مخرجة سعودية تحاول كشف «أوهام الحلم الأميركي» عبر «هج إلى ديزني»

مها الساعاتي تفوز بجائزة «منصة الجونة» لتطوير سيناريو فيلمها

مها الساعاتي
مها الساعاتي
TT

مخرجة سعودية تحاول كشف «أوهام الحلم الأميركي» عبر «هج إلى ديزني»

مها الساعاتي
مها الساعاتي

قالت المخرجة السعودية مها الساعاتي، إن فوزها بجائزة «منصة الجونة»، خلال مهرجان الجونة السينمائي (جنوب شرقي القاهرة) سيساهم في تطوير سيناريو فيلمها الروائي الأول «هج إلى ديزني»، مؤكدة أن «الداعم الرئيسي للفيلم هو «معمل البحر الأحمر للأفلام» بالسعودية، ولم تتمكن الساعاتي من حضور فعاليات مهرجان الجونة، وتواصلت «الشرق الأوسط» معها هاتفياً، وقالت إنها ستعمل على تطوير السيناريو أيضاً خلال حضورها ورشة عمل تتزامن مع توزيع جوائز «غولدن غلوب» في شهر فبراير (شباط) عام 2021.
وأُعلنت جوائز منصة الجونة مساء أول من أمس، وفاز فيها مشروع الفيلم السعودي بدعم قدره 10 آلاف دولار، مقدمة من شبكة «إيه آر تي»، وعبّرت الساعاتي عن سعادتها بهذا الفوز قائلة «كنت أتطلع كثيراً لأكون جزءاً من مهرجان الجونة نظراً للنجاح الذي حققه، ولإيماني أن الفرصة التي ستتحقق لي من خلاله ستفتح أبواباً كثيرة لمشروع فيلمي الطويل الأول، ومع الأسف لم أستطع الحضور بسبب إجراءات السفر، وتمت مناقشة المشروع (أون لاين) وأرسلت لهم فيديو قصيراً حاولت أن أوصل من خلاله إحساسي بالفيلم الذي ينتمي إلى نوعية الدراما كوميدي، وتحدثت عن فيلمي ثم أجبت عن أسئلة لجنة التحكيم».
فيلم «هج إلى ديزني»، كما تقول مخرجته، يتعرض لقصة فتاة تعمل في فندق بمكة، وهي متأثرة بطفولتها التي كانت تشاهد فيها كثيراً أفلام ديزني، أحد الأشخاص الذين تعرفهم قرر السفر إلى الحلم الأميركي فيصطدم بواقع مرير، وتتخيل البطلة أحلاماً وردية وتحدث مواقف كوميدية، وسيجري تصوير أغلب مشاهد الفيلم بديزني لاند، واختارت لبطولته الممثلة السعودية - الفلسطينية دينا الشهابي التي شاركت في الفيلم الأميركي «جاك ريان»، مؤكدة أن «فكرة الفيلم الأساسية جاءتها من تجارب أصدقاء التقتهم أثناء سفرها، وشاركها في كتابة الفيلم عبد العزيز التويجري».
وتتراوح الميزانية التقديرية للفيلم، بحسب مخرجته، بين مليون ونصف المليون دولار أميركي إلى مليوني دولار، ويعد معمل البحر الأحمر السعودي الداعم الأساسي للفيلم بتعاون مع معمل تورينو للأفلام، وكما تؤكد الساعاتي «بدأ المعمل خريف 2019 واستمر في بداية 2020، وتحول المعمل إلى التعامل الافتراضي، كما تم قبولي في مهرجان مالمو لمنحة التطوير ضمن خمسة أفلام، ورغم فوز فيلمي ضمن القائمة القصيرة، لكننا لم نحظَ بالدعم، ثم جاء دعم مهرجان الجونة السينمائي لتطوير السيناريو.
وحصلت المخرجة مها الساعاتي على زمالة رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود «المنظمة لجوائز غولدن غلوب»، ضمن برنامج يشارك به مخرجون دوليون، وكما توضح «جاء اختياري بعدما تقدمت من خلال مهرجان تورونتو السينمائي بفكرة فيلم (هج إلى ديزني) وكان عدد المتقدمين 400 شخص قدموا إلى معمل تورونتو، تم اختيار 20 فقط منهم، وكنت محظوظة أن أكون من بينهم، وبعد ذلك قدم كل منا فيديو وأحد أفلامه السابقة فقدمت فيلمي القصير (شعر: قصة عشب)، وتم اختيار ثلاثة متقدمين من العشرين للحصول على الزمالة في ورشة عمل مكثفة تمتد لثلاثة أسابيع يسبقها حضورنا حفل (غولدن غلوب)، وهذه الزمالة ستساهم في دفع فيلمي للأمام».
وتعد مها الساعاتي أحد المخرجين الواعدين في السينما السعودية، وأخرجت بدءاً من عام 2016 أربعة أفلام قصيرة هي على التوالي: «عش ايلو»، «الخوف صوتياً»، «شعر: قصة عشب»، «دورة تفاح»، ويعد فيلمها الثاني «الخوف صوتياً» البداية الحقيقية لها كمخرجة والذي شاركت به في مهرجان «فانتستك فيستفال»، وهو من أكبر مهرجانات الأفلام الخيالية في أميركا، وكان هو الفيلم العربي الوحيد المشارك به، يتعرض الفيلم - وفق مخرجته - للحظات الخوف في حياة الإنسان كالخوف من نهاية العالم، والخوف من الحيوانات، وهو مبني على قصة حقيقية استوحته من قطط كانت تتواجد فوق سطح مكتبها وكانت تسمع أصواتها، وحينما تم القائهم كان صوت الأم مريعاً.
ودرست الساعاتي فن العمارة كما درست بكندا الفنون التفاعلية في مرحلة الدكتوراه، وبحسب قولها: قمت بتدريس مواد لها دخل بصناعة القصة مرئياً، ومنها تعلمت موضوع تكوين اللقطات، كما كنت أشتغل بنفسي وأشاهد أفلاماً كثيراً، وتواصل ذلك بعد عودتي للسعودية عبر تدريسي مواد تتعلق بصناعة الأفلام، ثم خضت التجربة وصورت مشاهد بمساعدة أصدقاء وجيران.
وتهتم الساعاتي بأفلام عدد من المخرجين في السينما الأميركية والسعودية، وكما تؤكد هناك مخرجون تأثرت بهم وسيظهر تأثيرهم في أعمالي رغم أنني أحاول تقديم أعمال شبيهة بي، لكن تعجبني الحوارات العشوائية في أفلام تارانتينو والتي تجعل المشاهد أقرب للشخصية، وتأثرت بالمخرج بول توماس أندرسون وفيلمه «برانش درانك لاف»، وكذلك تأثرت بفيلم «اهرب من الغد» للمخرج الأميركي راندي مور الذي صوره كاملاً في ديزني دون علمهم، ولا أنسى بالطبع المخرج السعودي مشعل الجاسر صاحب فيلم «الفضائي العربي» الذي عرض بمهرجان سندانس.
واستقبل منطلق الجونة السينمائي في دورته الرابعة 99 طلب تقديم (65 مشروعاً في مرحلة التطوير، و34 فيلماً في مرحلة ما بعد الإنتاج) من جميع أنحاء العالم العربي. تمت مراجعة هذه الطلبات من قِبل لجنة من السينمائيين المتخصصين، واختيار 12 مشروعاً في مرحلة التطوير (8 مشاريع روائية طويلة و4 مشاريع وثائقية طويلة)، و6 أفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج (5 أفلام روائية طويلة، وفيلم وثائقي طويل) بناءً على المحتوى والرؤية الفنية وإمكانية التنفيذ المالية، كما أثنت اللجنة على المستوى المميز للمشاريع المقدمة للمنطلق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».