وفاة قيادي «القاعدة» أبو أنس الليبي في نيويورك قبل أيام من محاكمته

كان سيمثل مع خالد الفواز أمام محكمة مانهاتن يوم 12 يناير

أبو أنس الليبي
أبو أنس الليبي
TT

وفاة قيادي «القاعدة» أبو أنس الليبي في نيويورك قبل أيام من محاكمته

أبو أنس الليبي
أبو أنس الليبي

توفي رجل ليبي يشتبه بأنه خطط لتفجيري سفارتين أميركيتين في أفريقيا عام 1998 نفذهما تنظيم القاعدة، في مستشفى في نيويورك قبل أيام من مثوله أمام المحكمة طبقا لمحاميه.
وكان نزيه عبد الحميد الرقيعي الملقب بـ«أبي أنس الليبي» يعاني من سرطان الكبد في مرحلة متقدمة واعتقلته القوات الأميركية عام 2013 في مداهمة جرت في طرابلس.
وتوفي الليبي، 50 عاما، أمس بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير طبقا لما قاله محاميه بيرنارد كلينمان لصحيفة «واشنطن بوست». وكان من المقرر أن يمثل الليبي وهو خبير كومبيوتر أمام المحكمة في نيويورك في 12 يناير (كانون الثاني) الحالي. واتهم بالتآمر لارتكاب جريمة قتل غير إنه قال إنه برئ. وفي عام 2000، اتهمت محكمة أميركية أبو أنس الليبي بالمشاركة في تفجيري السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، مما أسفر عن مقتل 224 شخصا. وقدمت الولايات المتحدة أيضا مكافأة قيمتها 5 ملايين دولار مقابل المساعدة في اعتقاله. وفي أعقاب اعتقاله في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، جرى استجواب الليبي على متن السفينة الحربية الأميركية «سان أنطونيو» واقتيد إلى نيويورك.
وشريكاه المتهمان في نفس القضية هما خالد الفواز وهو سعودي وعادل عبد الباري وهو مصري. وجرى تسليم الرجلين إلى الولايات المتحدة من بريطانيا في عام 2012. وقالت أسرة الليبي إنه كان يعاني من الالتهاب الكبدي الوبائي «سي» وإن حالته الصحية أرجأت جلسات استماع سابقة في المحكمة. وكان من المقرر أن يمثل الليبي أمام محكمة مانهاتن مع خالد الفواز المتهم بأنه مساعد لأسامة بن لادن يوم 12 يناير . ودفع الاثنان ببراءتهما من التهم المنسوبة إليهما. ونقلت «إن بي سي» أول من أمس عن سجلات محكمة قدمها مكتب الادعاء في مانهاتن أن أبو أنس الليبي، توفي في مستشفى محلي بعد نقله من مركز إصلاحي بمنطقة مانهاتن السفلى يوم الأربعاء. ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من صحة التقرير. ولم يتسن الحصول على تعليق من مكتب الادعاء كما لم يتسن أيضا على الفور الحصول على تعليق من برنارد كلينمان محامي الليبي. وأبلغ كلينمان صحيفة «واشنطن بوست» أن صحة الليبي تدهورت بشكل سريع خلال الشهر الماضي لكنه لم يعرف سبب الوفاة.
وقال نجل أبو أنس في تسجيل صوتي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نذكر الضمير العالمي باختطاف والدي من دون وجه حق، هو مريض بمرض الوباء الكبدي الذي تطور إلى سرطان، وخضع لعملية جراحية وصحته تدهورت، وطالبنا الحكومة الأميركية بزيارته لكنها لم تستجب».
وأضاف: «نطالب بالتدخل العاجل لمنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية لتوفير زيارة للاطمئنان عليه، استطاعت الحكومة الأميركية خطفه من أمام بيته في طرابلس.. فلماذا ترفض السماح لنا بزيارته؟».
وفي اتصال هاتفي ألقى نجله أحمد الرقيعي باللوم على السلطات الأميركية في وفاة والده. وقال: «نحمل الولايات المتحدة المسؤولية القانونية عن وفاة والدي. لقد أصيب بالسرطان أثناء وجوده في السجن في أميركا».
وأضاف: «أجريت له جراحة في مستشفى وأعيد بعد ذلك إلى السجن رغم أن حالته لم تكن مستقرة».
وقال الرقيعي الابن: «نطالب السلطات الأميركية بإعادة جثمانه دون أي تشريح حتى نرى بأنفسنا ونتأكد من سبب وفاته».
وقال المدعي العام في مانهاتن بريت بارارا إن الليبي عانى من مضاعفات مفاجئة ناجمة عن مشاكل طبية قائمة منذ فترة طويلة وتوفي في الثاني من يناير (كانون الثاني). وقال ممثلو الادعاء إن محامي الليبي كان معه طوال اليوم وكذلك رجل دين في المستشفى.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.