من ريغان إلى ترمب... تسييس الدين ضخّم تأثيره في السياسة الأميركية

الانتماءات العرقية والدينية تلعب دوراً رئيسياً في الاستقطابات الحزبية

من ريغان إلى ترمب... تسييس الدين ضخّم تأثيره في السياسة الأميركية
TT

من ريغان إلى ترمب... تسييس الدين ضخّم تأثيره في السياسة الأميركية

من ريغان إلى ترمب... تسييس الدين ضخّم تأثيره في السياسة الأميركية

تُجمع كل الدراسات والأبحاث على أن الدين يلعب دوراً كبيراً في السياسة الأميركية، الأمر الذي يضع الولايات المتحدة في المرتبة الأولى لناحية حضور الدين في الحياة السياسية، مقارنة مع أي دولة غنية أخرى في العالم.
ورغم أن التعديل الدستوري الأول يمنع تشكيل أي حكومة أميركية على أساس ديني، فإنه يضمن حرية ممارسة الدين. كذلك فإن الدين لا يزال يشكل عنصر الاستقطاب الرئيسي لدى الحزبين الكبيرين، في حين يعلن الأميركيون بلا تردد أنهم متدينون. وبحسب إحصاءات أخيرة، فقد أعلن 55 في المائة من الأميركيين أنهم «يصلّون» بانتظام، مقارنة بنحو 10 في المائة في فرنسا و6 في المائة في بريطانيا. كذلك يقول 87 في المائة إنهم يؤمنون بالله، و56 في المائة يقولون إنهم يؤمنون بالله «تماماً كما هو موصوف في الكتاب المقدّس».

تاريخياً، خلال القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، استقطب الحزبان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية أنصارهما على أسس عرقية ودينية. وعموماً، في الشمال كان معظم البروتستانت من الجمهوريين، في حين أن معظم الكاثوليك كانوا من الديمقراطيين. أما في الجنوب ومنذ ستينات القرن 19 إلى ثمانينات القرن الماضي، كان معظم البيض ديمقراطيين (بعد عام 1865) وكان معظم السود جمهوريين، قبل أن تتغير الحال في العقود الأربعة الأخيرة.
أيضاً، كثيراً ما يناقش السياسيون دينهم أثناء الحملات الانتخابية، فيما العديد من الكنائس والشخصيات الدينية نشطة سياسياً. ورغم ذلك كان توماس جيفرسون، الرئيس الثالث للولايات المتحدة، هو أول مَن شق الطريق للفوز بمنصب الرئاسة عبر أفكار مثيرة للجدل حول الدين، معلناً «لا دينيته»، بعدما تمكّن من تغيير العلاقة بين الفوز في الانتخابات على أساس الدين إلى إعلان تسامحه مع الحرية الدينية.
ولعل من بين جميع السياسيين الذين ترشحوا للرئاسة الأميركية خلال العقود الأخيرة، فإن بيرني ساندرز الأقل تديناً؛ فهو يعرّف نفسه على أنه يهودي علماني ويربط المعتقدات الدينية بالعدالة الاجتماعية، ولا يشارك في أي دين، ويدافع عن الفصل بين الكنيسة والدولة. لكن ظهور سياسات الهوية ونجاحها يشير إلى أن العرق أو الدين قد تكون لهما أهمية أكبر من العدالة الاقتصادية.
مع ذلك وبغية حفاظ الجمعيات الدينية والكنائس على وضعها كمؤسسات ومبرّات معفاة من الضرائب، فقد منعها الدستور الأميركي من اعتماد مرشح رئاسي رسمي. فالمسيحيون المتدينون موجودون في كل من الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري. لكن المسيحيين الإنجيليين المتشددين (أو «المولودين من جديد») يميلون إلى دعم الحزب الجمهوري، بينما يميل المسيحيون الأكثر ليبرالية والكاثوليك والعلمانيون إلى دعم الحزب الديمقراطي. ولقد وجد استطلاع أجراه مركز «بيو للأبحاث» عام 2019 أن 54 في المائة من البالغين يعتقدون أن الحزب الجمهوري «ودود» تجاه الدين، بينما قال 19 في المائة فقط من الشريحة المستطلعة الشيء نفسه عن الحزب الديمقراطي.
من ناحية ثانية، يعرّف غالبية الأميركيين أنفسهم بأنهم مسيحيون بنسبة 71 في المائة، بينما الأديان غير المسيحية (بما في ذلك الإسلام واليهودية والهندوسية وغيرها) تشكل مجتمِعةً نحو 6 في المائة من السكان البالغين. وأعلن 23 في المائة من السكان البالغين أن ليس لديهم انتماء ديني. ووفقاً لمسح الهوية الدينية لدى الأميركيين، يختلف المعتقد الديني بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد، حيث يقول 59 في المائة من الأميركيين الذين يعيشون في الولايات الغربية إنهم يؤمنون بالله، لترتفع هذه النسبة إلى 86 في المائة في الجنوب.

إعادة تعريف الانتماء
عندما أسّست الولايات المتحدة، كانت تُسمّى بـ«الأمة البروتستانتية»، لكن «البروتستانتية» اكتسبت في الآونة الأخيرة تعريفاً أضيق. إذ بات يعني المتشددين أو البروتستانت «الإنجيليين» الذين يؤمنون بضرورة «الولادة من جديد»، ويؤكدون على أهمية الكرازة وعلى التعاليم البروتستانتية التقليدية حول سلطة الكتاب المقدس وتاريخيته. وفق هذا التعريف الضيق، يمكن القول إنهم ما عادوا يشكلون غالبية، بحسب مصادر متعددة. ووفق هذه المصادر، فإنهم يشكلون اليوم ما يقرب من ربع سكان الولايات المتحدة، وهم يأتون من مجموعات مأخوذة من خلفيات طائفية متنوعة، بما في ذلك الكنائس المعمدانية والنظامية (الميثودية) والإصلاحية وغير الطائفية.
«الإنجيلية» لعبت دوراً مهماً في تشكيل الدين والثقافة الأميركية، وشكلت «صحوتهم» الأولى الكبرى في القرن الـ18، بمثابة ظهور «الدين الإنجيلي» في أميركا الكولونيالية. ووحّدت هذه «الانجيلية» الأميركيين في جميع أنحاء المستعمرات 13 الأولى (التي أصبحت الولايات التي أسس اتحادها نواة الولايات المتحدة الـ50 حالياً) حول إيمان مشترك. ولاحقاً، أدت «الصحوة» الكبرى الثانية في القرن 19 إلى ما أطلق عليه المؤرخ مارتن مارتي «الإمبراطورية الإنجيلية»، وهي الفترة التي سيطر فيها «الإنجيليون» على المؤسسات الثقافية الأميركية، بما في ذلك المدارس والجامعات.
كان «الإنجيليون» في شمال الولايات المتحدة من دعاة الإصلاح بقوة، وشاركوا في حركة الاعتدال، ودعموا إلغاء الرق (العبودية)، بالإضافة إلى العمل من أجل إصلاح التعليم والعدالة الجنائية. في حين انفصل «إنجيليو» الجنوب عن نظرائهم الشماليين بشأن قضية الرق، وأسسوا طوائف جديدة لم تطالب بإلغائه. ويجمع المحللون على أن العامل الرئيسي الذي يقف وراء الدعوة لإلغاء الرق، تعود أسبابه إلى عوامل اقتصادية بحتة. ففي أواخر أربعينات القرن 19 كان للهجرة الكثيفة والتدفق المفاجئ وغير المسبوق للمهاجرين الألمان والآيرلنديين على الولايات المتحدة، أبلغ الأثر على الانخفاض السريع والحاد في أجور اليد العاملة، الأمر الذي هدّد بخفض عدد «الرجال الأحرار البيض» لمصلحة العبيد، وذلك لدى إقدام الأثرياء البيض بزيادة عدد العبيد لاستثمار الأرض. وبسبب هذا الخوف من أن الرق سيدمر الآفاق الاقتصادية للعائلات العاملة البيضاء، نما وتوسع حزب لم يعمر طويلاً كان يسمى «لا نعلم شيئاً»، أو «نو نوثينغ»، لكنه شكل الأرضية لتعزيز قوة الحزب الجمهوري الذي دعم ترشح أبراهام لينكولن وقاد الحرب لإلغاء الرق.

مشهد ديني متغير
حضور الدين في الخطاب السياسي الأميركي تزايد بعد «تسييسه»، لا سيما بين «الإنجيليين» البيض منذ سبعينات القرن الماضي، وسلّط هذا التسييس الضوء على الانقسام العنصري الموجود في الولايات المتحدة. وبحسب «المعهد العام لأبحاث الدين» وهي منظمة غير ربحية وغير حزبية، «لا توجد اليوم جماعة دينية أكثر ارتباطاً بالحزب الجمهوري من البروتستانت الإنجيليين البيض». ومع ذلك، فإن تسمية «إنجيلية» قضية معقدة؛ فهي حركة عابرة للطوائف في الغالب داخل المسيحية البروتستانتية على أساس مجموعة من المعتقدات الأساسية الشخصية: الكتاب المقدس هو مركز الإيمان، والتكفير عن الخطايا بصلب المسيح، والاهتداء الشخصي والخلاص، والمشاركة في الإنجيل الذي منه أخذت هذه الحركة اسمها.
لكن ليس كل «الإنجيليين» اليوم هم من البيض والمحافظين. بل هناك نسبة صغيرة من «الإنجيليين» غير البيض (نحو 25 في المائة) بالإضافة إلى بعض «الإنجيليين» البيض التقدميين (نحو 15 في المائة) يميلون إلى التصويت للديمقراطيين. ومع ذلك، تظهر الإحصائيات تآكلاً بطيئاً في عدد الأميركيين الذين يُعرّفون بأنهم بروتستانت «إنجيليون» منذ تسعينات القرن الماضي، وخاصة لدى الأجيال الشابة. أيضاً، انخفض عدد الكاثوليك ببطء، في حين انهار عدد البروتستانت التاريخيين.
بعض الأكاديميين يناقشون أن هناك زيادة ملحوظة في عدد الأميركيين الذين لا ينتمون إلى أي دين، وهؤلاء باتوا يساوون عدد «الإنجيليين» إن لم يكونوا أكثر عدداً. لكن باحثين آخرين، مثل لوريك هينيتون، يقولون إنه لا يوجد شيء مشترك سوى أنهم لا يريدون أن يُحسبوا على أنهم ينتمون إلى مجموعة دينية أو لتقاليد راسخة. وأظهر استطلاع أجراه مركز «بيو» عام 2014 أن الملحدين و«اللاأدريين» Agnostics آخذون في الازدياد، لكنهم ما زالوا يمثلون أقل من ثلث اللامنتمين، مما لا يثير الدهشة أن بيرني ساندرز هو المفضل عندهم.
من ناحية أخرى، تظهر بعض الدراسات أن الأجيال الشابة لا تنتسب بشكل متزايد إلى دين أو كنيسة، لكنهم أيضاً من أقل الأجيال إقبالاً على التصويت، ما يقلل من تأثيرهم على الانتخابات. بل حتى لو تزايدت نسبة تصويتهم، كما جرى في الانتخابات النصفية عام 2018، فإن النظام الانتخابي والتقسيم السياسي لأميركا يضخّم قوة الناخبين البيض والريفيين والمسيحيين المحافظين، عبر تقسيمات إدارية للمقاطعات تمكن الأقلية في الولايات القليلة السكان من التحكّم بنتائج الانتخابات. ومن ثم، يُرجّح أن يستمر الدين في لعب دور رئيسي في الانتخابات الأميركية لسنوات مقبلة، وأن ستستمر «الآلة القومية المسيحية» في دفع دونالد ترمب لجعل الهوية الدينية عنصراً أساسياً في حملته، على حد قول الباحثة كاثرين ستيوارت، وفي المقابل، يسمح لمنافسه جو بايدن باستخدام «تسامحه الديني» لاستقطاب القاعدة المؤمنة.

مرحلة رونالد ريغان
خلال العقود الأخيرة أصبح التديّن أكثر وضوحاً في البيت الأبيض. لقد كان رؤساء الولايات المتحدة يتذرّعون بالإيمان والله منذ أن أعرب جورج واشنطن عن «توسلاته الحارة لهذا القدير الذي يحكم الكون» في خطابه عام 1789. غير أن استخدام اللغة الدينية وحتى الإشارات الصريحة إلى الله قد ازدادت في الخطاب الرئاسي منذ الثمانينات. ويرى باحثون أن عبارة «بارك الله في أميركا»، وهي العبارة الأكثر وضوحاً التي تربط بين الله والوطن، تزايدت بشكل كبير، وباتت متوقعة في جميع الخطابات الرئيسية، بينما كانت شبه غائبة قبل رونالد ريغان. وبحسب دراسة حديثة أجراها الباحث سيري هيوز، يبدو أن هذا الاتجاه أكثر وضوحاً مع دونالد ترمب... الذي رغم ادعائه الانتماء إلى الطائفة البروتستانتية المشيخية، هناك أدلة كثيرة تشير إلى أنه أقل الرؤساء التزاماً دينياً في العصر الحديث. وفي هذا السياق، فإنه يستدعي الدين أكثر من غيره، في استراتيجية استخدمها بشكل ناجح عام 2016؛ فقد صوّت 81 في المائة من «الإنجيليين» البيض لصالح ترمب، ووعد بالدفاع عنهم في الحروب الثقافية، لا سيما في مواضيع الإجهاض وحقوق مجتمع المثليين والصلاة المدرسية.
وبخلاف ترمب، حدد جميع رؤساء العصر الحديث أنهم «مسيحيون بروتستانت»، باستثناء جون كينيدي (الرئيس الكاثوليكي الوحيد) الذي ظهر أن «كاثوليكيته» كانت قضية حملته الانتخابية. من ناحية أخرى، لم ينل أي شخص يهودي ترشيحاً رئاسياً من أي حزب كبير (فقط حصل جوزيف ليبرمان على ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس في عام 2000)، في حين لم يخلُ من جدل انتماء ميت رومني المرشح الجمهوري في عام 2008 إلى طائفة المورمون.
في أي حال، ولئن كان لا يزال هناك تشكيك في أهمية الدين والدور الذي يلعبه في السياسة الأميركية، فإن تركيبة الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب، تعطي صورة واضحة عن هذا الدور. ومع أن الكونغرس الحالي الـ116 يُعتبر الأكثر تنوّعاً على المستوى الديني، فإنه يظل مسيحياً بأغلبية ساحقة قياساً حتى لعدد سكان الولايات المتحدة؛ فهناك 88 في المائة من أعضائه من المسيحيين، مقابل 71 في المائة من السكان الأميركيين البالغين. وهناك مشرّع واحد منتخب فقط في مجلس الشيوخ: السيناتورة كيرستن سينيما (ديمقراطية من ولاية أريزونا)، تعلن أنها لا دينية، في حين لا يوجد أي مشرّع يصف نفسه بالملحد. وحتى النائبة اليسارية النيويوركية إلكساندريا أوكاسيو كورتيز دائماً ما تذكّر بإيمانها الكاثوليكي وتقتبس تعابير من الإنجيل وتنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

المتدينون أنشط اقتراعاً
وإذا كان من الصعب معرفة اتجاهات التصويت لدى المتدينين الأصوليين، خصوصاً من «الإنجيليين»، وهو ما لعب دوراً كبيراً في فشل استطلاعات الرأي التي توقعت فوز هيلاري كلينتون على ترمب عام 2016، فإنهم «يميلون إلى الانخراط في النشاط السياسي بمعدلات أعلى من متوسط الأميركيين».
كذلك، رغم أن الاعتقاد السائد بأن الناخبين المتدينين يصوتون دائماً للجمهوريين، فهذا لا يصح دائماً. فالتصويت لمصلحة هذا الحزب أو ذاك يعتمد بشكل ملحوظ على الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وبالنسبة للأشخاص المتدينين ذوي الدخل المنخفض، لا يوجد تقريباً أي ارتباط بين معتقداتهم الدينية وقرارهم في التصويت. إذ حقق جورج بوش الأبن (الطائفة النظامية) فوزا ضئيلاً جداً على منافسه جون كيري، حين لم يلعب الاستشهاد «بالقيم الأخلاقية» دوراً كبيراً في حض القاعدة الانتخابية المتدينة على التصويت بكثافة لبوش. ونسب فوزه مباشرة إلى الجماعات الأصولية المسيحية الذين أطلق عليهم تسمية «المحافظون الجدد»، وليس للمتدينين عموماً. من جهة أخرى، أشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب» عام 2019. إلى أن 60 في المائة من الأميركيين على استعداد للتصويت لرئيس ملحد. في حين أن أبحاثاً كثيرة تظهر أن الأميركيين ينظرون للمرشحين الذين يُعتبرون متدينين بأنهم جديرون أكثر بالثقة.

الواقعان السياسيان لليهود... والمسلمين

> يشكل تعداد اليهود في الولايات المتحدة ما يصل إلى 2.1 في المائة من السكان. ولقد سجل هذا التعداد انخفاضاً كبيراً من أكثر من 3 في المائة في الخمسينات، ويرجع السبب أساساً إلى انخفاض معدل المواليد نسبياً بين اليهود الأميركيين وارتفاع معدلات الزواج المختلط من غير اليهود.
مع هذا، ما زال اليهود يلعبون دوراً مؤثراً في الحياة السياسية الأميركية لأسباب عدة متشعبة، يتداخل فيها العامل الآيديولوجي مع السياسي والاقتصادي. وبينما كان المهاجرون اليهود الأوائل من ألمانيا يميلون إلى أن يكونوا محافظين سياسياً، كانت موجة يهود أوروبا الشرقية التي بدأت في أوائل ثمانينيات القرن 19 أكثر ليبرالية أو يسارية بشكل عام، وأصبحت الغالبية السياسية. لقد جاء العديد من هؤلاء إلى أميركا من ذوي الخبرة في الحركات الاشتراكية والفوضوية والشيوعية بالإضافة إلى حزب العمال، المنبثق من أوروبا الشرقية. وصعد العديد من اليهود إلى مناصب قيادية في الحركة العمالية الأميركية في أوائل القرن العشرين وساعدوا في تأسيس نقابات لعبت دوراً رئيسياً في سياسة اليسار ثم بعد عام 1936، في سياسات الحزب الديمقراطي.
بعد تلك الفترة كانت الغالبية العظمى من اليهود في الولايات المتحدة متحالفة مع الحزب الديمقراطي. وقبيل نهاية القرن 20 وبداية القرن 21. أطلق الجمهوريون مبادرات بدأت تؤتي ثمارها لجذب اليهود الأميركيين بعيداً عن الحزب الديمقراطي. ولعل العلاقة الخاصة التي باتت تربط ترمب بإسرائيل وسلسلة القرارات السياسية المهمة التي اتخذها سواء في ملف السلام أو في قضية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقله السفارة الأميركية إليها واعترافه بحقها في ضم أراضي الجولان السورية المحتلة، شكلت كلها علامات فارقة، كان بالإمكان رؤية تأثيرها في الخطابات التي ألقيت في الاجتماعات السنوية للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «أيباك».

ماذا عن المسلمين؟

أما عن المسلمين، ففي عام 2006. أصبح كيث إليسون أول مسلم ينتخب في مجلس النواب الأميركي، كممثل عن الدائرة الخامسة في ولاية مينيسوتا، وأصبح لاحقاً رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي. وعند إعادة تصوير أدائه اليمين استخدم نسخة من القرآن كان يملكها الرئيس توماس جيفرسون.
بعدها، أدت انتخابات مجلس النواب عام 2018 إلى دخول نائبتين مسلمتين مجلس النواب هما إلهان عمر (من أصل صومالي) ورشيدة طليب (من أصل فلسطيني). ولكن حتى الساعة لا يمكن الحديث عن دور كبير يلعبه المسلمون في الحياة السياسية الأميركية، خاصة، أنهم يشكلون أقلية لا تزيد نسبتها على 2 في المائة، سوادهم الأعظم من المهاجرين وأطفال المهاجرين. من ناحية ثانية، معظم منظماتهم التي تشكلت في العقود الأخيرة، وهي لا تزال تسعى إلى الموازنة بين لعب دور سياسي من ناحية، ورفع صفة الإرهاب عنهم من ناحية ثانية. وراهناً توجد عدة منظمات إسلامية أميركية متعددة التوجهات، بعضها يوصف بالمعتدل وبعضها الآخر يتهم بالتشدد والارتباط بقوى سياسية في العالم الإسلامي.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.