المخرج الفلسطيني أمين نايفة: «200 متر» يروي معاناة أمي

المخرج الفلسطيني الشاب أمين نايفة (الشرق الأوسط)
المخرج الفلسطيني الشاب أمين نايفة (الشرق الأوسط)
TT

المخرج الفلسطيني أمين نايفة: «200 متر» يروي معاناة أمي

المخرج الفلسطيني الشاب أمين نايفة (الشرق الأوسط)
المخرج الفلسطيني الشاب أمين نايفة (الشرق الأوسط)

أكد المخرج الفلسطيني أمين نايفة، أنه واجه ظروفاً صعبة خلال تنفيذ أول أفلامه الروائية الطويلة «200 متر»، التي كان من بينها التمويل والتصوير من دون تصاريح رسمية في شوارع تخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وقال نايفة في حواره مع «الشرق الأوسط» إن جائزة «الجمهور» التي حصل عليها في مهرجان «فينسيا» أسعدته كثيراً مثلما أسعده فوزه بجائزة «مينا مسعود» التي حصل عليها أخيراً في مهرجان الجونة المصري.
فيلم «200 متر» الذي عُرض لأول مرة عالمياً عبر برنامج «أيام فينسيا» خلال الدورة الماضية لمهرجان فينسيا السينمائي، لفت الأنظار بقوة إلى موهبة أمين نايفة في أول أفلامه الطويلة، وكان قد شارك الفيلم كأحد مشروعات منصة الجونة خلال دورته الأولى ضمن الأفلام في مرحلة التطوير، وفاز بجائزة «مينتور أرابيا» لتمكين الأطفال والشباب.
وبعيداً عن مباشرة الطرح للقضية الفلسطينية والتي حفلت بها أفلام عدة، يأتي فيلم أمين نايفة في صور موحية، كاشفة ومؤثرة، تنأى بنفسها عن الخطابة، وتأخذنا مع رحلة بطله «مصطفى» التي يقطعها للوصول إلى زوجته وطفله الصغير، الذي تعرض لحادث سيارة. المشاهد الأولى للفيلم توحي بالسعادة والأمل داخل أسرة يجمعها الحب مكوّنة من أب وأم وثلاثة أطفال، ويبدو الأب كعمود للأسرة، إذ يمنحهم كل الحب والدعم، لكن نراه في لقطة تالية وهو يودّع زوجته وأطفاله حيث يعيشون في قرية فلسطينية تبعد عن منزله بنحو 200 متر حتى إنه يلاحظ أطفاله وزوجته من شرفة شقتهم، ويتابعهم وهم يغلقون الأنوار قبل نومهم، لكنّ جداراً عازلاً يفصل بينهم. تتعايش الأسرة رغم كل شيء، وتبدأ الأزمة حين يُمنع «مصطفى» من عبور الحاجز فيلجأ إلى حيل عديدة تكشف وجهاً قبيحاً للفصل العنصري ومعاناة الفلسطينيين في الداخل.
وغاب بطل الفيلم الممثل علي سليمان الذي كان سبباً رئيسياً من أسباب نجاح الفيلم، مع بقية الممثلين، عن حضور عرض الفيلم بالجونة. ويوضح المخرج أمين نايفة أسباب ذلك قائلاً: «كانت المشكلة في الحصول على تأشيرة دخول مصر، فعلي سليمان لديه جواز سفر إسرائيلي، وقدم طلباً للحصول على التأشيرة في السفارة المصرية بتل أبيب لكنه لم يحصل عليها».
حكاية الفيلم هي ذاتها حكاية المخرج، وحكاية والدته، وأسرته، وآلاف الفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وكما يروي أمين نايفة في حواره مع «الشرق الأوسط»: «قصة الفصل العنصري هي قصة أمي، فقد نشأتُ في بيت جدي وجدتي وأخوالي ولأننا ننتمي لقرية من عرب 1948 فقد انفصلنا بعد إقامة الجدار، وبدا كأن أهلنا يعيشون في كوكب آخر، لذا أردت أن أحكي في فيلمي عن هذا الفصل العنصري، وسيطرت عليَّ الفكرة منذ عشر سنوات تقريباً، ولم أكن أعرف الطريقة المثلى لهذا الحكي، لذا كتبته ثماني مرات تطور خلالها السيناريو كثيراً حتى شعرت بالرضا عنه».
الأزمة التي واجهها بطل الفيلم للوصول إلى طفله في المستشفى لا تقل بأي حال عن الأجواء الصعبة التي صوَّر فيها المخرج مشاهد فيلمه في الأراضي المحتلة والتي يكشف عنها قائلاً: «ظروف التصوير لم تكن سهلة بالمرة، خصوصاً ونحن نصوّر في شوارع الضفة الغربية التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية وتمتلئ بأبراج المراقبة ونقاط التفتيش والحواجز، وكنا نصور من دون تصاريح فمن المستحيل أن يمنحونا موافقات رسمية بالتصوير، وتميز فريق الفيلم بالجرأة والشجاعة والحماس الذي مكّننا من إنهاء التصوير خلال 22 يوماً فقط».
ويكشف نايفة عن أسباب اختياره لبطل الفيلم: «علي سليمان كان في مخيلتي منذ بدأت كتابة الفيلم، كنت أتمنى العمل معه، ولم أتخيل ممثلاً آخر غيره في هذا الدور، وقد شاهدته في أعمال عديدة وتعلقت بأدائه كممثل وحضوره اللافت منذ شاهدته في فيلم (الجنة الآن)».
وحسب نايفة فإنه فوجئ بإعجاب الجمهور بفيلمه خلال عرضه العالمي في «أيام فينسيا»، بل بحصوله على جائزة الجمهور: «كان هناك احتفاء ذكي من الجمهور، وهو ما أسعدني مثلما أسعدتني الحفاوة الكبيرة التي استُقبل بها الفيلم مع عرضه الأول بمهرجان الجونة، والتي جئت إليها منذ أربع سنوات وأنا أحمل سيناريو فيلمي قيد التطوير والذي فاز بجائزة، وفخور كثيراً بوجودي في الجونة وبالاهتمام الذي يحظى به الفيلم واستقبالنا على (الرد كاربت)، ما يؤكد أن الدعم الذي حصلنا عليه كنا نستحقه».
وشارك في إنتاج الفيلم أربع دول: فلسطين والأردن وإيطاليا والسويد، وكان الحصول على تمويل للفيلم أمراً ليس سهلاً، وكانت البداية من خلال المنتجة مي عودة قبل سبع سنوات، واستُكمل من عدة جهات أخرى في إيطاليا والسويد. ويؤكد أمين نايفة أن مشكلة التمويل هي أزمة السينما الفلسطينية، وعلى الرغم من أنها سينما مهمة تؤكد حضورها في المهرجانات العالمية وتحصد الجوائز، فإن ندرة التمويل من أبرز المشكلات التي تواجهها.
وقدم نايفة قبل ذلك فيلمين قصيرين هما «زمن معلق» في عام 2014، و«العبور» في عام 2017، اللذين يعدهما تمهيداً لفيلم «200 متر»، وكما يقول: «كتبت وأخرجت فيلم (العبور) ليساعدنا في تمويل فيلمنا الطويل الأول، كما يحكي فيلم (زمن معلق)، عن تفاصيل إنسانية تتعلق بالقضية الفلسطينية، وقد حصل فيلم (العبور) على جائزة من فرنسا، فيما حصل (زمن معلق) على جائزتين».
أمين نايفة (32 سنة) الذي درس التمريض في بداية حياته، اتجه للسينما ولم يعمل في مجال التمريض تماماً، وتأثر فنياً بثلاثة مخرجين: الفلسطيني هاني أبو أسعد، والبريطاني كين لوتش، والإيراني أصغر فرهادي.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.