رحيل شون كونري العميل الأول بين ممثلي جيمس بوند

شون كونري «العميل 007» (أ.ف.ب)
شون كونري «العميل 007» (أ.ف.ب)
TT

رحيل شون كونري العميل الأول بين ممثلي جيمس بوند

شون كونري «العميل 007» (أ.ف.ب)
شون كونري «العميل 007» (أ.ف.ب)

‫رحل الممثل شون كونري، أمس (السبت)، عن 90 سنة من العمر، قضى معظمها على الشاشة بطلاً أول لسلسلة جيمس بوند، قبل أن يقرر العزوف عن التمثيل سنة 2003، إثر خروج فيلمه السبعين إلى العرض.
حمل الفيلم عنوان «فريق من السادة المتميزين» (The Leagure of Extraordinary Gentlemen)، وهو عنوان يصلح لوصف مسيرة هذا الممثل الاسكتلندي المولد العالمي الشهرة، إذ انضم (بعد بداية موجزة في أدوار صغيرة) إلى مصاف أكثر الممثلين تأثيراً وشهرة وثراءً.

انطلاق رحب

وُلد كونري في الخامس والعشرين من أغسطس (آب)، في بلدة فاونتنبريدج (قرب أدنبره). والده كان عاملاً في مصنع وسائق شاحنة من حين لآخر، ووالدته كانت عاملة تنظيف. وضع العائلة الفقير لم يسمح لكونري بالطموح لكي يواصل تعليماً عالياً، أو أن يكون شغوفاً بطموح مستقبلي في مهنة معيّنة. لذلك نراه بدوره يتقلب بين الأعمال اليدوية، فهو موزع زجاجات حليب (عادة اختفت من المدن الأوروبية أو تكاد) وسائق شاحنة وعامل بناء. وأقرب مسافة بينه وبين الفن كانت عمله موديلاً لطلبة «معهد أدنبره للفن».
وسواء أكانت هذه المسافة أوعزت إليه بالبحث عن مستقبله في ضروب الفن أم لا، فإن الثابت أنه لجأ إلى لعب كرة القدم، ومنّـى النفس بالتحوّل إلى نجم فيها. لكنه لاحقاً، عندما كان لا بد له الاختيار بين الرياضة والتمثيل، رفس الكرة بعيداً، ولجأ إلى العمل ممثلاً.
خمس سنوات قبل أن يغمس شون كونري الشهرة لأول مرة، لاعباً دور العميل النموذجي جيمس بوند، حيث تقلب في أحد عشر فيلماً، بدأت (عملياً بعد دور في فيلم لم يكترث أصحابه لوضع اسمه عليه) بفيلم «أكشن أوف ذا تايغر» سنة 1957؛ السنة التي ظهر فيها سريعاً 4 مرات متعاقبة، آخرها في فيلم «لا طريق للعودة».
دور متوسط الحجم في فيلم من بطولة باري سولڤن ولانا تيرنر، بعنوان «وقت آخر، مكان آخر» (Another Time, Another Place) سنة 1958، تبعه دور شرير في مواجهة ملك الغابة في «مغامرات طرزان الكبرى» لجون غيلرمن، ثم دور غير ملحوظ في «اليوم الأطول» (ورد اسمه بعد 11 اسم ممثل آخر شاركوا في مهام هذا الفيلم الحربي).
لكن بينما كان ذلك الفيلم يدخل مرحلة ما بعد التصوير، وجد شون كونري نفسه أمام مفاجأة العمر؛ المخرج ترنس يونغ (الذي منحه دوراً صغيراً في «أكشن أوڤ ذا تايغر») تذكره عندما دخل مهام اختيار الممثل المناسب لشخصية جيمس بوند في أول أفلام المسلسل «دكتور نو».
لم يكن كونري بلا منافسين، لكن ما إن قام بتأدية مشاهد «بروڤة» حتى تأكد لأصحاب هذا المشروع أنه الشخص الصحيح في المكان المناسب. «دكتور نو» (1962) كان فيلم الانطلاق إلى رحاب لم تكن في حسبان أحد. وبالنسبة لكونري، كانت رحاباً من النوع الذي لا يقع إلا في السينما.
الذي حدث هو أن كونري حمل معه إلى الدور فهماً للشخصية كما رسمها المؤلف إيان فليمنغ على الورق. ليس بالملامح ذاتها بالضرورة. طبعاً بوند كان شخصية رجل بريطاني أبيض اللون. لا بد أنه كان خفيف الوزن، طويل القامة، ذا قدرة رياضية مناسبة، كما هي صفات كونري آنذاك، لكن كونري هو من قرأ الجوانب التحتية وراء ذلك الرسم، واستنبط ذلك الحضور الذي يوظف تلك المزايا تبعاً لقدراته الأدائية الخاصة.

الطرق الموازية

وهي المزايا التي لم يسع أحد من الذين توارثوا شخصية «العميل 007» إلا تقليدها. كان يكفي، لروجر مور ومن تبعه من الممثلين الذين توارثوا تأدية الشخصية، الحفاظ على المطلوب، والتحرك ضمن عموميات القالب، لكن لكل واحد منهم حرية التحرك ضمن طريقته وأسلوبه في الأداء.
بشكل أو بآخر، لم يستطع أحد (بمن فيهم ثاني أهم الممثلين الذين قاموا بلعب شخصية بوند، وهو روجر مور) انتزاع ملكية كونري أو خلافته على نحو كامل.
في كثير من الحالات، وبعد ستة أفلام في شخصية بوند (ضمن إنتاجات المسلسل الرسمية المنتمية إلى إنتاجات شركة Eon)، بقيت صورته الأكثر حضوراً في كل استفتاء جماهيري، وآخرها ذاك الذي قامت به مجلة «Radio Times» البريطانية، والذي شمل 14 ألف صوت، عبر 56 في المائة منها عن أن كونري هو أفضل من قام بتأدية شخصية بوند. أفلام كونري-بوند الأولى («دكتور نو»، «من روسيا مع الحب»، «غولدفينغر»، «ثندربولت»، «تستطيع أن تعيش مرتين فقط» و«الماس أبدي»)، وكلها بين 1962 و1971، لم تكن الوحيدة التي قام بتأديتها؛ ذلك أنه فهم اللعبة سريعاً، وأراد البرهنة على أنه يستطيع تأدية أدوار كثيرة أخرى. وبذلك رغب في ألا يبدأ وينتهي ببوند، بل أن يشق طريقه في كل جانب مُتاح، لذلك نراه في بطولة كثير من الأفلام الأخرى آنذاك، ومن بينها: «مارني» (1964)، و«التلة» (1965)، و«شالاكون» (1968)، كما في «أندرسن تيبس» (1971)، و«زادوز» (1974).
وبعد ذلك، اتسعت ألوان أعماله أكثر وأكثر، فهو في التاريخي («الريح والأسد» و«الرجل الذي يمكن أن يصبح ملكاً»)، والحربي («جسر بعيد»)، والتشويقي («سرقة القطار الكبرى» و«كوبا»)، كما في الخيال العلمي («آوتلاند»).
وفي عام 1987، ظهر في دور قصير نسبياً، لكنه من أفضل أدواره المسجلة على شريط، وهو «The Untochables». ومن بعده، عاد للبطولات المطلقة، كما الحال في «صيد أكتوبر الأحمر» و«روبن هود: أمير اللصوص» و«رجل جيد في أفريقيا»، وارتاح للدراما في «إيجاد فورستر» الذي أنجزه سنة 2000، قبل العودة سنة 2003 إلى آخر أدواره الفعلية على الشاشة في «فريق السادة المتميّزين».
أقول الفعلية لأن كونري قام سنة 2012 بإعارة صوته لفيلم أنيميشن بعنوان «Sir Billi». ولم يكن الفيلم من بين أعماله الناجحة، كون الفيلم لم يشهد عروضاً تكفي لإثارة الاهتمام به أساساً. وإذ يرحل كونري، فإن أكثر ما يواجهنا في المناسبة حقيقتان، هما أنه أجاد تمثيل معظم ما قبل بتمثيله، بما في ذلك أفلامه البوندية، وثانياً أن ابن العائلة التي عانت لأجل تأمين الطعام على مائدة أفرادها كل ليلة كوّن، بعصامية فريدة، ثروة قُدّرت قبل سنوات بـ400 مليون دولار عن كل سنوات عمله ممثلاً.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.