فيلم مصري يفوز لأول مرة بـ«السعفة الذهبية» في مهرجان «كان»

المخرج سامح علاء وجائزة {السعفة الذهبية}.
المخرج سامح علاء وجائزة {السعفة الذهبية}.
TT

فيلم مصري يفوز لأول مرة بـ«السعفة الذهبية» في مهرجان «كان»

المخرج سامح علاء وجائزة {السعفة الذهبية}.
المخرج سامح علاء وجائزة {السعفة الذهبية}.

فاز فيلم «ستاشر: أخشى أن أنسى وجهك»، للمخرج المصري سامح علاء، بالسعفة الذهبية لمسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان «كان» السينمائي في دورته المختصرة التي أقيمت لثلاثة أيام فقط، ليكون بذلك الفيلم المصري الأول الذي يفوز بهذه الجائزة الرفيعة بهذه المسابقة.
واحتفى عدد من السينمائيين المصريين وجهات فنية بفوز الفيلم المصري بالسعفة الذهبية على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت نقابة المهن السينمائية المصرية، بصفحتها على «فيسبوك»، مساء أول من أمس: «انتصاراً للسينما القصيرة... فوز فيلم (ستاشر) بالسعفة الذهبية بمهرجان (كان) السينمائي».
ويتناول الفيلم، في 15 دقيقة، قصة «آدم» الذي يبلغ عمره 16 عاماً، ويحاول العودة إلى حبيبته بعد فراق 82 يوماً، فيخوض في سبيل ذلك كثيراً من المصاعب. وضمت مسابقة الأفلام القصيرة بالمهرجان 11 فيلماً من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وكولومبيا ومنغوليا والبرتغال واليونان وكندا والولايات المتحدة.
وكان مهرجان «كان» قد أرجأ دورته الـ73 من شهر مايو (أيار) إلى أكتوبر (تشرين الأول) بسبب جائحة «كورونا»، مع اختصارها لثلاثة أيام.
وأعرب منتج الفيلم المصري، محمد تيمور، عن سعادته الكبيرة بفوز الفيلم الروائي القصير «ستاشر» بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتوقع فوز الفيلم بهذه الجائزة، لا سيما بعد منافستنا لـ11 فيلماً قصيراً من بلدان مختلفة»، معتبراً هذه الجائزة «تكليلاً للمجهود الذي بُذل لخروج هذا الفيلم إلى النور، وسط صعوبات عدة واجهتنا خلال إنتاج وتصوير الفيلم في مدة بلغت نحو عام ونصف».
فيلم «ستاشر» تم تصويره خلال 3 أيام فقط بحي السكاكيني (وسط القاهرة)، وقد اشترك في إنتاجه عدد من المنتجين، وهم محمد تيمور ومارك لطفي، بمشاركة أحمد زيات والفرنسي مارتن جيروم، وفكرة وإخراج سامح علاء، وكتابة محمد فوزي. وقد سبق للفيلم الحصول على «جائزة أفضل فيلم روائي قصير» في مهرجان موسكو السينمائي الدولي في دورته الـ42. كما حصل على تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان «دي نامور السينمائي» في بلجيكا في دورته الـ35.
ويشير تيمور إلى أن تكلفة إنتاج الفيلم بلغت نحو 200 ألف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري؛ أي نحو 13 ألف دولار أميركي).
ويرى نقاد سينمائيون مصريون، من بينهم رامي عبد الرازق، أن فوز فيلم «ستاشر» بجائزة مهمة من مهرجان عريق مثل «كان» يعد نجاحاً للسينما المصرية. ويقول عبد الرازق لـ«الشرق الأوسط»: «الفوز بهذه الجائزة أكد قدرة الشباب المصريين على صنع أفلام متميزة تستطيع الفوز بجوائز عالمية، وليس لمجرد التمثيل المشرف، خصوصاً في هذا في الوقت الذي يعاني فيه هؤلاء الشباب من عدم اهتمام الدولة أو القطاع الخاص بتمويل مشروعاتهم، وإهمال مطالباتهم، في حين أن ميزانية فيلم كهذا توازي مقدم تعاقد لنجم سوبر ستار يصنع فيلماً أو مسلسلاً ربما ليس ذا قيمة أصلاً».
وأضاف عبد الرازق: «أتمنى أن يشكل هذا الفوز المهم إعلاناً ينبه المنتجين لأهمية دعم هؤلاء الشباب الجدد، وعدم التهافت فقط على النجوم (السوبر ستارز). فالرقم الذي تم تمويل الفيلم به، وهو نحو 200 ألف جنيه، ليس رقماً ضخماً، بل إنه أقل بكثير مما يتكلفه عمل فني عادي، ولو عرض دولياً لن يحقق أي صدى».
وفي حين تعد هذه الجائزة الأولى من نوعها لفيلم مصري، فإن المخرج المصري الكبير الراحل يوسف شاهين قد حصل على جائزة اليوبيل الذهبي عن مجمل أعماله من مهرجان كان السينمائي الدولي في عام 1997.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».