عندما يتحدث مشاهير العرافين في لبنان يصغي الناس

كثير من التوقعات تتسم بالعمومية ويمكن تطبيقها على مجموعة متنوعة من الأحداث

العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف
العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف
TT

عندما يتحدث مشاهير العرافين في لبنان يصغي الناس

العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف
العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف

بينما كانت عقارب الساعة تقترب من منتصف ليلة رأس السنة الجديدة، كانت العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف، تجلس تحت الأضواء الساطعة في أحد الاستوديوهات التلفزيونية هنا وتكشف للمشاهدين في العالم العربي عما يحمله عام 2015 في طياته.
كانت ليلى عبد اللطيف، التي كانت ترتدي بدلة وبنطلون بدلة أسود اللون وقلادة من الماس، تنظر من خلال نظارة قراءة وتكشف عن الطالع من خلال مجموعة من البطاقات يبلغ سمكها بوصتين، وتذكر توقعاتها واحدة تلو الأخرى.
بيروت ستعمّها الفوضى. وسيعكر سفك الدماء صفو الحياة في العراق. وستندلع اشتباكات بين المواطنين السود والبيض في الولايات المتحدة. وستحظى إحدى الفرق بشهرة عالمية بسبب إحياء الأغاني الناجحة لمايكل جاكسون.
جعلت هذه التنبؤات ليلى من بين أبرز من يعرفن بأنهن عرافات ويظهرن على القنوات التلفزيونية اللبنانية المتنافسة في تقليد في العالم العربي أصبح يحظى بمعدلات مشاهدة مرتفعة وواسعة النطاق في ليلة رأس السنة الجديدة في العالم العربي.
تغرد لبنان، وهي تمنح العرافين بها دورا بارزا، بعيدا عن السرب في منطقة يتصاعد فيها التطرف الديني وتجرم فيها العديد من الحكومات قراءة البخت والطالع.
وهم يقومون، بالإضافة إلى الجانب الترفيهي، بتقديم نصائح خاصة لمسؤولين نافذين. تقول عبد اللطيف إنه يوجد من بين عملائها وزراء وأعضاء في البرلمان وملوك ورؤساء، ولكنها ترفض ذكر أسمائهم.
وخلال المقابلة، كانت عبد اللطيف، وهي شخصية ثرثارة تبلغ من العمر 55 عاما وأم لطفلين وذات قامة قصيرة، ترفض الأنواع الأخرى من قراءة الطالع؛ تقول: «لا أعترف بالأبراج أو ورق التاروت أو قراءة الفنجان أو قراءة الكف. كل شخص لديه حاسة سادسة، ولكن بعض الأشخاص في لبنان لديهم قوة أكبر من غيرهم».
رغم أن قراءة الطالع مكروهة في الإسلام، تصف عبد اللطيف نفسها بأنها مسلمة متدينة وتعتبر قدرتها على قراءة الطالع موهبة. وتقول: «يمنحنا الله نعم الثروة والذكاء والصحة. وهذه نعمة الرؤية».
يسلط برنامج ليلي خلال الإجازة الضوء بشكل سنوي على برنامجها الشهري «تاريخ يشهد» الذي يعرض على شبكة «إل بي سي» اللبنانية. بدأ البرنامج هذا العام بمجموعة من التنبؤات المنتقاة من السنوات الأخيرة تليها مقاطع إخبارية تثبت صحة هذه التنبؤات.
قالت عبد اللطيف، في المقطع المصور، إن الانتخابات النيابية في لبنان سيتم تأجيلها، وهو ما حدث بالفعل. وقالت إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي سيرحل عن السلطة، وهو ما حدث بالفعل. وقالت إنها تتوقع دورا هاما يقوم به تمام سلام، وهو الآن في منصب رئيس الوزراء.
ثم أمطرها مضيفان يرتديان بدلات رسمية بالأسئلة، وأجابت عليها عن طريق قراءة البطاقات الموجودة معها. ورغم أن أغلب الأسئلة كانت تركز على لبنان فإن التنبؤات امتدت إلى العالم بأسره.
تحدثت عن وقوع هجمات إرهابية في الولايات المتحدة والخوف المسيطر على أوروبا. وتنبأت بتحسن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران. وقالت إن الحكومة السورية والمعارضة سيبدآن مفاوضات بهدف وضع نهاية للحرب الأهلية، إلا أن الرئيس بشار الأسد سيظل في سدة الحكم.
وكما هو الحال في كثير من الأحيان، فإن كثيرا من التوقعات تتسم بالعمومية بحيث يمكن تطبيقها على مجموعة متنوعة من الأحداث. فحذرت من أن بيروت ستتعرض لرجات «ثلاث مرات في الأشهر القادمة، تكون إحداها بسبب جريمة أو حدث مأساوي هام». أما التنبؤات الأخرى فتعتبر في حكم المتوقعة، مثل استمرار إراقة الدماء في العراق وشن هجمات في غزة.
وتتنبأ ليلى أحيانا بحدوث تحركات تقع بعد فترة وجيزة ويقوم بها سياسيون لبنانيون، وهو ما يزيد شكوك كثير من اللبنانيين بأن المسؤولين يخبرونها بذلك لتتسم أفعالهم بصفة القضاء والقدر.
ورغم أنها تنفي قبولها الحصول على أموال من المسؤولين ولكن شهرتها جلبت لها امتيازات. فعبرت عن شكرها، خلال البرنامج، لأحد الصاغة اللبنانيين امتنانا له على القلادة التي قدمها لها، وشكرت مصمم الملابس الراقية الذي صمم لها رداءها، وتنبأت له بالفوز بجوائز دولية. كما شكرت رجل أعمال لبنانيا أغدق عليها بسيارة جيب دون سبب واضح.
من جانبها، قالت لينا الخطيب، مديرة مركز كارنيغي لـ«الشرق الأوسط» في بيروت، إن تركيبة الانفتاح الاجتماعي النسبي في لبنان والشكوك في الحياة هناك ساعدت على جعلها عاصمة لقراءة الطالع في المنطقة، حيث تلقي العديد من الدول بالمتهمين بممارسة الدجل في السجون.
وأضافت قائلة: «يعيش اللبنانيون في دولة لا يمكن فيها التنبؤ بالوضع السياسي، كما أن مستقبل الدولة نفسها غير مؤكد. عندما لا يوجد لدى الناس يقين في شبكة أمان المؤسسات الاجتماعية، فإنهم يتجهون إلى هؤلاء العرافين لمعرفة ما سيحدث في المستقبل».
تقول ليلى إن قدراتها ظهرت في سن مبكرة، وأعطت طفولتها لمسات درامية مشابهة لشخصية هاري بوتر. فهي تقول إنها تنبأت في سن الثانية عشرة بوفاة جدها. وفي سن الرابعة عشرة تخيلت والدتها تبكي لأن شيئا ما حدث لزوجها الجديد، الذي توفي بعد فترة وجيزة. وفي سن الثامنة عشرة، قالت إنها خطبت لأستاذ جامعي، ولكنها رأت أنها لن تقضي حياتها معه. وقالت إنه توفي بعد فترة قصيرة.
وقالت إن أول ظهور تلفزيوني لها كان منذ 20 عاما، وزادت شهرتها منذ ذلك الحين. تقول ليلى عبد اللطيف إنها تظهر الآن في كل المحطات اللبنانية فيما عدا قناة «المنار»، التي تنتمي إلى حزب الله. وهي تقدم استشارات خاصة مقابل 200 دولار في الساعة، وهو مبلغ يزيد عن أتعاب العديد من الأطباء اللبنانيين. يذكر أن توقعاتها لم تكن صحيحة على الدوام. فهي تزعم أنها توقعت وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، رغم أنه لا يوجد دليل على قيامها بذلك.
وتوقعت في السابق أن «أشخاصا يتشحون بالسواد في قصر الحريري». وبعد فترة وجيزة، لقي رفيق الحريري، الذي كان رئيس الوزراء آنئذ، مصرعه في تفجير سيارة ملغومة.
كما أن تنبؤاتها في برنامج رأس السنة في العام الماضي لم تكن كلها صحيحة كذلك. فذكرت أن فنانة ستمرض وقد لا تتعافى من مرضها. وحدث ذلك عندما توفيت صباح، المغنية اللبنانية التي تبلغ من العمر 87 عاما في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) قال البعض إنها تنبأت بذلك.
ولكنها توقعت أيضا أن عبد الفتاح السيسي لن يصبح رئيسا لمصر، ولكنه أصبح رئيسا في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وعندما تسأل عن التوقعات التي لم تنجح في التنبؤ بها، غالبا ما تقول عبد اللطيف إنها بحاجة لمزيد من الوقت وتقارن نفسها بنوستراداموس، العراف الفرنسي الذي يعود إليه الفضل في توقع بعض الأحداث العالمية قبل وقوعها بقرون.
رغم أنها تصر على أن معدل نجاح توقعاتها يصل إلى ما بين 75 في المائة و90 في المائة، ولكنها تقر بأنها قد تخطئ في بعض الأحيان. وتقول «نحن جميعا بشر في النهاية».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».