إقبال متفاوت بين المناطق في الاستفتاء على دستور «الجزائر الجديدة»

معاقل المعارضة التقليدية قاطعت... والسلطات تراهن على مشاركة عالية

جزائري يخضع لقياس درجة الحرارة قبل الإدلاء بصوته بخصوص الدستور الجديد في العاصمة أمس (رويترز)
جزائري يخضع لقياس درجة الحرارة قبل الإدلاء بصوته بخصوص الدستور الجديد في العاصمة أمس (رويترز)
TT
20

إقبال متفاوت بين المناطق في الاستفتاء على دستور «الجزائر الجديدة»

جزائري يخضع لقياس درجة الحرارة قبل الإدلاء بصوته بخصوص الدستور الجديد في العاصمة أمس (رويترز)
جزائري يخضع لقياس درجة الحرارة قبل الإدلاء بصوته بخصوص الدستور الجديد في العاصمة أمس (رويترز)

توجه الجزائريون إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في استفتاء شعبي على دستور؛ اختاره فريق خبراء عينته السلطات السياسية؛ وعلى رأسها الرئيس عبد المجيد تبون. وبينما تصر السلطة السياسية على أن الدستور يؤسس لـ«جزائر جديدة»، فإن الانقسام بدا واضحاً على المستويين السياسي والشعبي إزاء التفاعل إيجاباً مع الوثيقة الجديدة.
وقد شهد التصويت، أمس، معدلات ضعيفة في مناطق المعارضة التقليدية؛ خصوصاً ولايات القبائل (شرق) حيث غالباً ما يقاطع السكان الاستحقاقات، في مقابل إقبال لافت نسبياً على الصناديق في الولايات الداخلية؛ خصوصاً الهضاب العليا بوسط وجنوب البلاد.
وجرى إغلاق كل مكاتب الانتخاب في تيزي ووزو وبجاية، وهما أكبر ولايتين في منطقة القبائل، قبل الموعد الرسمي (السابعة مساءً بالتوقيت العالمي)، بساعات بعد أن تبين لممثلي «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» محلياً، أن المشاركة ستبقى ضعيفة طول النهار. وقال عضو منها، فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار اتخذه المسؤولون الحكوميون، خشية تعرض مكاتب الانتخاب للتخريب. وكان مشهد «السيدة الأولى»، حرم الرئيس عبد المجيد تبون، وهي داخل مكتب انتخاب بالعاصمة، أكثر ما شدّ انتباه الصحافيين. ونشرت الرئاسة صورتها وهي تنتخب، على حساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي، وكتبت: «رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يؤدي واجبه الانتخابي بالوكالة، نابت عنه حرمه للإدلاء بصوته في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، بمدرسة أحمد عروة باسطاوالي (الضاحية الغربية للعاصمة)، لوجود السيد الرئيس بأحد المستشفيات المتخصصة بألمانيا لتلقي العلاج».
ويوجد تبون في ألمانيا، منذ الأربعاء الماضي، لـ«إجراء فحوصات طبية معمقة»، حسب بيان للرئاسة صدر في اليوم نفسه لم يوضح المرض الذي يعاني منه الرئيس (74 سنة). وكانت الرئاسة أكدت في وقت سابق، أنه دخل في حجر صحي «طوعي»، على أثر تأكد إصابة كوادر بالرئاسة والحكومة بفيروس «كورونا». ثم نقل إلى المستشفى العسكري بالعاصمة، بعد تعقَد حالته.
وفي رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية مساء السبت، قال تبون من مكان علاجه إن «الشعب الجزائري سيكون مرة أخرى على موعد مع التاريخ من أجل التغيير الحقيقي المنشود، الذي سيكون جسراً إلى الجزائر الجديدة، بتكاتف الجزائريات والجزائريين، وبفضل الإرادات الوطنية الخيّرة لتحقيق أمل الشهداء وبناء الجزائر القوية بشاباتها وشبابها، الذين هم ثروة الأمة الحقيقية، والمعوَل عليهم في حمل لوائها للمُضي نحو تجسيد تطلعات الحراك الأصيل المبارك».
يذكر أن الاستفتاء تزامن مع مرور 66 سنة على تفجير ثورة التحرير من الاستعمار الفرنسي.
وجرى الاستفتاء في حالة من التشكيك في صحة الأخبار التي ترد من الرئاسة بشأن الحالة الصحية للرئيس تبون، خصوصاً بعدما خاطب الجزائريين برسالة. فقد اتخذ الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، من «الرسائل» طريقة للتواصل مع شعبه خلال فترة مرضه التي استمرت 6 سنوات، وكانت الرئاسة تؤكد دائماً أن «حالته لا تدعو إلى القلق»، وبأنه في سويسرا حيناً، وفي فرنسا أحياناً «من أجل فحوصات طبية معمَقة»، بينما الحقيقة أنه كان في حالة عجز كامل عن تسيير شؤون الحكم، مما كان سبباً مباشراً في انفجار الشارع ضده يوم 22 فبراير (شباط) 2019.
وأكدت سيدة بمكتب انتخاب في بلدة بن شعبان، جنوب العاصمة، كانت بصدد التصويت: «أكد لي رئيس بلديتي، وهو كواحد من أبنائي الخمسة، أن الدستور الجديد سيفتح الباب واسعاً أمام تنمية البلاد، وبأنه سيوفر مناصب الشغل لشبابنا. كما أنه سينهي عهد الفساد الذي كان في النظام السابق، فقررت أن أصوت عليه بـ(نعم)».
وأعلن محمد شرفي، رئيس «سلطة الانتخابات»، لوسائل إعلام أن نسبة المشاركة بلغت 13.03 في المائة في الثانية ظهراً، وكانت في حدود 5.88 في المائة قبل ذلك بساعتين. وقال: «من خلال اطلاعي على ما يجري في مختلف مكاتب الاقتراع بالبلاد، يمكنني القول إنها كلها فتحت أبوابها للتصويت، ماعدا في منطقة واحدة أو منطقتين»، من دون ذكر الأسباب، وكان يشير إلى ظروف التصويت في منطقة البويرة (100 كيلومتر شرق العاصمة)، حيث أغلق متظاهرون بعض مكاتب الانتخاب باستعمال القوة.
وتعهد شرفي بـ«اتخاذ القرارات المناسبة؛ لتمكين المواطنين من أداء واجبهم الانتخابي في ظروف حسنة». وأضاف: «عدم انطلاق العملية الانتخابية، كان في عدد قليل من المكاتب، وهو لا يؤثر على السير العام للعملية، ويحدث في كل عمليات الاقتراع لأسباب عدة، وعموماً فإن 99 في المائة من مكاتب التصويت ظلت مفتوحة، والعملية الانتخابية تجري بوتيرة عادية». وعدّ شرفي الاستفتاء على تعديل الدستور «نفساً جديداً لنوفمبر (تشرين الثاني)»، وكان يقصد الشهر الذي شهد اندلاع ثورة الاستقلال. كما عدَه «انطلاقة جديدة للجزائر الجديدة»، وهو الشعار الذي اختاره تبون، في بداية حكمه، للتأكيد على قطيعة مع ممارسات الحكم في عهد بوتفليقة. ودعا شرفي «جميع المواطنين إلى وضع بصمتهم في مسار بناء الجزائر الجديدة، وعدم تفويت قطار التاريخ حتى لا نتحسر مستقبلاً (...) فالعد التنازلي للتغيير انطلق فعلياً مع بدء عملية التصويت».
من جهته، صرح سليمان شنين، رئيس «المجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الأولى)» بأن الاستفتاء «يسمح للشعب بأن يختار ويقرر في الوثيقة الأساسية لتسيير شؤونه، وقد كانت إعادة الكلمة للشعب من مطالب الحراك المبارك»، مشيراً إلى أن «الشعب الجزائري يملك الوعي الكامل والمسؤولية لإدراك الرهانات وحجم التحديات التي تحيط بالبلاد».
وشدد رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، في تصريحات للصحافة، على أن «هذا اليوم يعدّ يوماً لمستقبل الجزائر الجديدة، التي نريد بناءها جميعاً لأجل أبنائنا وأحفادنا. فالصوت اليوم هو صوت الشعب والمواطن، ولكل واحد منا الحرية في اختيار الاتجاه الذي يريده ويتمناه لبلده»، مشيراً إلى أن «هذا اليوم المصادف لأول نوفمبر، يعدّ بالنسبة للشعب الجزائري تاريخاً عريقاً؛ وهو تاريخ الشهداء والمجاهدين، استطاع من خلاله أجدادنا وآباؤنا تحرير الوطن».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.