السيسي عن الرسوم المسيئة: الحرية إذا مست مشاعر الآخرين فهي تطرف

الأزهر يدعو إلى تشريع دولي يُجرّم معاداة المسلمين

السيسي يكرم أحد علماء الأزهر خلال احتفالية المولد النبوي (الرئاسة المصرية)
السيسي يكرم أحد علماء الأزهر خلال احتفالية المولد النبوي (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي عن الرسوم المسيئة: الحرية إذا مست مشاعر الآخرين فهي تطرف

السيسي يكرم أحد علماء الأزهر خلال احتفالية المولد النبوي (الرئاسة المصرية)
السيسي يكرم أحد علماء الأزهر خلال احتفالية المولد النبوي (الرئاسة المصرية)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «الإساءة للأنبياء والرسل هي استهانة بقيم دينية رفيعة، وجرح لمشاعر الملايين»، مضيفاً أن «حرية التعبير يجب أن تتوقف، عندما يصل الأمر إلى جرح مشاعر أكثر من مليار ونصف مليار إنسان». وأضاف مستنكراً: «كفى إيذاءً لنا (...) ينبغي أن تقف الحريات عند حدود الآخرين واحترام الجميع».
وأشار السيسي أمس إلى أن «الحرية إذا مست مشاعر الآخرين، فهي (تطرف)»، لافتاً إلى أنه «يرفض تماماً أي أعمال عنف أو إرهاب تصدر من أي طرف، تحت شعار الدفاع عن الدين أو الرموز الدينية المقدسة». وذلك رداً على «الرسوم المسيئة» للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأقامت وزارة الأوقاف المصرية أمس احتفالية بمناسبة بذكرى المولد النبوي الشريف، بحضور وزراء ومسؤولين ورجال دين.
وقال السيسي: «يجب على كل مسلم التحلي بأخلاق وسلوكيات النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى كل من يعيش في مجتمعنا أن يحترم قيم ومبادئ هذا المجتمع»، لافتاً أن «تبرير التطرف تحت ستار الدين هو أبعد ما يكون عن الدين، بل إنه (مُحرم ومُجرم) ولا يتعدى كونه أداة لتحقيق (مصالح ضيقة ومآرب شخصية)»، مؤكداً أن «التطرف لا يمكن قصره على دين بعينه، ففي جميع الديانات، وبكل أسف يوجد (المتطرفون) الذين يسعون لإذكاء روح الفتنة، وإشعال نار الغضب والكراهية، وهي الأفكار التي لا تثمر؛ إلا عن تغذية (خطاب التناحر) والحض على التباعد والفرقة، حتى إن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - العطرة، لم تسلم من ذلك التطرف»، مضيفاً أن «مكانة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في قلوب ووجدان الجميع».
وأكد الرئيس المصري «ضرورة جعل ذكرى المولد النبوي نبراساً لتعزيز مفهوم الرحمة في مواجهة جماعات التطرف»، مشيراً إلى أن «مصر مهد التاريخ والحضارة الإنسانية، تؤكد سماحة الأديان، وهي السبيل لسلام العالم وتراحم البشرية بأكملها، وشريعة الإسلام السمحة تقوم على أساس البناء، لا الهدم». وقال السيسي إن «قضية الوعي الرشيد وفهم صحيح الدين ستظل من أولويات المرحلة الراهنة في مواجهة (قوى الشر)»، مؤكداً أن «بناء الوعي الرشيد يتطلب تضافر المؤسسات كافة لبناء الشخصية السوية القادرة على مواجهة التحديات».
فيما دعا شيخ الأزهر، أحمد الطيب «المجتمع الدولي إلى إقرار تشريع عالمي يُجرم معاداة المسلمين»، مؤكداً أن «العالم الإسلامي ومؤسساته الدينية قد سارع إلى إدانة حادث القتل (الإرهابي البغيض) للمدرس الفرنسي في باريس، وهو حادث (مؤسف ومؤلم)»، مضيفاً أنه «في ذات الوقت أيضاً نجد من المؤسف أشد الأسف، أن الإساءة للإسلام والمسلمين في عالمنا اليوم، قد أصبحت أداة لحشد الأصوات والمضاربة بها في (أسواق الانتخابات)»، مؤكداً أن «الإساءة للإسلام والمسلمين (عبث وتهريج وانفلات) من كل قيود المسؤولية والالتزام الخلقي والعرف الدولي».
وسبق أن أكدت مؤسسات دينية مصرية أن «إعادة نشر رسوم مسيئة للرسول – صلى الله عليه وسلم - ترسخ لـ(خطاب الكراهية) وتؤجج المشاعر»، في إشارة إلى أزمة الرسوم الكاريكاتورية التي أثارتها صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية. وتلقت فرنسا انتقادات كثيرة من مؤسسات دينية إسلامية، وسط دعوات لمقاطعة البضائع الفرنسية، على خلفية تصريحات لمسؤولين فرنسيين، اعتبرت «مُسيئة» للإسلام.
وأضاف الطيب أن «ما يحدث عداء صريح للدين ولنبيه الذي بعثه الله رحمة للعالمين»، معرباً عن «رفض الأزهر مع كل دول العالم الإسلامي وبقوة هذه (البذاءات) - على حد قوله - التي لا تسيء في الحقيقة إلى المسلمين ونبي المسلمين، وإنما تسيء إلى هؤلاء الذين يجهلون عظمة النبي الكريم»، معلناً «إطلاق منصة إلكترونية عالمية للتعريف بالنبي محمد، بعدة لغات، وتخصيص مسابقة بحثية عالمية عن أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم - وإسهاماته الكبرى في مسيرة الحب والخير والسلام».
من جهته، قال وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، إن «العالم لن يقدر ديننا حق التقدير؛ إلا إذا أحسنا نحن أنفسنا فهم ديننا وتفوقنا في أمور الدنيا»، موضحاً أن «الترجمة الحقيقية لحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في اتباع سنته وحسن الاقتداء به، وهو نموذج لمكارم الأخلاق».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.