العبادي ينتقد اتفاقات بغداد وأربيل ويصفها بالغامضة

TT

العبادي ينتقد اتفاقات بغداد وأربيل ويصفها بالغامضة

انتقد رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، أمس، طريقة تعامل الحكومة الحالية مع الملفات العالقة في إقليم كردستان من ضمنها اتفاق سنجار، واصفا سياسة الحكومة بالغامضة والتي لن تؤسس لعلاقة شفافة وراسخة بين الإقليم والمركز، فيما نفى المتحدث باسم نائب رئيس وزراء الإقليم أن تكون الاتفاقات قائمة على أسس شخصية، مبينا أنها بنيت على أسس دستورية وبهدف معالجة المشاكل التي برزت في الحكومات السابقة.
وقال العبادي في تصريح نشر على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك» إنه ليس مع سياسة الحكومة الحالية وطريقة تعاملها بشأن الملفات العالقة مع إقليم كردستان ومنها اتفاق سنجار «ونرى فيها غموضاً وتخادماً لن يؤسس لعلاقات شفافة وراسخة لحل مشاكل الإقليم والحكومة الاتحادية». واستدرك: «يجب ألا يفهم من قولي إني متصلب تجاه الكرد أو عدو لهم، كلا، أنا مع الحلول الدستورية العادلة لضمان التعايش والسلام والرخاء للجميع». ووصف العبادي سياسات حكومته اتجاه الكرد بأنها «كانت ممارسة لواجباتي الدستورية بحفظ وحدة الدولة وسيادتها، وتحقيق العدالة والمساواة لجميع مواطني الدولة على تنوعهم الديني والطائفي والقومي».
من جهته، قال سمير هورامي المتحدث الرسمي باسم نائب رئيس وزراء الإقليم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاق المبرم بين حكومتي أربيل وبغداد بشأن الخلافات المالية مبني على أساس دستوري بهدف معالجة المشكلة التي برزت خلال حكم كابينتي المالكي والعبادي».
هورامي نفى أن يكون الاتفاق مبنيا على أسس شخصية، مؤكدا أن نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني والوفد المرافق له «عقدا عدة اجتماعات مع الحكومة والأطراف السياسية لتظهر من خلالها رغبة حكومة الإقليم الصادقة في حلحلة المشاكل العالقة، وسعيهما للتوصل إلى حل يصب في صالح الطرفيين وفق الأسس الدستورية».
وأضاف هورامي أن «الحكومة الحالية تعمل على تقريب وجهات النظر وحل سوء التفاهم السياسي الذي تسبب في قرار قطع حصة الإقليم من الميزانية العامة والذي صدر في فترة ولايتي المالكي وبعده العبادي، والذي كان فيه كثير من الإجحاف بحق المواطن الكردستاني». من جهته، قال كفاح محمود المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الحزب الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن البعض لا يزال يفكر بعقلية استخدام القوات المسلحة لفض النزاعات بين الحكومة الاتحادية والأقاليم أو المحافظات، كما فعل السيد حيدر العبادي في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 حينما استخدم القوات المسلحة في اجتياح كركوك والمناطق المتنازع عليها والتي تخضع لحكم المادة 140 من الدستور التي لم تنجز بسبب سياساته وسياسة من سبقوه». وأوضح أن «التخادم الذي يتحدث عنه العبادي كان بين العراقيين أنفسهم وليس تخادما مع الجنرالات والخبراء الأجانب كما فعل هو في استقدامهم لاجتياح مناطق عراقية فيها مواطنون عراقيون آمنون سواء في كركوك أو سنجار وخانقين».
وأضاف أن «اتفاق الإقليم والحكومة الاتحادية وضمنه ما حصل في سنجار وضع حدا لتلك السلوكيات الخاطئة التي دمرت هذه المدينة من خلال استقدام عناصر مسلحة من دول أجنبية كسوريا وتركيا، وتحديدا مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي».
وتابع محمود «للأسف العبادي ما يزال يفكر بتلك العقلية التي أدت بالعراق إلى هذا الإفلاس والفشل السياسي. أربع سنوات حكم العراق هو ومن سبقه لم يتقدم العراق قيد أنملة إلى الأمام، بل فرض على إقليم كردستان حصارا وسرقوا حصة الإقليم من الميزانية الاتحادية لأكثر من خمس سنوات والتي بلغت نحو 45 مليار دولار».
وتابع: «لا يعرف أي عراقي أين ذهبت تلك المليارات، رغم أن الإقليم خلال تلك السنوات وفر ملاذا آمنا والعيش الكريم لأكثر من مليون عراقي من الهاربين من الاضطهاد وحكم الميليشيات».
من جهته، قال ماجد شنكالي، النائب السابق في مجلس النواب العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن «تصريح العبادي يمثل نفسه ولا يعدو أن يكون دعاية انتخابية مبكرة استعدادا للانتخابات القادمة، حيث إن السياسيين في بغداد تعودوا على إبراز العداء للكرد لتحشيد الشارع بشكل عاطفي وشعبي لكسب الأصوات الانتخابية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاق سنجار هو اتفاق جريء وشجاع يهدف إلى إعادة 80 من أهالي سنجار النازحين إلى مناطقهم بعد سنوات من النزوح، وهذه إحدى المشاكل التي ورثتها الحكومة الحالية من فترة حكم العبادي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».