هل كانت باريس جميلة أوائل القرن الماضي؟

طاحونة باريس الحمراء
طاحونة باريس الحمراء
TT

هل كانت باريس جميلة أوائل القرن الماضي؟

طاحونة باريس الحمراء
طاحونة باريس الحمراء

«باريس بين عامي 1910 و1937» هو عنوان المعرض الذي فتح أبوابه أمس في ضاحية بولون اللصيقة بباريس ويستمر حتى 11 من يناير (كانون الثاني) المقبل. إنه ثمرة التعاون بين مركز «العمارة والتراث» ومتحف ألبير خان، ويقدم نظرة شاملة على ما كانت عليه العاصمة الفرنسية في بدايات القرن الماضي، وذلك من خلال الصور والأفلام. وإذا منعت «كورونا» الجمهور من الذهاب إلى هذا المعرض فليس أقل من أن يذهب المعرض لملاقاة الجمهور عبر موقع إلكتروني خاص.
ألبير خان، المولود عام 1860 والمتوفى في 1940. كان مصرفياً وراعياً شهيراً للفنون، تجول في العالم وجمع مختارات من الأفلام بالأبيض والأسود ومئات الصور التي أطلق عليها تسمية «أرشيفات الكوكب»، وهي لقطات ملونة على شرائح زجاجية. واليوم، بعد مرور قرن تقريباً على تلك المجموعة، ارتفعت قيمتها لأنها حفظت الملامح التي كانت عليها باريس في سنوات «الزمن الجميل»، لا سيما في تلك الفترة بين الحربين والتي تعرف بـ«السنوات المجنونة».
في المعرض 5 آلاف صورة ملونة على الزجاج، و90 ألف متر من الأفلام المصورة. وهي تشكل أهم مجموعة من المرئيات التي تؤرخ لباريس في النصف الأول من القرن العشرين. وقد ظلت تلك الثروة خاصة وشبه سرية. وكان يمكن لها أن تبقى مدفونة في الملفات والصناديق أو وراء جدران المئات من المتاحف الفرنسية الصغيرة التي لا يطرق بابها الكثيرون. لهذا يأتي إخراجها إلى النور وكأنه دعوة لاكتشاف الماضي والمقارنة مع ما آلت إليه عاصمة تعتبر بين الأجمل في العالم. كما أنها تكشف النماذج الأولى من بدايات التصوير الفوتوغرافي الملون، وكذلك الأفلام التي صورها العاملون في مشروع «أرشيفات الكوكب». وهو مشروع ضخم بادر إليه ألبير خان، الثري الذي حلم بعالم خيالي يسوده السلام. وكان هدفه تأسيس «ملف للإنسانية في كامل حياتها» وفي لحظة حرجة من تاريخها. إنها لحظة التغيرات الكبرى والعميقة، كما كان يقول جان برونز المدير العلمي للمشروع.
يشعر الزائر بالدهشة وهو يقارن بين الشوارع والساحات والمباني التي يعرفها، حالياً، وبين ما كانت عليه قبل 100 عام. جادة مونبارناس وبرج إيفل وملهى الطاحونة الحمراء ومستشفى «أوتيل ديو» وغيرها من المتاجر والمرافق التي تغيرت ملامحها وغاب الكثير منها أثناء تحولات العاصمة إلى مدينة حديثة. ومع استعراض المشروع المستقبلي المسمى «باريس الكبرى» يواصل الزائر تجواله في أجواء شاعرية كأنها قصيدة طويلة وليست معرضاً تاريخياً أو معمارياً.
هل كانت باريس آنذاك بمثل جمالها الحالي؟ إن للقديم جاذبيته وللجديد أناقته. ويخرج الزائر وهو يتساءل عن حجم الجهد البشري الذي تم إنفاقه على هذه المدينة لتبدو بمثل ما هي عليه اليوم. وهو جهد مستمر في كل يوم وساعة، في التنظيف والصيانة والترميم والتشجير والإنارة وشق الطرقات الجديدة للعجلات وللمركبات الصديقة للبيئة وتوفير خدمات النقل العام للساكنين. نعم إن باريس جميلة في كل الأوقات بفضل أهلها والأيدي العاملة التي هاجرت إليها بالملايين من أفريقيا والمغرب العربي والصين وشرق أوروبا. لهذا يشعر كل هؤلاء بأن لهم حصة فيها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».