكتسبت دستوراً حلالاً، واكتسبت من قبل رئيساً حلالاً»، في إشارة إلى أن الدستور الجديد وليد اقتراع لم يطله التزوير، على عكس الاستحقاقات التي نظمت في العقود السابقة، والتي شابها تزوير، حسبه. كما عد شرفي أيضاً أن «الرئاسية» التي جرت العام الماضي كانت بمنأى عن التلاعب بنتيجتها. وقال بهذا الخصوص: «في الماضي، كانت معدلات المشاركة في الاستحقاقات مثيرة للضحك، ولم تكن تدل على الديمقراطية».
يشار إلى أن «سلطة الانتخابات» تشرف لثاني مرة على عملية الانتخابات، وذلك منذ إنشائها العام الماضي. وكان شرفي قد صرح في وقت سابق بأن رهانها في الاستفتاء الدستوري «هو دفع أكبر عدد من الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم».
وقال الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، أمس، إن نسبة التصويت في الاستفتاء «تعكس حجم الرفض للدستور، وتسقط مصداقيته، وتفقد شرعيته السياسية والشعبية».
ورأى معارضون أن النتيجة التي أسفرت عنها الاستشارة الشعبية «تعد فشلاً ذريعاً للرئيس عبد المجيد تبون شخصياً» الذي يوجد منذ أيام في رحلة علاج بالخارج.
وأكدت «حركة مجتمع السلم» التي تزعمت فريق الأحزاب المطالبة بالتصويت بـ«لا» على الدستور، في بيان، أن «جبهة الرفض واحدة، وهي جبهة واسعة جداً فاقت 85 في المائة في هذا الاستفتاء، وهي مدعوة بمختلف تنوع تعبيرها ومواقفها إلى العمل معاً من أجل التغيير السياسي السلمي الفاعل». ووضع الحزب مقاطعي الاستفتاء ورافضي الدستور بورقة «لا» في خندق واحد.
وجاء في البيان أيضاً أن نتيجة الاستفتاء «تؤكد فشل مشاريع السلطة الحاكمة، وعدم قدرتها على تحقيق التوافق الوطني حول الدستور، كما تم الإعلان عنه، بما يحفظ البلد من المخاطر الحقيقية التي تهدده»، مشيراً إلى أن الحزب الإسلامي «يحيي المواطنين الذين صوتوا بـ(لا)، وأظهروا إمكانية المقاومة والصمود، رغم التضييق الشديد والمنع التعسفي للقيام بالحملة لصالح (لا)، ومختلف أنواع الإرباك والتآمر التي سلطت عليها. والحركة تدعو الجميع إلى القراءة الصحيحة للنتائج المعلنة، وآثارها على استقرار البلد، والتأمل في خطورة الوضع، والسعي الجاد لبناء الثقة، وتجسيد الإرادة الشعبية الفعلية، وتحقيق الانتقال الديمقراطي الحقيقي، عبر توافق وطني جامع يجنب البلاد المخاطر، ويحمي الوحدة الوطنية، ويضمن الاستقرار والتنمية والازدهار».
وبحسب مراقبين، فقد أظهر الرئيس تبون، صاحب المشروع، «سذاجة سياسية» في طلب تأييد الجزائريين لدستوره، بينما خرج لتوه من انتخابات رئاسية مرفوضة شعبياً، زيادة على تنظيم الاستفتاء في ظروف غير ملائمة، ميزتها أزمة صحية خطيرة، وحملة اعتقالات واسعة وسط نشطاء «الحراك الشعبي» بسبب مواقفهم الرافضة للاعتراف بتبون رئيساً، وبسياساته ومشروعاته، ومن ضمنها الدستور.
ويرجح قطاع من الملاحظين احتمال أن يسقط الرئيس الدستور بالنظر لنتيجة الاستفتاء، بعد أن كان قد بنى استراتيجية حكمه كلها عليه، خاصة أنه صرح عدة مرات بأن «الجزائر الجديدة» التي يريدها تبدأ بتعديل الدستور. غير أن احتمال إلغاء المشروع يبقى ضعيفاً، خاصة مع المشكلات الصحية التي تواجهه، والتي يعتقد أنها ستبعده عن الشأن العام مدة طويلة.
وفي سياق ذلك، أشاد أعضاء بارزون في الحراك بالعزوف عن المشاركة، ووصفوه بأنه هزيمة لاستراتيجية الحكومة.
وقال مصطفى بوشاشي، المحامي الناشط في مجال حقوق الإنسان: «أتمنى أن يعي الرجال والنساء داخل النظام هذا الدرس، ويقوموا بما عليهم للاستماع لمطالب الشعب الذي يريد دستوره ومؤسساته الخاصة».
وتشمل التغييرات التي جرت الموافقة عليها في الاستفتاء تحديد فترة الرئاسة، ومنح صلاحيات جديدة للبرلمان والقضاء، بالإضافة إلى بند للسماح للجيش بالتدخل خارج الحدود الجزائرية.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.