صدمة في دمشق بعد رفع جديد لسعر البنزين

ترافق مع قرارات بمنح مالية للموظفين وتعديل الإعفاءات الضريبية

رجل في دكانه بدمشق القديمة يوم 26 من الشهر الماضي (إ.ب.أ)
رجل في دكانه بدمشق القديمة يوم 26 من الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

صدمة في دمشق بعد رفع جديد لسعر البنزين

رجل في دكانه بدمشق القديمة يوم 26 من الشهر الماضي (إ.ب.أ)
رجل في دكانه بدمشق القديمة يوم 26 من الشهر الماضي (إ.ب.أ)

عمت الصدمة أوساط الموالين للنظام في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي، من قرار الحكومة السورية مساء الثلاثاء برفع سعر لتر البنزين «الممتاز المدعوم»، بعد تأكيدها أنها لن تقدم على هذه الخطوة؛ الأمر الذي دفع لوصفها بـ«حكومة الكذب».
وتزامن رفع الأسعار مع إصدار الرئيس بشار الأسد مرسومين تشريعيين، يتضمّن الأول منحة مالية للموظفين المدنيين والعسكريين، ويعدّل الثاني الحد الأدنى من الرواتب المعفى من الضريبة، فيما يرزح أكثر من 80 في المائة من السوريين تحت خط الفقر وفق الأمم المتحدة.
ووسط تفاقم أزمات عدم توفر البنزين والمازوت والخبز وانهيار اقتصادي متسارع يضرب البلاد، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مساء الثلاثاء قراراً يقضي برفع سعر مبيع لتر البنزين الممتاز المدعوم للمستهلك عبر «البطاقة الذكية» من 250 ليرة سورية إلى 450 ليرة، وغير المدعوم من 450 ليرة إلى 650 ليرة سورية.
جاء القرار الجديد، بعد يوم واحد من مفاجأة الوزارة المواطنين، بقرار يقضي برفع سعر المازوت الصناعي والتجاري الحر إلى 650 ليرة سورية، بعدما كان 296 ليرة، ورفع سعر لتر البنزين «أوكتان95» إلى 1050 ليرة سورية، في ثاني خطوة من نوعها لرفع سعر هذه المادة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الحالي؛ إذ سبق أن رفعت سعرها في 8 من الشهر نفسه من 450 ليرة إلى 850.
وبررت الوزارة قرار رفع الأسعار بـ«التكاليف الكبيرة التي تتحملها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية وارتفاع أجور الشحن والنقل في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على سوريا وشعبها».
وتشهد مناطق سيطرة الحكومة منذ سنوات أزمة محروقات حادة وساعات تقنين كهرباء طويلة، وتفاقمت مؤخراً بشكل كبير، بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد، مما دفع بها إلى اتخاذ سلسلة إجراءات تقشفية.
وتحول العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق دون وصول سفن نقل النفط بانتظام، بينما فاقم «قانون قيصر» الأميركي الذي دخل حيّز التنفيذ في يونيو (حزيران) الماضي من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المنهك أساساً. كما فاقمت العقوبات الأميركية على طهران، أبرز داعمي دمشق، أزمة المحروقات في سوريا التي تعتمد على خط ائتماني يربطها بإيران لتأمينها.
ويتوقع محللون اقتصاديون «زيادة حتمية» في الأسعار والمواد الأولية المرتبطة بالمشتقات النفطية، في وقت يفاقم فيه رفع الأسعار معاناة السوريين الذين ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على البنزين المدعوم والخبز ويشكون من الغلاء وارتفاع الأسعار المتواصل، إثر تدهور سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء إلى نحو 2300 أمام الدولار خلال سنوات الحرب، بعد أن كان نحو 50 ليرة قبلها، على حين لا يتجاوز المرتب المقطوع لموظف الدرجة الأولى 50 ألف ليرة.
واللافت، أن قرار الحكومة برفع سعر مبيع لتر البنزين «الممتاز المدعوم»، جاء رغم تأكيد وزير النفط والثروة المعدنية بسام طعمة في لقاء على التلفزيون الرسمي بعد رفع لتر البنزين «أوكتان95» في 8 من الشهر الحالي، أنه لن يكون هناك رفع لسعر لتر البنزين «الممتاز المدعوم» عبر «البطاقة الذكية» أو رفع دعم، ومطالبته المواطن بأن «يثق بنا».
واللافت أكثر أن الازدحام غير المسبوق على محطات الوقود لتعبئة البنزين بدأ يخف مساء الثلاثاء قبل ساعات من إعلان القرار، وتراجع بنسبة أكثر من 60 في المائة صباح أمس.
وبدت الصدمة من القرار على وجوه المواطنين منذ ساعات الصباح الأولى، ذلك أن الوجوم كان واضحاً عليهم، والعصبية سيطرت على تصرفاتهم. ويقول أحدهم بسخرية وهو يتبادل الحديث مع جاره وهو يهيئ سيارته للذهاب إلى العمل: «سياسة ترشيد الدعم جعلت الحصول على رغيف الخبز وبيضة وقرص فلافل صعباً، وستجعل اقتناء سيارة ولو بسيطة حلماً»، ويضيف: «هذه ليست سياسة ترشيد دعم؛ هذه سياسة تجويع وبهدلة»، بينما يرد الآخر عليه بالقول: «والله المواطن لم تعد لديه القدرة على تحمل الغلاء والفقر والجوع».
«أم فادي»، وهي سيدة في العقد الرابع من العمر، تبدي مخاوفها من أن يطال رفع الأسعار مادة الخبز المدعوم في ظل الازدحام غير المسبوق الذي تشهده الأفران بسبب نقص مادة الطحين.
وتعبيراً عن الصدمة والاستياء من القرار، أعاد كثير من الموالين نشر اللقاء الذي أكد فيه وزير النفط أنه لن يكون هناك رفع لسعر لتر البنزين «الممتاز المدعوم» أو رفع دعم، في صفحاتهم على موقع «فيسبوك». وتراوحت التعليقات بين اتهامه بـ«الكذب» والتخوف من «الموت جوعاً». كما حفلت صفحة الوزارة في موقع «فيسبوك» بالتعليقات المستنكرة والساخرة من خبر القرار.
وأصدر الرئيس بشار الأسد صباح أمس مرسومين تشريعيين، نصّ أحدهما على صرف منحة لمرة واحد بمبلغ مقطوع قدره 50 ألف ليرة سورية، على أن تُعفى من ضريبة الدخل أو أي اقتطاع، وفق ما أوردت رئاسة الجمهورية على منصّاتها الرسمية. وتضمن المرسوم الثاني تعديل «الحد الأدنى المعفى من الضريبة على دخل الرواتب والأجور ليصبح 50 ألف ليرة سورية بدلاً من 15 ألفاً».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».