حرائق منحدرات «كليمنجارو» تهدد التنوع البيئي في المنطقة

استمرت جهود إطفاء النيران في «كليمنجارو» أعلى قمم جبال أفريقيا (د.ب.أ)
استمرت جهود إطفاء النيران في «كليمنجارو» أعلى قمم جبال أفريقيا (د.ب.أ)
TT

حرائق منحدرات «كليمنجارو» تهدد التنوع البيئي في المنطقة

استمرت جهود إطفاء النيران في «كليمنجارو» أعلى قمم جبال أفريقيا (د.ب.أ)
استمرت جهود إطفاء النيران في «كليمنجارو» أعلى قمم جبال أفريقيا (د.ب.أ)

انضم الكثير من المتطوعين من أبناء قرى السكان الأصليين إلى معاونة رجال الإطفاء الذين يسابقون الزمن للسيطرة على الحرائق التي اجتاحت منحدرات جبل كليمنجارو – وهو أعلى قمة جبلية في القارة الأفريقية – لليوم الخامس على التوالي، التي تهدد بالإتيان على وتدمير واحد من أغنى النظم البيئية، وأكثرها ثراءً وتنوعاً على مستوى العالم.
ظلت الحرائق الشديدة – التي اشتعلت أول الأمر في استراحة مؤقتة لمتسلقي الجبال – لمدة 6 أيام متتالية بسبب توافر الأعشاب الجافة والرياح القوية التي كثيراً ما أعاقت جهود رجال لإطفاء لوضع النيران تحت السيطرة.
يقول باديلي ميكومانغوا – وهو من أنصار حماية البيئة الذي يعمل بصفة أساسية داخل ميناء مدينة دار السلام – في مقابلة هاتفية «تخترق هذه النيران المدمرة أرقى وأفضل المساحات الطبيعية الخضراء في تنزانيا بأكملها. والدولة بأسرها تتابع عن كثب وبقلق عميق للغاية هذه الكارثة التي سببت الصدمة المروعة لنا جميعاً».
ولقد تحولت مساحات شاسعة من الغابات والشجيرات متوسطة الطول إلى جمر من النيران المشتعلة. ولقد أكدت مقاطع الفيديو والصور الملتقطة من مكان الكارثة، أن رجال الإطفاء والمتطوعين من السكان المحليين يواصلون في جهد كبير العمل على إخماد الحرائق، سيما مع الأدخنة البيضاء التي تنبعث إلى جو السماء من خلفهم في الأماكن التي يعملون فيها.
وكان من المقرر إرسال الطائرات المروحية بدءاً من يوم الخميس الماضي للمساعدة في إخماد الحرائق المشتعلة في الغابات.
من المعروف أن جبل كليمنجارو يبلغ ارتفاعه 5895 متراً (أو 19341 قدماً)؛ مما يجعله أعلى مستوى يمكن الوصول إليه في القارة الأفريقية بأسرها، مع الأخذ في الحسبان أنه يشكل أعلى كتلة بركانية قائمة بذاتها على سطح كوكب الأرض. هذا، ولقد جرى إدراج قمم الجبل التي تغطيها الثلوج مع الحديقة الوطنية التي تحيط بها في مختلف أرجاء البلاد على قوائم موقع التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو اعتباراً من عام 1987، فضلاً عن النباتات المستوطنة، والعشرات من مختلف أنواع الحيوانات البرية، إلى جانب الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض، التي تعتبر تلك المنطقة محل إقامتها منذ أزمنة بعيدة.
كان الجبل والمنظومة البيئية التي تحيط به محل الكثير من التحديات خلال السنوات الراهنة، جنباً إلى جنب مع التلوث الظاهر في الماء والهواء، مع التطفلات التي تشهدها الحدائق الوطنية، والقطع غير القانوني للأشجار هناك، والصيد الجائر للحيوانات. كذلك أسفرت التغيرات المناخية المشهودة عالمياً إلى البدء في ذوبان الأنهار المتجمدة والقمم الجليدية في جبل كليمنجارو في الفترة الأخيرة.
ومع المئات من عشاق تسلق الجبال الذين يفدون إلى تلك المنطقة بصورة سنوية، ازدادت حدة القلق في الآونة الأخيرة من أن ارتفاع معدلات التوافد السياحي ربما تؤدي إلى تهديد الروعة البيئية الفطرية التي يتميز بها جبل كليمنجارو والمنطقة الرائعة التي تحيط به.
ويقول مارسيل بيترز – وهو المحاضر البارز لدى جامعة فورتسبورغ الألمانية والمختص بدراسة النظم البيئية في جبل كليمنجارو منذ عام 2010 وحتى اليوم «لقد وصلت حرائق الغابات التي نشهدها اليوم في تلك المنطقة إلى مستويات جديدة». وأضاف، أن فقدان مختلف أنواع الزهور – ومن أبرزها زهور «إيريكا» وشجيرات «بودوكاربوس» – قد يرفع من مخاطر تعرض العالم بأسره إلى المزيد من الحرائق خلال السنوات المقبلة.
وصرح مسؤولو المتنزهات والحدائق الوطنية في تنزانيا مؤخراً، بأن الحرائق العنيفة قد بدأ اشتعالها يوم الأحد الماضي في استراحة «وهونا» المؤقتة والمخصصة لمتسلقي الجبال ممن يفضلون استخدام مدق «ماندارا»، أو مدق «هورومبو» في طريقهم إلى قمة الجبل.
وكانت السلطات قد أفادت بأن التحقيقات لا تزال جارية للوقوف على أصل الحريق، غير أن الدلائل الأولية تشير إلى أنه حريق هائل وليد الصدفة المجردة بسبب قيام عمال حمل الأمتعة بتسخين وجبات الطعام للضيوف من عشاق التسلق.
وقال باسكال شيلوتيتي – وهو من مسؤولي المتنزهات الوطنية في تنزانيا – مصرحاً للصحافيين «لقد كانت حادثة وليدة الحظ العاثر، ولكننا سوف نواصل متابعة التحقيقات في تلك القضية حتى النهاية».
ومما يُضاف إلى الغطاء النباتي الكثيف والغابات والشجيرات التي نالها الحريق والدمار، أسفرت الكارثة المستمرة عن تدمير المرافق التي يستعين بها الضيوف وعشاق التسلق في استراحة «هورومبو».
هذا، ولم يتم الإبلاغ عن سقوط أي وفيات أو إصابات بين البشر جراء الكارثة حتى الآن. ويقدر المسؤولون هناك، أن الحرائق قد أتت حتى اليوم على مساحة من الغابات والشجيرات تمتد إلى ما يقرب من ميلين كاملين.
وصرح هاميسي كيغوانغالا – وزير الأصول والسياحة في تنزانيا – عبر حسابه على «تويتر» الخميس، بعد زيارة قام بها إلى موقع الحرائق «لا نزال في خضم الجهود الحثيثة لإخماد النيران، بيد أن المهمة صعبة وعسيرة للغاية وأكبر مما كنا نعتقد».
بالاتفاق مع «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

أوروبا ثوران بركاني بالقرب من جريندافيك بآيسلندا (إ.ب.أ)

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

ثار بركان ليل الأربعاء - الخميس، في شبه جزيرة ريكيانيس، جنوب غربي آيسلندا، في سابع ثوران تشهده البلاد منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (ريكيافيك)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس منطقة فالنسيا كارلوس مازون بعد حديثه في البرلمان الإقليمي حول ما حدث في فيضانات 29 أكتوبر 2024 في فالنسيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية يقر بحدوث «أخطاء» في إدارته للفيضانات

برر رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية كارلوس مازون، اليوم (الجمعة)، بشكل مسهب إدارته للفيضانات القاتلة في 29 أكتوبر، واعترف بحدوث «أخطاء».

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الناس ينظفون بين السيارات المتراكمة في ألفافار بعد عاصفة دانا في فالنسيا 5 نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

إسبانيا تعلن خطة مساعدات بعد فيضانات خلّفت 219 قتيلاً

أعلنت الحكومة الإسبانية، الثلاثاء، عن خطة مساعدات بقيمة 10.6 مليار يورو لدعم آلاف المواطنين والشركات المنكوبة في جنوب شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.