أفلام «معهد السينما» المصري... تجارب واعدة وأفكار مبتكرة

أفلام «معهد السينما» المصري... تجارب واعدة وأفكار مبتكرة
TT

أفلام «معهد السينما» المصري... تجارب واعدة وأفكار مبتكرة

أفلام «معهد السينما» المصري... تجارب واعدة وأفكار مبتكرة

احتفل «معهد السينما» في القاهرة بتخرج دفعة جديدة من حملة البكالوريوس، أخيراً، بعد تعطل تصوير مشروعات الأفلام وتأجل تنفيذها وعرضها مرات عدة جراء وباء «كورونا»، وتمكن طلاب الدفعة 61 (دفعة المخرج محمد عبد العزيز) خلال الآونة الأخيرة من تنفيذ 20 فيلماً قصيراً، حملت توقيع مواهب سينمائية واعدة في كتابة السيناريو والإخراج والمونتاج والتصوير والديكور وهندسة الصوت، وتعد هذه الأفلام مؤشراً مهماً لمستقبل السينما المصرية في السنوات المقبلة، إذ يظل خريجو المعهد هم القوة الضاربة لصناعة السينما في مصر.
معهد السينما المصري هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط وأفريقيا، أسسه د. ثروت عكاشة وزير الثقافة الراحل، خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر في نهاية خمسينات القرن الماضي، بأكاديمية الفنون، وأثرى خريجو المعهد السينما المصرية بأفلامهم على مدى أكثر من نصف قرن، وكان من بينهم عاطف الطيب، وسمير سيف، وأسامة فوزي، وإيناس الدغيدي، وغيرهم، كما درّس به كبار المخرجين المصريين على غرار يوسف شاهين وصلاح أبو سيف.
ووفق الدكتور محسن التوني، عميد معهد السينما، فإنّ «جائحة (كورونا) جعلتهم ينتظرون طويلاً لتفادي الإصابة بهذا الفيروس الخطير»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «عندما انخفض عدد الإصابات في البلاد، بدأ الطلاب إنتاج أفكارهم، وكانوا على قدر المسؤولية، وصوروا 20 فيلماً روائياً قصيراً، وهو رقم كبير جداً، على الرّغم من الضغوط التي تعرضوا لها، لذلك فإني أشعر بالرضا وأثق في أنّهم سيمثلون إضافة كبيرة للسينما المصرية، إذ يظل هذا المعهد هو الجهة الوحيدة المؤهلة لتخريج السينمائيين بمختلف تخصصاتهم»، حسب تعبيره.
وشهدت أطروحات الأفلام التي قدمها الخريجون تنوعاً مثيراً بين الواقعية والميلودرامية والأكشن وأفلام الجريمة والعنف والإثارة، والقضايا الاجتماعية التي اتسمت بجرأة الطرح وبراعة التصوير وقدرة المخرجين على إدارة ممثليهم من المحترفين والوجوه الجديدة.
ومن بين الأفلام التي عُرضت في مسابقة المعهد هذا العام، فيلم «16 مللي»، الذي يتعرض لأزمة ورقة مالية من فئة عشرة جنيهات مصرية، تحمل ذكرى غالية لبطل الفيلم الذي ظل يطاردها، وهي تنتقل من يد لأخرى حتى يدفع الشاب عمره ثمناً لها، وتميز الفيلم بمضمونه الإنساني في ظل الأداء المتميز للممثل مجدي بحيري، وإدارة مخرجه سيد حسن عيسى.
فيما يأخذ فيلم «قهوة فريال» بعذوبة وإنسانية المشاهد في رحلة إلى القاهرة القديمة التي يهواها البطل الموسيقي الشاب، وتقود الظروف البطل لزيارة خالة صديقه (فريال) القابعة بمستشفى الأمراض العقلية، ويتحول اللقاء العابر بينهما إلى رحلة إنسانية متباينة المشاعر، بعدما أجادت الممثلة هبة عبد الغني في أداء شخصية فريال، في الوقت الذي كشف فيه الفيلم عن موهبة كبيرة لمخرجه الشاب مهند الكاشف. كما يقدم المخرج الشاب عمر محمد صدقي فيلم «فرصة أخيرة» الذي كتبه أيضاً، حيث يطرح قصة أربعة أشخاص وجدوا أنفسهم فجأة داخل زنزانة من عصر قديم فاقدين للذاكرة، ويكتشفوا أنهم شخصيات في رواية لأحد الكتاب، الفيلم مليء بالرسائل غير المباشرة التي تضفي أجواء غامضة على الأحداث.
ويؤدي الممثل شريف حلمي، دور البطولة في فيلم ابنته المخرجة الشابة هايدي شريف «همس الجدار»، الذي يتعرض لشخصية نزيل في الحبس الانفرادي بأحد السجون، تسيطر عليه هواجس وجود سجن للنساء مجاور لسجنه، كما تؤدي الممثلة أمل رزق، دور البطولة في فيلم «ورد» من إخراج ابنتها سما إسماعيل، التي تقدم في قالب ميلودرامي قصة امرأة شابة تصطدم بوفاة زوجها، وتتضاعف الصدمة حينما تكتشف وجود زوجة أخرى، وفي لحظة جنون ترتكب جريمة قتل.
ويؤكد الناقد المصري مجدي الطيب، أحد أعضاء لجنة تحكيم الأفلام، أنّ أفلام هذا العام شهدت تنوعاً وطزاجة في الأفكار ولغة سينمائية ومواهب حقيقية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «خلال السنوات الماضية كنت أشعر بالتشاؤم لقلة التجارب الجيدة، لكن هذا العام حدث العكس تماماً فأغلب التجارب جيدة مما يمنحنا جرعة تفاؤل كبيرة، كما أنّ هناك تنوعاً فنياً لافتاً مثل فيلم (قهوة فريال)، الذي أبهرني بمستواه الفني ولغته البصرية، وطزاجة الفكرة بالمزج بين العرائس والأداء الحي مثل فيلم (عروستي)، والجرأة كما في فيلم (سكس دول)، والتأويلات السياسية كما في فيلم (فرصة أخيرة)».
ويضيف: «إن كان فيلم (16 مللي) من أكثر الأفلام التي لمستني بشكل كبير لإنسانيته، فإن فيلم (أجندة تحت التحقيق) يذكرني بأفلام كافكا الغرائبية، كما كشفت الأفلام عن موهبة عدد من المخرجات مثل هايدي شريف، ورفاء عبد السلام، وفرح وحيد».


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.