جيش للمستوطنين يكلف مراقبة البناء الفلسطيني في الضفة

في عز هجمتهم على أشجار الزيتون وشبكتي الكهرباء والماء

TT

جيش للمستوطنين يكلف مراقبة البناء الفلسطيني في الضفة

مع توجه السلطة الفلسطينية إلى مؤسسات الأمم المتحدة مطالبين بوقف الممارسات الاستيطانية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن دائرة الاستيطان في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعد خطة لإنشاء «فرقة من المستوطنين تعمل كما يعمل أفراد الجيش» يتم تكليفها بمراقبة ما سموه «البناء الفلسطيني غير المرخص في المناطق ج»، أي المنطقة الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي بالكامل. ونقل تقارير إلى سلطات إنفاذ القانون، بغرض تغريم أصحابها وبالتالي هدم المباني.
وقالت هذه المصادر إن لدى المستوطنين توجد قوة كهذه حاليا، لكنها تعمل بمبادرات ذاتية والجديد هو تحويلها إلى ذراع سلطوية رسمية. وتم رصد ميزانية 20 مليون شيكل (6 ملايين دولار) في مرحلة التأسيس. وتضم الفرقة نحو 30 مستوطنا يتم تزويدهم لسيارات تصلح للسير في الوعور وأدوات مراقبة وأسلحة دفاعية ودرونز وغيرها.
ويدعي المستوطنون أنهم بذلك يرتقون عدة درجات في العمل لإجهاض ما يعرف بـ«خطة فياض» الفلسطينية للبناء. والمقصود بذلك الخطة التي وضعتها حكومة سلام فياض في رام الله قبل عشر سنوات، ويتم بموجبها حفظ الأراضي الفلسطينية في المنطقتين «ب» و«ج» من الضفة الغربية، حتى لا يصادرها الاحتلال لصالح المستوطنات. والمعروف أنه بموجب اتفاقات أوسلو تم تقسيم الضفة إلى 3 أنواع: «أ» وهي المنطقة التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية بالكامل، إداريا وأمنيا، وتشكل نحو 40 في المائة من الضفة الغربية، و«ب» التي تخضع للحكم الإداري المدني للسلطة الفلسطينية وللاحتلال الإسرائيلي أمنيا وتشكل 20 في المائة من مساحة الضفة، و«ج» التي تخضع للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية ومساحتها تعادل 40 في المائة من الضفة. ويعمل المستوطنون على مصادرة أكثر ما يمكن من الأراضي الفلسطينية خصوصا في المنطقة «ج». فيقيمون فيها البؤر الاستيطانية ويطاردون الفلسطينيين ويعتدون على كرومهم ومحاصيلهم لدفعهم إلى الرحيل عنها.
وقد توجه المندوب الفلسطيني الدائم في الأمم المتحدة، رياض منصور، برسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (روسيا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، انتهاكاتها واعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، وخصوصا في مجال الاستيطان. وحمل الحكومة الإسرائيلية وكذلك الإدارة الحالية للولايات المتحدة مسؤولية هذا النشاط وتبعاته الخطيرة. وقال إن الاتفاقيات التي وقعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، يوم الأربعاء الماضي، والتي تعترف واشنطن بموجبها بالمستوطنات كجزء من إسرائيل، هي دعم غير قانوني لنظام الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني وجزء من محاولات الضم المستمرة، في انتهاك مباشر لقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334، وجميع القرارات التي سبقته، والتي تؤكد على عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
ودعا منصور المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى العمل على تنفيذ التزاماتهما ومسؤولياتهما القانونية لوضع حد لهذا الظلم، كما دعا جميع الدول إلى عدم الاعتراف بالوضع غير الشرعي الذي تفرضه إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعدم تقديم أي عون أو مساعدة لسلطة الاحتلال بهذا الصدد، إلى جانب اتخاذ تدابير قانونية مضادة لضمان المساءلة.

وذكر منصور هذه الجهات بقاعدة بيانات مجلس حقوق الإنسان للشركات المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية، داعيا جميع الدول لحظر استيراد سلع المستوطنات المنتجة باستغلال مواردنا الطبيعية بشكل غير قانوني في فلسطين المحتلة. وحث على ضرورة التفريق بين إسرائيل والأراضي التي تواصل احتلالها.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.