حشود تركية وانسحابات سورية على «خطوط التماس» شرق الفرات

الجيش الأميركي يرسل تعزيزات إلى دير الزور

دورية عسكرية أميركية قرب منشأة نفط في المالكية شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
دورية عسكرية أميركية قرب منشأة نفط في المالكية شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حشود تركية وانسحابات سورية على «خطوط التماس» شرق الفرات

دورية عسكرية أميركية قرب منشأة نفط في المالكية شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
دورية عسكرية أميركية قرب منشأة نفط في المالكية شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

بدأ الجيش التركي والفصائل السورية الموالية حشد قواتها على خطوط التماس في ناحية أبو راسين بريف مدينة الحسكة وبلدة عين عيسى الواقعة شمالي محافظة الرقة شمال شرقي سوريا، وعززت نقاطها العسكرية وكثفت دورياتها العسكرية المنتشرة على طول الطريق الدولي حتى بلدة تل تمر شرقاً.
ونقل شهود وسكان «منطقة الزركان» في أبو راسين، أن الجيش التركي والفصائل المسلحة استقدموا أسلحة وتعزيزات إلى القرى المحاذية لمناطق التماس الخاضعة لسيطرتها، وشاهدوا تحركات مكثفة لأفراد الجيش التركي وعرباتهم في قرى «عنيق الهوى» و«تل محمد» و«باب الخير» و«أم عشبة»، ترافقت مع طلعات طائرات تركية مسيّرة جابت سماء المنطقة بشكل يومي.
إلى ذلك، نقلت صفحات إخبارية وحسابات نشطاء استمرار انسحاب قوات النظام السوري المنتشرة في بلدة عين عيسى، حيث سحبت رتلاً جديداً ضم آليات عسكرية ثقيلة وجنوداً، إلى جانب سحبها الأسبوع الماضي 4 أرتال مماثلة وتوجهت نحو مدينة الطبقة وقاعدة تل السمن الروسية بريف الرقة.
في السياق، بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» المنتشرة في عين عيسى وريفها المتاخم للحدود المواجهة لعملية «نبع السلام» شمالاً، بحفر عدد من الأنفاق الاستراتيجية. وأفادت مصادر محلية بأن زيادة عمليات حفر الأنفاق على طول المناطق المحاذية للجبهات تزامنت مع التصعيد التركي ضد المنطقة.
وأشار قيادي عسكري في قوات (قسد) إلى أن القوات التركية والفصائل المسلحة زادت مناوشاتها العسكرية ضد مناطق شمال شرقي سوريا، وقال إن «العديد من القرى القريبة من الطريق الدولي (M4) تعرضت للقصف من مرتزقة جيش الاحتلال التركي خلال الأيام الماضية، سيما طول خط عين عيسى غرباً حتى تل تمر شرقاً»، مشيراً إلى أن القصف رافقه تحليق للطائرات الحربية والاستطلاع. يأتي ذلك غداة قصف مدفعي تركي على النقاط العسكرية التابعة للقوات في محيط عين عيسى.
وسجل «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، استياءً شعبياً كبيراً ضمن مدينة رأس العين (سري كانييه) ومحيطها على خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة وتمثلت في اقتتال مسلح عنيف بين عناصر من فصيل «السلطان مراد»، أفضى إلى خسائر بشرية في صفوف المدنيين، حيث قُتل 5 بينهم سيدة وطفل، فضلاً عن تضرر بالمنازل على خلفية سقوط قذائف بشكل عشوائي.
وأشار إلى «ارتفاع أعداد الخسائر البشرية جراء الاقتتال بين عناصر (السلطان مراد) في مدينة رأس العين ومحيطها، حيث قُتل 5 مدنيين بينهم سيدة وطفل، نتيجة سقوط قذائف على الأحياء السكنية بالمدينة».
وارتفع تعداد قتلى الفصائل إلى 7، وأصيب أكثر من 15 آخرين بجروح متفاوتة بعضها بحالة خطيرة تم نقلهم إلى مشافي تركيا.
وكان «المرصد» قد رصد «مقتل 5 عناصر وأُصيب 12 آخرين من فصيل (السلطان مراد)، بالإضافة لإصابة مدنيين، جراء اشتباكات عنيفة اندلعت بين عناصر الفصيل، على حاجز الدويرة في ريف رأس العين بريف محافظة الحسكة، فيما توسعت رقعة الاشتباكات إلى داخل المدينة، وسط حالة من الهلع والخوف في صفوف المدنيين، جراء القذائف والعيارات النارية العشوائية قرب موقع الاشتباكات، حيث استخدمت الفصائل الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقذائف».
ووفقاً لمعلومات «المرصد»، فإن الاشتباكات نتيجة خلاف على تقاسم موارد حاجز الدويرة، وإيقاف عناصر من فصيل «السلطان مراد».
من جهة أخرى، قال «المرصد» إن قافلة عسكرية تتبع قوات التحالف الدولي مؤلفة من 100 شاحنة وصلت إلى قواعدها في ريف دير الزور الشرقي كانت محمّلة بآليات عسكرية ومعدات لوجيستية، وعادت بعد إفراغ حمولتها نحو أراضي الإقليم المجاورة. وأضاف أن «الإدارة الذاتية» لمناطق شمال وشرق سوريا، تستعد لإخراج دفعة جديدة تضم 35 عائلة سورية من مخيم الهول الواقع أقصى جنوب شرقي محافظة الحسكة، جلّهم من أبناء مدينة الرقة وضواحيها.
ونشر «المرصد» في 12 الشهر الجاري أن «الإدارة الذاتية» وبكفالة من «شيوخ العشائر» عملت على إخراج 73 عائلة، وهم 289 من السوريين الموجودين في مخيم الهول، إلى بلداتهم في السوسة والشعفة والباغوز بريف دير الزور الشرقي.
وأفرجت سابقاً عن 48 عائلة من مخيم الهول بكفالة شيوخ العشائر ومعظم تلك العائلات من بلدات السوسة والشغفة والباغوز بريف دير الزور الشرقي، كانوا قد نزحوا من بلداتهم واحتجزتهم قوات سوريا الديمقراطية في مخيم الهول بريف الحسكة، في أثناء الحملة العسكرية ضد تنظيم «داعش».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.