سوريا تعلن إخماد الحرائق وتستعين بالمجتمع الأهلي

حساب السفارة الأميركية يطالب بإجراءات «لإنقاذ الأرواح»

عمال الإطفاء يحاولون إخماد حرائق في غابات صافيتا غرب سوريا السبت (رويترز)
عمال الإطفاء يحاولون إخماد حرائق في غابات صافيتا غرب سوريا السبت (رويترز)
TT

سوريا تعلن إخماد الحرائق وتستعين بالمجتمع الأهلي

عمال الإطفاء يحاولون إخماد حرائق في غابات صافيتا غرب سوريا السبت (رويترز)
عمال الإطفاء يحاولون إخماد حرائق في غابات صافيتا غرب سوريا السبت (رويترز)

خلال تسع سنوات من الحرب والدمار، لم تشهد مناطق الساحل السوري أحداثاً مأساوية كالتي شهدتها خلال ثلاثة أيام من الحرائق التي التهمت الغابات والحراج والبساتين والمحاصيل الزراعية، وأجبرت أهالي القرى إلى النزوح بظروف شديدة البؤس والفاقة، إذ لم تجد إحدى العائلات في بلدة أم الطيور على الساحل بريف اللاذقية سوى قارب صغير للنجاة من حرائق داهمتها ليلاً، فارتمت به وسلمت أرواح أفرادها للبحر، ولولا الصيادون لما نجت العائلة من الغرق.
ولعل المأساة الكبرى، تتمثل في عجز النظام وحكومته وكل مؤسساته عن احتواء الكوارث التي تخلفها الحرائق للمرة الثانية، خلال أقل من شهر، فبينما يتقاعس الحليفان الروسي والإيراني عن إرسال طائرات للمساعدة في إطفاء الحرائق، تلتفت الحكومة إلى استنهاض المنظمات والجمعيات الأهلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في مفارقة صادمة، إذ لطالما كافح النظام ظهور الجمعيات الأهلية وقيد نشاطها بقرارات وقوانين خانقة، والمفارقة الأشد، لجوء نظام يعتز «بعلمانيته»، إلى توجيه وزارة الأوقاف ورجال الدين للدعوة إلى إقامة صلاة استسقاء، طلباً للمطر لإطفاء الحرائق. بينما تأخرت وسائل الإعلام الرسمية في تغطيتها للنزوح المرعب لأبناء قرى الساحل ذات الغالبية العظمى من الفقراء والخزان البشري لقوات النظام.
وبعد ثلاثة أيام من الحرائق التي تعد الأشد في تاريخ البلاد، أعلنت وزارة الزراعة بدمشق، إخماد كل الحرائق التي نشبت بين ليل الخميس ولغاية صباح الأحد، في أرياف محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص. وقد بلغ عدد الحرائق 156 حريقاً منها 95 في اللاذقية و49 في طرطوس و12 حريقاً في حمص، وآخر تلك الحرائق كان في موقع البلعة بريف حمص وقد أخمد صباح الأحد، وفق ما جاء في تصريح رسمي لوزير الزراعة محمد حسان قطنا.
وبحسب الإعلام الرسمي، شارك بإخماد الحرائق فرق إطفاء من عدة مؤسسات ومديريات من مختلف المحافظات، وعناصر من قوات النظام والأهالي. مع تسجيل غياب أي مبادرة روسية للمساعدة في التغلب على الحرائق التي كانت على بعد بضعة كيلومترات من القواعد العسكرية الروسية، سواء في حميميم بريف اللاذقية أم في طرطوس. كما لم تسجل أي مشاركة للقوات الإيرانية التي سبق وأرسلت طائرة حربية للمساعدة في إطفاء الحرائق التي اندلعت في مصياف وسهل الغاب، عند اقترابها من مواقع عسكرية إيرانية قبل أقل من شهر.
رئيس مجلس الوزراء وفي اجتماع عقد السبت، دعا إلى «استنهاض كل الفعاليات المجتمعية والشعبية للمساهمة إلى جانب الجهود الحكومية في إخماد الحرائق». ووجه بتقديم الدعم اللازم للأهالي الهاربين من الحرائق وفتح الوحدات السكنية في جامعة تشرين، لاستقبال المتضررين ورفع جهوزية مشفى تشرين الجامعي وتعزيز جهوزية الصالات السورية للتجارة والمخابز في المناطق التي تعرضت للحرائق. كما طلب استنفار الوحدات الشرطية لضبط أي مفتعل أو مسبب للحرائق. وبالتوازي مع ذلك وبتوجيه رئاسي، دعت وزارة الأوقاف بدمشق عبر حسابها الرسمي في «فيسبوك»، إلى إقامة صلاة استسقاء بعد صلاة ظهر السبت، «طلباً لنزول المطر ورفع البلاء وإخماد الحرائق». وشارك في الدعوة، إلى جانب الوزارة، كل من المجلس العلمي الفقهي واتحاد علماء الشام.
وفي تصرف لافت، دعت السفارة الأميركية بدمشق الحكومة السورية إلى «اتخاذ الإجراءات لإنقاذ الأرواح». ورغم أن السفارة الأميركية بدمشق مغلقة منذ اندلاع الاحتجاجات ضد النظام عام 2011، فإنها أصدرت بياناً عاجلاً عبر حسابها في «فيسبوك»، قالت فيه: «تتعاطف الولايات المتحدة مع المجتمعات في سوريا المتضررة من الحرائق، التي أسفر عنها خسائر في الأرواح والعشرات من الإصابات وإلحاق أضرار واسعة في الممتلكات (....) أفكارنا مع المتضررين، يجب على الحكومة السورية اتخاذ إجراءات الآن لإنقاذ الأرواح».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.