السودان: مقتل 8 وإصابة 17 في تصاعد احتجاجات كسلا

الحاكم المقال اتهم الشرطة باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين

السودان: مقتل 8 وإصابة 17 في تصاعد احتجاجات كسلا
TT

السودان: مقتل 8 وإصابة 17 في تصاعد احتجاجات كسلا

السودان: مقتل 8 وإصابة 17 في تصاعد احتجاجات كسلا

قتل 8 أشخاص على الأقل، وأصيب 17 آخرون خلال المظاهرات، التي شهدتها مدينة كسلا، شرق السودان، احتجاجاً على إقالة حاكم الولاية، الذي اتهم بدوره قوات الشرطة باستخدام الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين. وفي غضون ذلك، تعهد نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، بفرض هيبة الدولة وحماية المواطنين.
وقالت مصادر طبية بالمستشفى العام بالمدينة لـ«الشرق الأوسط» إن أعداد الضحايا، الذين وصلوا المستشفى، 8 قتلى، و17 مصاباً، من بينهم 7 حالتهم خطرة. مضيفة أن التقارير الطبية أكدت أن جميع الإصابات تمت بالذخيرة الحية.
وتصاعدت حدة الاحتجاجات في ولايتي البحر الأحمر وكسلا لليوم الثاني على التوالي، على إثر إعفاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك حاكم كسلا.
وسقط خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة سواكن أمس 6 قتلى، وأكثر من 15 جريحاً.
وقال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو، خلال لقائه وفد الإدارات الأهلية بشرق السودان، إنه بموجب اتفاق السلام الموقع بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، سيتم إعفاء جميع حكام الولايات لتشكيل الحكومة من جديد.
ودعا دقلو، في تصريحات صحافية، أمس، إلى ضبط النفس، ونبذ العنف والجهوية، معلناً تشكيل لجان من الخبراء والأعيان والإدارات الأهلية لحل مشكلة الشرق حلاً جذرياً.
من جانبه، قال حاكم كسلا المقال، صالح عمار، على صفحته الشخصية بـ«فيسبوك» إن «الشرطة، ومن خلفها السلطة الانتقالية، مسؤولة عن الأحداث لمصادرتها حق التعبير السلمي»، داعياً مجلسي السيادة والوزراء إلى التدخل السريع لتلافي تدهور الأوضاع الأمنية.
وأضاف عمار أن «الحكومة ظلت صامتة على الفوضى والاعتداءات العنصرية طيلة الأشهر الماضية، دون أن تحرك ساكناً».
في سياق ذلك، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات سمحت للمتظاهرين بالتجمع في ساحة الحرية وسط المدينة، غير أن المسيرة انحرفت عن مسارها، واتجهت إلى مقر حكومة الولاية. فيما ذكر شهود عيان أن قوات الشرطة تصدت للمتظاهرين بإطلاق الرصاص الحي بالقرب من أمانة الحكومة.
ودعا الحاكم المقال القوى السياسية إلى التحرك العاجل للضغط على السلطة لوقف العنف، وناشد المواطنين بالولايتين ضبط النفس، والالتزام بالسلمية، على الرغم من فداحة الجرح، وتوحيد كفاحهم ضد السلطة، على حد قوله.
وكانت مجموعات تنتمي لقومية «البجا» بشرق السودان، قد اعترضت على تعيين صالح حاكماً للولاية، الذي ينحدر من قبيلة بني عامر.
ورفض صالح، في بيان أول من أمس، قرار إعفائه من منصبه، وأعلن خوضه معركة سياسية سلمية ضد الحكومة الانتقالية، باعتبار أنه مرشح تحالف الأحزاب الحاكم، وحذر القوات النظامية من اللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين سلمياً.
وكشف صالح عن لقاء تم في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، جمع رئيس الوزراء، وقادة الإدارات الأهلية بالإقليم، وممثلين لتحالف الحرية والتغيير، وخلال اللقاء أبلغوه بأن إقالة الحاكم ستشعل الأوضاع، وأنهم لن يستطيعوا السيطرة على الشارع.
وقال صالح إن المجتمعين ناشدوا رئيس الوزراء الانتظار لأسابيع قليلة لإعفاء حاكم كسلا مع بقية حكام الولايات الأخرى.
وتابع صالح موضحاً: «الآن لدى هؤلاء القادة، ومن يقف خلفهم، إحساس بأنه قد تم الغدر بهم، وأن الدولة أصبحت في مواجهتهم، وإطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين يثبت ذلك».
من جانبها، قالت وكالة «أنباء السودان» الرسمية إن مواجهات حدثت في محيط مقر الحكومة بين عسكريين ومتظاهرين، أوقعت قتلى وإصابات وسط المدنيين وأفراداً من القوات النظامية. مبرزة أن السلطات المختصة منحت الجهات المنظمة للمظاهرة تصديقاً، وعملت على تأمين المتظاهرين حتى مكان التجمهر وسط المدينة، لكن بعد انتهاء المسيرة تحركت مجموعة من المتظاهرين قصد احتلال أمانة حكومة الولاية، لكن قوة التأمين المتمركزة في المنطقة تصدت لهم بحضور وكيل نيابة كسلا، الذي طلب من المتظاهرين التراجع، وحذرهم من التقدم نحو مقر الحكومة.
وأوضحت وكالة «أنباء السودان» أن المتظاهرين لم ينصاعوا لوكيل النيابة، الأمر الذي ترتب عليه وقوع مواجهة بين المتظاهرين والحراسة العسكرية، التي اضطرت لإطلاق القنابل المسيلة للدموع، ثم الرصاص، موضحة أنه كان بين المتظاهرين بعض الذين يحملون أسلحة، حسب مصادر نظامية.
وشهدت كسلا، في أغسطس (آب) الماضي، اشتباكات بين أنصار الحاكم المقال، والمجموعات القبلية الرافضة لتعيينه، أدت إلى وقوع 5 قتلى و6 جرحى، ودماراً كبيراً في الممتلكات العامة والخاصة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.