الوباء يواصل صعوده «المليوني» عالمياً

الرئيس البرازيلي يرفض شراء اللقاح الصيني

شارع يعج بالمارة في ساعة الزحمة بالعاصمة الصينية بكين أمس (أ.ف.ب)
شارع يعج بالمارة في ساعة الزحمة بالعاصمة الصينية بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

الوباء يواصل صعوده «المليوني» عالمياً

شارع يعج بالمارة في ساعة الزحمة بالعاصمة الصينية بكين أمس (أ.ف.ب)
شارع يعج بالمارة في ساعة الزحمة بالعاصمة الصينية بكين أمس (أ.ف.ب)

أظهر إحصاء لـ«رويترز»، أمس، أن أكثر من 40.62 مليون شخص أصيبوا بفيروس «كورونا» المستجد على مستوى العالم في حين وصل إجمالي الوفيات الناتجة عن الفيروس إلى مليون و120195.
أما أحدث البيانات المتوافرة على موقع جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية فأظهر أن إجمالي الإصابات في العالم وصل حتى ظهر أمس إلى 40 مليوناً و784 ألف حالة، ما يعني أن العالم يستعد لبدء مرحلة ما بعد الـ41 مليون إصابة نظراً إلى السرعة الكبيرة التي ينتشر بها الوباء الذي يسجّل قفزات «مليونية» خلال أيام قليلة فقط.
كما أظهرت البيانات أن عدد المتعافين يقترب من 28 مليوناً، بينما تجاوز عدد الوفيات المليون و124 ألف حالة.
وتم تسجيل إصابات بالفيروس في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وظلت الولايات المتحدة متصدرة قائمة الدول العشر الأكبر من حيث عدد الإصابات المؤكدة بواقع 8245252 و220171 وفاة، تليها الهند بـ7597063 إصابة و115197 وفاة، والبرازيل بـ5250727 إصابة و154176 وفاة.
وفي بكين، أفادت لجنة الصحة الوطنية بالصين أمس الأربعاء بأنها تلقت تقارير عن تسجيل 11 إصابة مؤكدة جديدة بفيروس «كورونا» في البر الرئيسي الصيني. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن اللجنة أن جميع الحالات الجديدة قادمة من الخارج.
ولم يتم الإبلاغ عن حالات وفاة بسبب الفيروس أول من أمس. وقالت اللجنة إن ما مجموعه 22 شخصاً خرجوا أول من أمس من المستشفيات بعد تعافيهم من الإصابة بالفيروس.
وفي مومباي، أظهرت بيانات وزارة الصحة في الهند، أمس (الأربعاء)، أن البلاد سجلت 54044 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» ليصل إجمالي الحالات إلى 7.65 مليون.
والهند ثاني أكبر دولة سكاناً في العالم لديها ثاني أكبر عدد إصابات في العالم بعد الولايات المتحدة. وقالت الوزارة إنها رصدت 717 وفاة جديدة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية ليصل إجمالي الوفيات إلى 115914. وتراجعت الإصابات في الهند بعد ذروة سبتمبر (أيلول) لكن خبراء حذروا من أنها قد تعاود الارتفاع مع اقتراب موسم احتفالات هندوسية وعطلات، بحسب وكالة «رويترز».
وفي طوكيو، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسؤولين بحكومة العاصمة اليابانية قولهم إن 150 حالة إصابة جديدة بفيروس «كورونا» سُجّلت في العاصمة أمس الأربعاء، طبقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية «إن إتش كيه». والرقم تجاوز المائة لليوم الثاني على التوالي. وبذلك يرتفع عدد المصابين بفيروس «كورونا» في طوكيو حتى الآن إلى 29 ألفاً و335 شخصاً.
وكانت اليابان قد ذكرت أواخر الشهر الماضي أنها ستبدأ رفعاً تدريجياً لتحذيرات السفر الخاصة بها لبعض الدول، بداية من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بحسب ما ذكرته صحيفة «نيكي» اليابانية.
إلى ذلك، أعلن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو أن الحكومة لن تشتري اللقاح الصيني «كورونافاك». وكتب في منشور على حسابه على «فيسبوك» يقول: «بالنسبة للحكومة البرازيلية، فإن أي لقاح يجب أن تتحقق منه وزارة الصحة علمياً وتصدق عليه وكالة مراقبة الصحة (أنفيسا)». وتابع: «الشعب البرازيلي لن يكون فأر تجارب لأحد»، بحسب ما أوردت وكالة بلومبرغ للأنباء. وتابع: «لا يوجد مبرر لدفع المليارات نظير عقار لم يمر حتى بمرحلة الاختبار». وختم كلامه قائلاً: «قراري هو عدم شراء اللقاح».
وجاء كلامه بعد يوم من إعلان وزير الصحة البرازيلي إدواردو بازويلو (أعلنت إصابته بـ {كورونا} أمس) أن بلاده ستعتمد لقاحا صينيا ضد فيروس «كورونا» المستجد في إطار حملتها لمكافحة الوباء رغم الجدل المثار حول هذا العلاج. وكان لقاح «كورونا» الذي طوره مختبر سينوفاك الصيني تم اختباره على آلاف المتطوعين في ست ولايات في البلاد منها ساو باولو الأكثر تضرراً بـ«كوفيد - 19».
وأعلن وزير الصحة خلال مؤتمر عبر الفيديو مع حكام ولايات البلاد الـ27 أن الحكومة البرازيلية أبرمت اتفاقاً مع هذه الولاية لشراء 46 مليون جرعة ستستخدم اعتبارا من يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال الوزير إن بلاده التي تضم 212 مليون نسمة تعتمد على الشراكة بين جامعة أكسفورد البريطانية ومجموعة أسترا زينيكا البريطانية السويدية لإنتاج الأدوية. وأضاف أن «ابتكارنا الجديد. سيعيد ذلك التوازن إلى العملية».
ودخل لقاح المختبر الصيني المرحلة النهائية للتجارب في البرازيل تماما كالذي تطوره جامعة أكسفورد التي علقت تجاربها الشهر الماضي بسبب آثار جانبية خطيرة على أحد المتطوعين.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟