إحياء عفن قاد لاكتشاف البنسلين بعد 92 عاماً على رصده

إحياء عفن قاد لاكتشاف البنسلين بعد 92 عاماً على رصده
TT

إحياء عفن قاد لاكتشاف البنسلين بعد 92 عاماً على رصده

إحياء عفن قاد لاكتشاف البنسلين بعد 92 عاماً على رصده

حينما عاد ألكسندر فليمنغ، أستاذ علم الجراثيم في لندن، إلى مختبره في 15 سبتمبر (أيلول) 1928. بعد أن ترك إناءً كان مليئاً ببكتيريا المكورات العنقودية بدون غطاء لفترة من الزمن، وجد أن طبقة من العفن الأخضر تشكلت على سطح الإناء، وتسببت في التخلص من كل البكتيريا التي كانت تملأ الإناء.
استخرج فليمنغ المادة الفعالة «البنسلين» من العفن، ووجد أنها تقتل العديد من البكتيريا الضارة، وبعد ذلك تم تجميد هذا العفن، وحفظه لدراسته في المستقبل.
وفي دراسات سابقة قام العلماء أحياناً بإزالة الجليد وإعادة نمو العفن من السلالة الأصلية، لكن لم يسبق للباحثين من قبل أن حللوا الحمض النووي الموجود داخل الفطر، وهو ما فعله فريق بحثي بقيادة تيم باراكلو، الأستاذ في قسم علوم الحياة في إمبريال كوليدج لندن، وقسم علم الحيوان في جامعة أكسفورد، ونشر النتائج التي توصل إليها في العدد الأخير من دورية «ساينتفيك ريبوتيز» في 24 سبتمبر (أيلول) الماضي.
يقول باراكلو في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة أكسفورد بالتزامن مع نشر الدراسية «قمنا بإحياء هذا العفن من جديد، لعمل تسلسل جينوم لهذا الفطر الأصلي. فقط كان غريبا أن أحدا لم يقم بذلك، رغم الأهمية التاريخية لهذا الفطر».
وقارن الفريق عينات من فطر (بنيسيليوم) الأصلي المنتج للعفن، والذي اكتشفه ألكسندر فليمنغ، مع سلالتين حديثتين من الفطر تستخدمان لإنتاج المضادات الحيوية في الولايات المتحدة، وقاموا بتكبير الجينات التي تمكن الفطر من إنتاج البنسلين.
تحتوي بعض هذه الجينات على تعليمات لبناء الإنزيمات التي تصنع البنسلين، بينما يتحكم البعض الآخر في وظيفة هذه الإنزيمات وكميتها الإجمالية.
يقول الباحثون إن الاختلافات بين سلالات العفن التاريخية والحديثة يمكن أن تكشف كيف تطور البينسيليوم عبر الزمن، وما إذا كان الدواء المصنوع منه يمكن تحسينه.
ومنذ إطلاق البنسلين، ازدهرت المقاومة البكتيرية للعقار، ومن خلال تحديد الاختلافات الدقيقة في سلالات العفن المستخدمة في صنع البنسلين يأمل الفريق البحثي في التوصل إلى طرق جديدة لتحسين استخدامنا للدواء أو تصميم مضادات حيوية جديدة لمكافحة البكتيريا.
ويثني الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، على ما ذهبت إليه هذه الدراسة كونها تخدم التوجه العالمي نحو تطوير مضادات حيوية جديدة للتغلب على مقاومة البكتيريا ومسببات الأمراض للمضادات الحيوية الموجودة في الأسواق، لا سيما البكتيريا «سلبية الغرام»، مثل بكتيريا العقدية الرئوية والمكورات المعوية.
يقول عز العرب «هذه البكتيريا سلبية الغرام تتسبب في التهابات حادة أغلبها قاتل، وتشكل خطرا على حياة البشر ممن لديهم جهاز مناعة ضعيف أو غير مكتمل، كالمواليد الجدد وكبار السن والأشخاص الذين يخضعون لعمليات جراحية وعلاج السرطان».
ويضيف «أصبحت هناك حاجة ملحة لتطوير أدوية لمثل هذه البكتيريا، لأن الخيارات المتاحة أمام المرضى بدأت تنفد».
وكانت منظمة الصحة العالمية طالبت في يناير (كانون الثاني) الماضي بتسريع عملية تطوير مضادات حيوية جديدة. وقال الدكتور تيدروس غيبرييسوس، مدير المنظمة إن «الحاجة إلى حلول أصبحت ماسة».


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».