«بأول شتوة» يذكر اللبنانيين بانفجار مرفأ بيروت

برق ورعد في سماء لبنان
برق ورعد في سماء لبنان
TT

«بأول شتوة» يذكر اللبنانيين بانفجار مرفأ بيروت

برق ورعد في سماء لبنان
برق ورعد في سماء لبنان

حال من الرعب أصابت اللبنانيين، مساء أول من أمس (الأحد)، عندما استيقظوا بعيد منتصف الليل على أصوات البرق والرعد. فالطقس الرديء الذي توقعه مركز الرصد الجوي في مطار بيروت، وكانوا ينتظرونه بداية لموسم الشتاء شكّل لهم صدمة نفسية. وبلغت قوة صوت الرعد أوجها، مسبوقة بلمعان البرق، مضيئاً سماء المدينة، إلى حدّ استذكر معه اللبنانيون انفجار 4 أغسطس (آب) الفائت.
ويحدث الرعد فيزيائياً نتيجة ارتفاع مفاجئ في الضغط ودرجة الحرارة، في وسط الهواء المحيط بسبب حدوث البرق. هذا التمدد يشكل بدوره موجات صدمة صوتية تتمثل بصوت الرعد. فاللبنانيون الذين كانوا يمضون عطلة نهاية الأسبوع في مناطق جبلية أو على شاطئ البحر في ظل شمس ساطعة وطقس جيّد، لم يتوقعوا أن تتبدّل الحال مساء بهذا الشكل وتتسبب لهم بهلع. وأدّى استيقاظ اللبنانيين في ساعة متأخرة من الليل إلى إصابتهم بالأرق.
وحالة الطقس الرديئة سرقت النوم من عيونهم ومعها تصدّر ترند «بأول شتوة» مواقع التواصل الاجتماعي. فراحوا يعبرّون من خلاله في ساعة متأخرة من الليل عما أحدثت حالة الطقس الرديئة لديهم وكيف يتلقفونها. ويقول رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت مارك وهيبة، سيبقى الطقس السيئ مسيطراً على لبنان لغاية ليل الأربعاء - الخميس. ويوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «موقع لبنان الجغرافي يسهم في حصول برق ورعد، ولا سيما على ساحله. فهو يندرج على لائحة البلدان ذات الطقس غير المستقر عندما تكون هناك حرارة مرتفعة على الطبقات المنخفضة وتتجمع فوق سطح البحر. وهذه الكتل الهوائية الساخنة عندما تلتقي كتل هواء منخفضة تتسبب في حصول البرق والرعد لأنّها تصطدم بجبال لبنان».
وعمّا إذا في الإمكان تقدير قوة الصوت الصادرة عن حالة الرعد والبرق، يقول: «ليس هناك من مقياس لها كون صوتها يسمع بشكل واضح إذا ما كنا في منطقة قريبة منها نستطيع خلالها رؤية البرق. أمّا إذا كنا بعيدين عن هذه المشهدية فصوت الرعد يصلنا خفيفاً ومنخفضاً».
وأكد وهيبة في سياق حديثه أن حالة الطقس السيئة التي يعيشها لبنان مع بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) هي طبيعية، وسبق أن رافقتنا في السنوات الماضية.
«لم يغمض لي جفن» و«ما شفت النوم» و«ارتعبت من أصوات الرعد» وغيرها من العبارات المشابهة، كانت بمثابة التحية الصباحية التي خيّمت على أحاديث اللبنانيين صباح أمس (الاثنين). فغالبيتهم أصابهم الأرق، ولا سيما أنّ بعض المناطق تعرّضت لانقطاع في التيار الكهربائي، وكذلك لخدمة الإنترنت ومحطات الكابلات. وتكثّفت التعليقات عن أحوال الطقس في ساعة متأخرة من الليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان أول المغردين عن هذا الموضوع نحو الثالثة فجراً الإعلامي والممثل اللبناني جيري غزال، إذ غرّد يقول: «كتير مستفزّ اللي صار معي، صوت كتير قوي وغريب حصل. وما قدرت أعرف وين الضربة تحديداً... تخيلت طيارة أو صاروخ، وبالسما شهب نار ونزلت عالعاصمة. نسيت أنو في حياة طبيعية ماشية حدّ حياة الرعب اللي عايشينا».
وكتب الناشط أمير إثر قراءته التغريدات الكثيفة على موقع «تويتر» من جراء حالة الطقس: «جيد أنني لست الوحيد المستيقظ في هذه الساعة من الليل، فالجميع مثلي أقلقه دوي الرعد». أما الإعلامي يزبك وهبي فغرّد يقول: «أحلى شي ريحة التراب وأبشع شي طوفان الشوارع». ومن التغريدات التي تعبّر عن ربط أصوات الرعد بانفجار بيروت، واحدة تقول: «بأول شتوة مع صوت الرعد في رعب جواتنا عم بلاحقنا من وقت الانفجار».
واستذكر البعض أهالي مناطق مار مخايل والكرنتينا وغيرها الذين يعيشون في بيوت من دون أسقف أو نوافذ وأبواب، وغرّدت إحداهنّ تقول: «بأول شتوة في ناس ما عندها بيوت ولا شبابيك... في ناس تشردوا بعد الانفجار ولن يتحملوا فصل الشتاء... زعماؤكم رح يكونوا مدفايين وأنتو عم تركضوا لتشتروا مازوت بأسعار خيالية».
وكانت مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت قد وزّعت نشرة الطقس مساء الأحد، تعلم فيها اللبنانيون عن تأثّر لبنان بالحوض الشرقي للمتوسط من خلال منخفض جوي متمركز شمال تركيا، يؤدي إلى طقس متقلب وماطر. وذكرت أن المعدل الوسطي لدرجات الحرارة لشهر نوفمبر على الساحل ستتراوح بين 20 و25 درجة مئوية على الساحل. كما توقعت أن تستمر حالة الطقس على ما هي عليه يومي الثلاثاء والأربعاء. فيكون الطقس غائماً جزئياً إلى غائم مع انخفاض محدود بدرجات الحرارة وضباب على المرتفعات. تتساقط أمطار خفيفة متفرقة من المتوقع أن تشتدّ محلياً مع حدوث برق ورعد ورياح ناشطة. وبحسب مصلحة الأرصاد الجوية، فإن الأربعاء سيكون الطقس غائماً إجمالاً، مع استمرار درجات الحرارة بالانخفاض. ويتشكل الضباب على المرتفعات وتتساقط أمطار متفرقة تشتد اعتباراً من بعد الظهر، مترافقة بعواصف رعدية ورياح ناشطة واحتمال تساقط زخات من البرد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».