{لقاء إيجابي} بين عون والحريري وتفاؤل بتشكيل حكومة خلال أسبوعين

الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
TT

{لقاء إيجابي} بين عون والحريري وتفاؤل بتشكيل حكومة خلال أسبوعين

الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)

اكتفى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بوصف اللقاء الذي جمعه برئيس الجمهورية ميشال عون بعد ظهر أمس بالإيجابي رافضاً الدخول في التفاصيل، وهي الأجواء التي عكستها مصادر قريبة من عون أيضاً، معربة عن تفاؤلها بإمكانية تأليف الحكومة خلال فترة قصيرة.
وقال الحريري بعد لقائه مع رئيس الجمهورية الذي امتدّ لأكثر من ساعة: «لن أتكلم كثيراً ولن أردّ على أي سؤال... الجلسة كانت طويلة والجو إيجابي».
وتجمع المواقف السياسية على الأجواء الإيجابية التي تطغى على الاتصالات الحكومية، حتى إن البعض يذهب إلى القول إن الحكومة قد تشكّل خلال مدة قصيرة لا تتعدى الأسبوعين، وذلك بعد الاتفاق على التفاصيل ومنها توزيع بعض الوزارات ولا سيما منها السيادية.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة على موقف عون لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجواء التي طغت أول من أمس على الاستشارات النيابية وما أعلن عنه رئيس البرلمان نبيه بري يوم التكليف إثر لقائه عون والحريري تعكس ارتياحاً وإرادة من الجميع بتسهيل مهمة الرئيس المكلف». وفيما تلفت إلى أن الإعلان عن الحكومة قد يكون خلال أسبوعين أو أقل، تقول: «بات هناك اتفاق على أن تكون الحكومة مصغرة لا تتجاوز العشرين وزيرا كما أن التشكيلة تكاد تكون جاهزة، وذلك انطلاقاً مما سبق أن أنجزه الرئيس المكلف المعتذر مصطفى أديب بحيث إن الحريري ينطلق اليوم في مهمته من النقطة التي انتهى منها أديب». وتذكّر المصادر بما كان يقال في وقت سابق بأن التأليف رهن بلقاء الحريري - عون، مضيفة: «ها هو اللقاء حصل من دون أن أي عناء وهو إن دلّ على شيء فعلى أنه عندما تأخذ الأمور سياقها الدستوري تذلّل كل العوائق»، متوقفة أيضاً عند تصريح النائب جبران باسيل الإيجابي بعد اللقاء. وترى المصادر أنه إذا بقيت الأجواء على ما هي ولم يحدث ما ليس بالحسبان سنكون أمام حكومة في أسرع ما يمكن، وهو ما سينعكس على الأوضاع العامة في لبنان وعلى رأسها انخفاض سعر صرف الدولار، موضحة: «الدولار سيهبط هبوطاً دراماتيكياً بمجرد تأليف الحكومة».
وضمن الأجواء نفسها، لفت النائب محمد خواجة من كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، إلى أن كلام الأخير حول «الجو التفاؤلي» من القصر الرئاسي، هو رسالة تطمينية إلى اللبنانيين، مؤكداً: «الرئيس سعد الحريري خيارنا لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة على أسس جديدة».
ونفى في حديث تلفزيوني وجود «حلف رباعي»، مؤكدا: «متفقون على سقف مؤلف من الورقة الفرنسية، وهناك مظلومية عند كل اللبنانيين، ونسبة البطالة العالية موجودة عند كل الطوائف».
بدوره، قال النائب علي درويش في كتلة «الوسط المستقل» التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، إن «الأجواء التي رافقت الاستشارات النيابية كانت إيجابية جداً بعدما أبدى الأفرقاء كافة رغبتهم بتسهيل عملية تأليف الحكومة»، داعيا إلى «الانتظار لحوالي سبعة إلى عشرة أيام للتأكد من صدق النيات».
وفي حديث إذاعي أكد أن «لبنان لا يملك ترف الوقت والمطلوب تشكيل الحكومة بسرعة قياسية»، لافتا إلى أنه «يمكن الإفادة من تجربة السفير مصطفى أديب لعدم تكرار السيناريو نفسه». ولفت إلى «أن الرئيس سعد الحريري يرغب بتوزير أشخاص من ذوي الاختصاص والنية بالإصلاح والعمل الدؤوب وسيستخدم هامش التحرك الذي يملكه بعملية تسمية الوزراء الجدد. إن الوزراء الجدد سيجمعون بين السياسة والاختصاص والعمل والحكمة في صناعة القرار».
وتوقع درويش أن تتألف الحكومة من أربعة عشر إلى عشرين وزيرا كحد أقصى، لافتا إلى أن «طرح الرئيس السابق نجيب ميقاتي بحكومة تكنو - سياسية لم يخرج من التداول، ولكنه سيطبق بطريقة مختلفة نوعا ما». وشدد على أن «الرؤساء الثلاثة والنواب يدركون مدى الضغط الخارجي على لبنان لإنجاز الإصلاحات المطلوبة»، معتبرا أن «الناس بحاجة إلى صدمة إيجابية في هذه المرحلة العصيبة».
وأكد أنه مع المداورة في كل الوزارات «لكسر الأعراف السائدة وإبعاد شكوك من يحاولون الاصطياد بالماء العكر»، مشيرا إلى أن «بداية العام المقبل قد تحمل دعوة من رئيس الجمهورية إلى طاولة حوار تجمع كل الأقطاب السياسيين».



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».