جدول الدراسة يربك الأسر المصرية في ظل «كورونا»

تباين أيام الحضور يصعّب مهمة الأمهات

جدول الدراسة يربك الأسر المصرية في ظل «كورونا»
TT

جدول الدراسة يربك الأسر المصرية في ظل «كورونا»

جدول الدراسة يربك الأسر المصرية في ظل «كورونا»

يستيقظ محمد يوم الأحد من أجل اللحاق بمدرسته، في حين لن تفعل شقيقته هانيا، التي ستظل في البيت بانتظار يوم الثلاثاء للقاء زملائها في المدرسة، لتتبادل هي وشقيقها الحضور والعطلات على مدار الأسبوع، فيما تحاول والدتهما ريم استيعاب هذا الجدول الجديد الذي حددته مدرستهما تنفيذاً لخطة وزارة التربية والتعليم المصرية الخاصة بالعام الدراسي الجديد، لتكون واحدة من بين آلاف الأمهات اللاتي يقمن بضبط منبه الاستيقاظ، وتجهيز الزي المدرسي، وإعداد وجبات الطعام على حسب الجداول المُختلفة التي تتوزع بين الحضور المدرسي والفصول (الأونلاين)، في سابقة لم تعرفها البيوت المصرية بفعل جائحة «كورونا».
وتركت وزارة التربية والتعليم قرار تنظيم وتحديد عدد الأيام الدراسية لكل صف إلى إدارة المدارس، لتتماشى مع قدراتها في تحقيق أهداف التباعد الاجتماعي بين التلاميذ، فيما تقرر حضور طلاب المدارس الحكومية بداية من الصف الرابع الابتدائي يومين فقط في الأسبوع، نظراً للكثافات الطلابية المرتفعة بها، مع توزيع الكثافات على نظام الفترات الصباحية والمسائية، مما جعل معظم البيوت أمام جداول حضور متباينة، خصوصاً إذا كان البيت الواحد يضم إخوة في سنوات دراسية مختلفة، هكذا صار الحال مع ريم محمود، ربة منزل، تقيم في منطقة حدائق القبة، بالقاهرة، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نتوقع هذا الارتباك في بداية العام الدراسي، لأنّنا نعيش أوقاتاً صعبة جداً، بداية من نزول أبنائي من البيت بالكمامات، والقلق عليهم من الاختلاط، لا سيما أنه من الصعب السيطرة على تحرك الأطفال».
وقد بدأت الدراسة في المدارس الدولية بمصر في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، فيما بدأ العام الدراسي في المدارس الحكومية والخاصة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
إنجي وليد، إدارية بشركة منتجات غذائية، وتقيم بحي المنيل (وسط القاهرة) وهي أم لثلاثة أبناء، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لدي طفل في مرحلة رياض الأطفال الذي قررت المدرسة حضورهم طوال أيام الأسبوع، وطفلتان في الصف الثالث، والسادس الابتدائي، ستذهبان للمدرسة أربعة أيام فقط، وهي أيام حضور متفرقة بطبيعة الحال لمحاولة ضبط أعداد الحضور يومياً، وأجد نفسي أمام عطلات مختلفة في منتصف الأسبوع، وهذا حال الأغلبية ممن لديهم أكثر من طفل واحد في المدرسة».
ولتحقيق قواعد التباعد الاجتماعي تضطر بعض الأمهات لإدخال أطفالهن من بوابات متفرقة استجابة لقرارات المدرسة، حسب مها القاضي، أم لطفلين، ومبرمجة بشركة إلكترونيات، وتعيش في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، التي تشير إلى «عدم ضجرها من تلك الإجراءات لأنّها تحقق السلامة لأبنائها في زمن كورونا»، وتلفت إلى أنّ «الوضع كان مختلفاً تماماً في الأعوام الماضية حيث كانت تدخلهم من بوابة واحدة وتقول: «نحن مع أي طريقة لمحاولة تجنب إصابات كورونا».
حالة الارتباك في البيوت المصرية تُرجمت إلى «كوميكسات» ومنشورات ساخرة عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر، وشهدت المنشورات الساخرة تداولاً كبيراً بين أولياء الأمور، ففي منشور بعنوان «حال أولياء الأمور والمدارس» تسأل إحدى الأمهات، أخرى عن موعد يومها المدرسي، فترد عليها: «نحن سنستيقظ يوم الخميس»، في إشارة إلى أنّ باقي الأيام حتى يوم الخميس ستكون الدراسة من البيت، كما يُظهر منشور آخر حيرة إحدى الأمهات في جدول دراسة أبنائها.
ويبلغ عدد تلاميذ مرحلة التعليم قبل الجامعي في مصر أكثر من 23 مليون تلميذ وتلميذة، وفق إحصائية رسمية لوزارة التربية والتعليم المصرية صدرت في فبراير (شباط) الماضي، التي أشارت كذلك إلى ارتفاع عدد المدارس الحكومية والخاصة في العام الدراسي الماضي لتصل إلى أكثر من 56 ألف مدرسة.
وترى جملات الكشكي، خبيرة تعليم، أنّ النظام التعليمي بشكل عام دخل مرحلة انتقالية بالفعل، في السنوات الأخيرة، من خلال إدخال تعديلات على المناهج، وحتى تمهيد التعامل مع الأجهزة الذكية لدى بعض المراحل التعليمية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه التغييرات التي تستهدف الانتقال من مرحلة التعليم التقليدي إلى مرحلة تعليم أكثر مرونة، هي في حد ذاتها عملية قد تسبب حالة ارتباك لدى كل من مُقدمي العملية التعليمية والطلبة والأهالي».
موضحة أنّ «وباء كورونا عجّل من تطبيق تلك التغييرات بشكل مُفاجئ، كما حدث في إجراء اختبارات نهاية العام الدراسي الماضي إلكترونياً لدى أغلب المراحل».
ووفق قواعد وزارة الصحة المصرية المنظمة لغلق الفصول والمدارس في حال ظهور إصابات «كورونا» بها، فإنه يتم إغلاق الفصل لمدة 28 يوماً عند تسجيل أكثر من حالة مؤكدة في نفس الفصل خلال أسبوعين، فيما تغلق المدارس أبوابها في حالة غلق أكثر من فصل خلال أسبوعين، كون ذلك مؤشراً قوياً على زيادة معدل انتقال المرض بالمدرسة.
ويتخوف أولياء أمور المدارس الخاصة والدولية من غلق المدارس في حالة ارتفاع معدلات الإصابة بـ«كورونا» في البلاد، لا سيما بعد دفع جزء كبير من المصروفات المدرسية للعام الجديد، ورفض الكثير من هذه المدارس رد أي نسبة من مستحقات «الباص المدرسي» بعد تعليق الدراسة بالمدارس في الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».