تداعيات سياسية وأمنية تحول دون كشف قتلة الهاشمي

ورقة إعلان المسؤولين تلوح في ذكرى «انتفاضة تشرين»

TT

تداعيات سياسية وأمنية تحول دون كشف قتلة الهاشمي

أعلنت الحكومة العراقية التوصل إلى معلومات تتعلق بكشف قتلة مستشار الحكومة السابق والمحلل الأمني هشام الهاشمي، في تدوينة نشرها المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، الأحد، تزامناً مع الذكرى الأولى لمظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الاحتجاجية، وبعد أيام من نشر مجهولين على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل نصية مشفرة لمحادثة مع الهاشمي كشف فيها عن خلية إعلامية تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في بغداد.
أحمد ملا طلال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية قال في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «توصلنا إلى معلومات تخص قتلة هشام الهاشمي، ولا يجوز التصريح بها حفاظاً على سير وسرية التحقيقات».
الهاشمي الذي كان محللاً سياسياً وخبيراً أمنياً متخصصاً بشؤون الجماعات المسلحة والفصائل المشددة، وقدم الاستشارة للأجهزة الأمنية العراقية في معارك التحرير من سيطرة تنظيم «داعش»، قتل برصاص مسلحين أمام داره ببغداد في يوليو (تموز) الماضي، بعد عمله مستشاراً للحكومة العراقية قدم العديد من الدراسات، كان آخرها تقريراً مفصلاً عن أماكن انتشار وسيطرة الفصائل المسلحة الولائية التابعة لإيران، خصوصاً على أطراف العاصمة.
وقال مصدر أمني رفيع، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن «إعلان الحكومة جاء بعد عمل مستمر للأجهزة الأمنية التي تعمل منذ مقتل الهاشمي على تتبع تفاصيل حادثة الاستهداف من خلال كاميرات المراقبة وجمع المعلومات، إضافة إلى تتبع بعض المجاميع والشخصيات التي تنشر كل ما هو مضاد للهاشمي وتحاول تشويه سيرته بوصفه بالعمالة، وآخرين لم يخفوا مشاعر فرحهم بمقتل الهاشمي، وهذا التتبع الأمني أوصلهم إلى خيوط تكمل صورة سيناريو مقتل الهاشمي».
وكانت قناة «خوش نيوز» على تطبيق «تلغرام» نشرت الأربعاء، رسائل نصية مشفرة لمحادثة مسربة بين الهاشمي وشخص مجهول تحدث فيها عن تفاصيل خلية إعلامية تعمل في بغداد، تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، مبيناً خلال المحادثة أسماء معظم من يعمل فيها بينهم شخصيات معروفة في الوسط الإعلامي.
وقال مصدر مطلع، رفض الكشف عن اسمه، إن «تصريحات الناطق باسم الحكومة جاءت بالتزامن مع ذكرى الاحتجاجات ضمن خطة لكسب ود المتظاهرين والتخفيف من غضبهم، لعدم تمكن الحكومة من كشف أي جديد في ملف قتل المتظاهرين والناشطين المؤيدين للحركة الاحتجاجية»، مبيناً أن «هذه الحركة التكتيكية التي قام بها إعلام الحكومة لم تحقق أي نتيجة إيجابية، بل زادت من نقمة المتظاهرين الذين تضمنت شعاراتهم مطالب بالكشف عن قتلة المتظاهرين».
الصحافي والمحلل السياسي سامان نوح يرى أن «تصريح الناطق باسم الحكومة ليس جديداً، وهو مطابق لتصريح آخر له نشر قبل أكثر من شهر، ذكر المعلومات ذاتها دون أن يتبعها كشف أي تفاصيل عن مقتل الهاشمي»، نوح أضاف أن «شخصيات مطلعة على الملف تتناقل معلومات بأن الأجهزة الأمنية بعد وقت قصير من مقتل الهاشمي تمكنت من معرفة وتحديد المتورطين في اغتياله، ولكن الحكومة لا ترغب في الكشف عن تفاصيل المتورطين والجهات التي تقف خلفهم للتداعيات الأمنية والسياسية المتعلقة بهذا الملف الحساس».
وكشف تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن الهاشمي قبل أسابيع من مقتله، أبلغ مقربين منه، أنه يخشى من أن الميليشيات المدعومة من إيران تحاول التخلص منه، ونصحه أصدقاء مقربون بالفرار إلى مدينة أربيل في إقليم كردستان، لكنه رفض ذلك.
وحل العراق في المرتبة الخامسة بين أسوأ الدول إفلاتاً من العقاب، وفق نتائج المؤشر العالمي «للإفلات من العقاب» لعام 2019 الصادر عن لجنة حماية الصحافيين، الذي يسلط الضوء على الدول التي ترتكب بها جرائم ضد الصحافيين ولا تتم مقاضاة مرتكبي الجرائم.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.