الاقتصاد البريطاني يواجه آثاراً «مدمرة» لأي إغلاق جديد

المديرة العامة لاتحاد شركات الأعمال البريطانية كارولين فيربيرن (أ.ف.ب)
المديرة العامة لاتحاد شركات الأعمال البريطانية كارولين فيربيرن (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني يواجه آثاراً «مدمرة» لأي إغلاق جديد

المديرة العامة لاتحاد شركات الأعمال البريطانية كارولين فيربيرن (أ.ف.ب)
المديرة العامة لاتحاد شركات الأعمال البريطانية كارولين فيربيرن (أ.ف.ب)

حذَّر اتحاد شركات الأعمال البريطانية، اليوم الاثنين، من أن إعادة فرض إجراءات الإغلاق في إنجلترا يمكن أن تُغرق البلاد مجدداً في الركود، وتمثل تهديداً «مدمراً حقاً» للاقتصاد البريطاني الذي ألحق به «كوفيد- 19» ضرراً كبيراً.
ووجهت المديرة العامة للاتحاد كارولين فيربيرن التي تستعد لترك منصبها، كلمة مثيرة للقلق في افتتاح المؤتمر السنوي لكونفيدرالية الأعمال المنعقد عبر الإنترنت هذا العام، قبل أيام قليلة من بدء تنفيذ إغلاق جديد في البلاد، الخميس، بهدف وقف الانتشار السريع للفيروس.
وأعربت فيربيرن عن أسفها لغياب رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون الذي تشهد علاقاته توتراً مع عالم الأعمال عن المؤتمر، بعد أن اعتذر عن عدم المشاركة في اللحظة الأخيرة، لأنه من المقرر أن يتحدث خلال اليوم أمام البرلمان. وفي النهاية مثله الوزير المكلف الاتصال مع الشركات ألوك شارما.
وقالت فيربيرن: «من المؤسف أن رئيس الوزراء لم ينضم إلينا... نأمل أن نتمكن من سماعه» قبل نهاية المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويتعين على خليفتها توني دانكر أن يجعل إعادة بناء أواصر الثقة مع الحكومة من أولوياته، بعد سنوات من التوتر بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
خلال المؤتمر، وجه زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر انتقادات حادة لأسلوب تعامل الحكومة مع الأزمة الصحية، وقال إنه يقف إلى جانب الشركات. وقال ستارمر: «لم يتعلموا... لم يصغوا... ولم يقودوا... النتيجة مأسوية، لكنها متوقعة للغاية»، متهماً الحكومة بأنها تأخرت كثيراً في اتخاذ إجراءات لاحتواء الفيروس.
وتأتي القيود الجديدة التي تشمل إغلاق الحانات والمطاعم والمحلات التجارية غير الأساسية على الأقل حتى بداية ديسمبر (كانون الأول)، في أسوأ الأوقات؛ خصوصاً بالنسبة لشركات التوزيع، إذ إن الشهرين الأخيرين من العام يكونان الأكثر ازدحاماً تقليدياً مع تخفيضات يوم «البلاك فرايداي» ثم عيد الميلاد.
وتحدث اتحاد تجار التجزئة البريطانيين عن «كابوس ما قبل عيد الميلاد». وقالت مديرته العامة هيلين ديكنسون: «سيلحق هذا أضراراً لا تُوصف بالمحلات التجارية في مراكز المدن، وبالوظائف، وسيؤخر تعافي الاقتصاد، مع تأثير ضئيل على انتقال عدوى الفيروس».
في مواجهة هذه الصدمة الجديدة للاقتصاد، قررت الحكومة على الفور تمديد آلية تعويض البطالة على نحو جزئي لمدة شهر واحد، حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، والتي تدفع بموجبها الدولة غالبية أجور العاملين المحرومين من العمل.
لكن فيربيرن تطالب «بمزيد من الوضوح بشأن الجدول الزمني»، تخوفا من موجة جديدة من إلغاء الوظائف بمجرد سحب الآلية.
وتتجه الأنظار حالياً إلى «بنك إنجلترا» الذي من المقرر أن يكشف نتائج اجتماع السياسة النقدية (الخميس). ويمكن أن تعزز المؤسسة النقدية برنامج إعادة شراء الأصول من أجل دعم الاقتصاد وطمأنة الأسواق، مع الاستمرار في التفكير في إقرار معدلات الفائدة السلبية.
ولن يكون الوباء الموضوع الوحيد على قائمة مناقشات مؤتمر أصحاب الشركات الذين يشعرون بالقلق من تباطؤ المفاوضات بين لندن وبروكسل، بشأن العلاقة بعد «بريكست».
فقد دعت فيربيرن مجدداً إلى الإسراع في إبرام اتفاق مع الاتحاد الأوروبي. وقالت: «نحن في أمسِّ الحاجة إليه» من أجل تجنب حدوث صدمة مزدوجة للاقتصاد.
وأياً يكن، من المرجح أن يشهد الاقتصاد البريطاني نهاية صعبة هذا العام، مع انخفاض النشاط الاقتصادي في نوفمبر بسبب تدابير الاحتواء، ما من شأنه أن يؤدي إلى انتكاسة في الربع الأخير، بعد انتعاش سُجل في الصيف.
ويشير اقتصاديو «دويتشه بنك» إلى أن «العواقب على النمو ستكون كبيرة» متوقعين انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بما بين 6 و10 في المائة في نوفمبر، وانكماشاً «مرجحاً» خلال الربع الأخير.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).