تاريخ الأفكار والفلاسفة وتطور المجتمعات في قاموس فرنسي

تاريخ الأفكار والفلاسفة  وتطور المجتمعات في قاموس فرنسي
TT

تاريخ الأفكار والفلاسفة وتطور المجتمعات في قاموس فرنسي

تاريخ الأفكار والفلاسفة  وتطور المجتمعات في قاموس فرنسي

يعرض قاموس «الفكر السياسي... الأفكار والمذاهب والفلاسفة» الذي صدر حديثاً عن دار الرافدين العراقية، بترجمة الكاتب المصري الدكتور لطفي السيد منصور، شروحاً مبسطة للتيارات الفكرية الرئيسية والمناقشات الفلسفية الكبرى، التي ظلت تدور بين المفكرين، منذ العصور القديمة حتى العصر الحديث، كما يقدم نبذة مختصرة لمساهمات مؤلفي الفكر السياسي الغربيين الرئيسيين، ويغطي الكتاب الذي يأخذ طابعاً موسوعياً وبسيطاً، واضعاً في اعتباراته أن يكون في متناول القراء غير المتخصصين، 128 مدخلاً فكرياً وفلسفياً، تشكل مظلة كافية للإحاطة بفترات التاريخ المختلفة.
القاموس قام بتأليفه كل من أوليفيه ناي أستاذ العلوم السياسية بجامعة لاروشيل، ويوهان ميشيل أستاذ الفلسفة بليسيه كلود مونيه في لو هافر، وأنطوان روجيه أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات السياسية في تولوز، ويتناول مجموعة واسعة من الموضوعات تربط بين فلسفة القدماء وأفكار العصور القديمة «اليونانية والرومانية» منذ القرن السادس قبل الميلاد حتى القرن الخامس بعد الميلاد، وبين ما قدمته البشرية بعد ذلك انطلاقاً من منجزها القديم، على مستوى التحرر من الأساطير الدينية العظيمة والانفتاح على «العقل» الفلسفي ذي الطابع النقدي الذي تبناه الفلاسفة اليونانيون. ثم يتابع بالرصد والتحليل الحركة الواسعة للتحول الفكري والسياسي التي قدمها الرومان من خلال منح المؤسسات والحقوق مكاناً أساسياً في الحياة العامة.
من هنا يسعى مونيه وناي وأنطون روجيه، في القاموس، للربط بين دور اليونان باعتبارها مهد الفكر السياسي الغربي، وما ترسخ في دول أوروبا الحديثة من قطيعة جوهرية مع الفكر الخرافي تحت عباءة الدين. فهم الذين دعوا لاستخدام العقل البشري من أجل فهم قوانين الكون وآليات الطبيعة. والابتعاد عن التفسيرات الأسطورية وإخضاع الكون لقوة الملاحظة والتفسير العقلي ليصبح الإنسان مقياس كل شيء، والعقل أداة للحقيقة، ومصدراً لكل فضيلة.
ويؤكد القاموس بموضوعاته المتعددة على أن ولادة الفلسفة هي التي جددت التفكير في الحياة السياسية. ولا يمكن فصلها عن انطلاقة المدن، في أطوار تطورها المختلفة، وولادة تمثيل غير مسبوق للنظام السياسي يفضِّل «العقل» كمبدأ للحكومة، ويقوم على 3 ركائز رئيسية تتمثل في فكرة المواطنة ومبدأ المداولات العامة وتفوُّق القانون، وهي العناصر الأصيلة التي قامت وتطورت على أساسها المجتمعات الأوروبية، واحتلت مكانتها في العالم الحديث.
ويتتبع القاموس تاريخ الأفكار، ويبرز مساهمات المفكرين والفلاسفة في تطويرها، ولا ينسى بالطبع ما قدمه العلماء المسلمون للغرب في القرن الثالث عشر من شروحات لأرسطو، والتي تمثلت في تعليقات الفارابي، وابن سينا، وابن رشد، وهي منجزات بنى عليها الغربيون الكثير من الأطروحات حول شكل الدولة والمجتمع والحقوق السياسية.
ولا يخلو القاموس من تركيز لافت على قضايا تبرز من آن لآخر في عالم اليوم، مثل التعددية الثقافية، والأناركية، والحداثة، والقومية، والمثالية، والمادية التاريخية، والمادية الجدلية، والميكافلية، وصراع الطبقات، والاشتراكية، والليبرالية، والشمولية، والشيوعية، والعلمانية، والفردانية، وقيم الحرية والعدالة، وقد سعى لتقديمها بشكل مختصر، وأوضح إسهامات المفكرين والفلاسفة الذين تناولوها في كتاباتهم، وتاريخ ظهورها، كما سلط الضوء على المفاهيم والرؤى المركزية الرئيسية التي غذت التفكير في السلطة والمجتمع حتى اليوم.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.