معرض تكريمي للرسام ماتيس مالك {مفتاح السعادة}

مركز بومبيدو يحتفي بمرور 150 عاماً على ميلاد الفنان الفرنسي

زائرتان تتأملان
زائرتان تتأملان
TT

معرض تكريمي للرسام ماتيس مالك {مفتاح السعادة}

زائرتان تتأملان
زائرتان تتأملان

تتكمم وتذهب لإلقاء التحية على ماتيس أم تتجنب الاختلاط وتتابع المعرض عبر الشاشات والمواقع الإلكترونية؟ الخيار صعب. فهذا المعرض الذي يفتتح هذا الأسبوع هو مناسبة مثالية لمشاهدة عدد معتبر من لوحات الرسام الذي كان يرى الأجساد البشرية، وكأنها كتل ملونة طائرة في السديم. إن من يرى لوحة رؤية العين ليس كمن يتفرج على صورتها. ثم إن مركز بومبيدو في باريس يحتضن هذا المعرض كآخر نشاط كبير له قبل أن يغلق أبوابه لترميمات تستغرق تستمر 3 سنوات. لا بد، في هذه الحال، من مراعاة كافة تعليمات السلامة والانتظار بكل صبر، حتى يحين دورك للدخول إلى المعرض، نظراً لأن العدد المسموح بوجوده داخل الصالات محدود. يخرج زوار ويدخل زوار التزاماً بالتباعد ومنع الاحتشاد.
سنكون في حضرة هنري ماتيس (1869 ـ 1954)، الفنان الذي ولد في شمال فرنسا ومات في جنوبها. ويقال إنه الرسام الذي حمل الأرقام السرية التي تفتح بوابة البهجة. فقد عرف كيف يختزن الأجواء الرمادية والغيوم الداكنة التي صبغت طفولته وصباه ثم يقوم بتلوينها لتتحول إلى أشكال تخترقها أشعة الشمس وألوان قوس قزح. وبهذا يكون ماتيس هو الرسام الفرنسي الأكثر تعبيراً عن أضواء الجنوب والطيف الأزرق للبحر المتوسط.
كان مركز بومبيدو قد احتفى بالفنان قبل 8 سنوات. لكن المعرض الحالي يأتي من زاوية نظر الأدباء والفنانين الذين كتبوا عنه. لهذا فإنه يحمل عنوان «ماتيس مثل رواية». وهو عنوان مستعار من رواية صدرت عام 1971 للشاعر أراغون. فأي نظرات ألقاها الكتّاب على زميلهم الرسام وكيف نظروا إلى لوحاته وتخطيطاته ومحفوراته؟ يقدم المعرض لزواره 230 عملاً و70 وثيقة أرشيفية تخص الفنان الذي كان يقصقص الورق، أحياناً، ويشكل منه أجساماً يعيد لصقها في تشكيلات تبدو بسيطة لكنها تباع اليوم بالملايين.
وبفضل أريحية عائلة الرسام وورثته، وكذلك بفضل تعاون أصحاب المجموعات الخاصة، تمكن مركز بومبيدو من تجميع كل هذه «الثروة». وترى محافظة المعرض، أوريلي فيردييه، أن لوحة «القميص الروماني هي الأكثر تعبيراً عن ماتيس. وهي لوحة قد أعيدت طباعتها آلاف المرات منذ أن رسمها بالزيت على القماش عام 1940. وهي اليوم من ممتلكات متحف الفن الحديث في باريس. وتمثل اللوحة وجهاً لامرأة تدعى ليديا ديلكتورسكايا، لكن الوجه ليس أكثر من ضربات قلائل من الريشة التي اعتنت بشكل دقيق بالتطريزات الموجودة على قميصها. وهو قميص من الزي الوطني الشائع بين نساء رومانيا.
يوم منح ماتيس تلك اللوحة، لكي يجري تعليقها في المتحف، أوصى بألا تتزعزع من مكانها إلا في حالة حدوث حريق. لقد كانت باريس، آنذاك، مقبلة على فترة مظلمة من تاريخها بسبب طبول الحرب العالمية الثانية ثم وقوعها تحت الاحتلال النازي. وقد أراد الرسام أن يبث في نفوس مواطنيه دفقة قوية من الفرح اللوني والجمالي، وكأنه يوجه للفرنسيين رسالة مشفرة استخدم فيها ألوان علم البلاد. وكان الفنان قد رفض في تلك الفترة دعوتين من الولايات المتحدة والبرازيل للإقامة فيهما في ظروف أكثر راحة، مفضلاً البقاء في مرسمه ومستمراً في عمله. وبعد تحرير فرنسا عرضت اللوحة في صالة «مايت»، وتركت أثراً في نفوس الشباب الذين كانوا قد انخرطوا في مقاومة المحتل، وكذلك تأثر بها شعراء ومخرجون من إريك رومير الذي استلهم منها فيلمه «بولين على الشاطئ».
متعة هذا المعرض مزدوجة لأنها لا تأتي من تأمل اللوحات فحسب، بل من رؤية الأعمال التي تأثرت به وقراءة النصوص التي كتبت عنه ومشاهدة الأفلام التي كان ملهمها. لقد ترك تأثيره على بعض أعمال المخرج جان لوك غودار، وعلى الرسامين الأميركيين آندي وارهول وجاكسون بولاك ومارك روتكو وفرانك ستيلا، وعلى الروسيين سيرغي تشوتشوكينو وإيفان موروزوف. هنا، في هذا المعرض الذي يستمر حتى 22 فبراير (شباط) المقبل، يفهم الزائر، أيضاً، قوة الفن وعمق تأثيره في البشر. أي كيف يمكن للوحات مثل «بهجة العيش» و«الرقص» و«الموسيقى» أن تؤثر في نفسية من يتأملها وتفتح أمامه كوّة للسعادة. السعادة التي امتلك ماتيس مفتاحها السري.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.