مصادر تتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية في مارس أو أبريل

الأحزاب والقوى السياسية عاجزة عن بلورة تحالفات لخوض الاستحقاق المرتقب

مصادر تتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية في مارس أو أبريل
TT

مصادر تتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية في مارس أو أبريل

مصادر تتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية في مارس أو أبريل

وسط أجواء من الترقب لموعد إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر، لا تزال الإشارات المتضاربة تهيمن على المشهد السياسي في البلاد.. فبينما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الانتخابات ستنطلق قبل موعد انعقاد المؤتمر الاقتصادي في مارس (آذار) المقبل، فإن مصادر حكومية استبعدت أن تجرى الانتخابات قبل هذا الموعد.
رسميا، نفى مدحت إدريس، المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات، ما تردد خلال الفترة الماضية حول اجتماعات اللجنة المعنية بالدعوة إلى الاقتراع ووضع جدول زمني له، كما نفى لـ«الشرق الأوسط» عزم اللجنة الاجتماع أمس (الأربعاء) للإعلان عن موعد دعوة الناخبين للاقتراع، فيما قالت مصادر مطلعة إن الانعقاد الأول لمجلس النواب سيكون في مايو (أيار) المقبل.
وتشكو الأحزاب السياسية من تأخر الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، التي تعد آخر استحقاقات خارطة المستقبل التي وضعت مع عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وقال إدريس إن «اللجنة العليا للانتخابات النيابية لم تجتمع خلال الفترة الماضية، وبالتالي، فإن كل ما أثير حول موعد الانتخابات أو الجدول الزمني وإجراء الانتخابات على مرحلتين أو ثلاث مراحل، محض تكهنات».
وأشار إدريس إلى أن طريقة إجراء الانتخابات (مراحل إجرائها) تحكمها عوامل كثيرة يجب على اللجنة دراستها، لافتا إلى أن اللجنة تسير وفق برنامج رفض الإفصاح عن ملامحه، لكنه أكد أن اللجنة لا ترى أنها «متأخرة».
ومنح الدستور المصري الجديد السلطات مدة 6 أشهر من تاريخ إقراره، لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأقر الدستور مطلع عام 2014، مما جعل سياسيين ورؤساء أحزاب يرون أن السلطات تتعمد إرجاء الاستحقاق النيابي.
وقال جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة حاليا، الذي شغل منصب مقرر لجنة الخمسين لكتابة الدستور، إن الموعد الذي حدده الدستور تنظيمي، مشيرا إلى أن القانون يفرق بين «موعد مُسقط يترتب على انقضائه إجراء قانوني، وموعد تنظيمي لا يترتب شيء على عدم الالتزام الدقيق به طالما أن مدة التأخير مبررة»، لافتا إلى أنه من حق المتضرر من إرجاء الانتخابات، إقامة دعوى أمام القضاء الإداري.
وقال نصار، وهو قانوني بارز، لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع الأخذ في الاعتبار الظروف التي تمر بها البلاد وعمليات العنف التي نرصده في الشارع، لا أعتقد أن السلطات تأخرت في إجراء الانتخابات البرلمانية».
وظل رئيس مجلس الوزراء المصري إبراهيم محلب يؤكد خلال الشهور الماضية عزم حكومته الانتهاء من الاستحقاق النيابي قبل نهاية 2014، لكن تأخر إصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية حال دون ذلك. وصدر قانون تقسيم الدوائر الشهر الماضي.
وقالت مصادر قريبة من دوائر صنع القرار إن الانتخابات البرلمانية ستجرى بين شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) المقبلين، مشيرة إلى أن البرلمان سيعقد أولى جلساته في مايو المقبل.
وألقى التضارب حول موعد إجراء الانتخابات البرلمانية بظلاله على الساحة السياسية، وسط شعور عام لدى قادة القوى السياسية في البلاد برغبة الحكومة في إرجاء انتخاب مجلس النواب.
وقال إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية، إن الحكومة تسعى لإصدار قانون الاستثمار قبل انتخابات البرلمان لضمان عدم تأثر القانون بأهواء القوى السياسية التي ستمثل في المجلس، وهو ما عده مراقبون دليلا على رغبة الحكومة في تعطيل الاستحقاق النيابي، لحين إصدار حزمة قوانين تراها الحكومة ضرورية.
وتعيش مصر من دون مؤسسة تشريعية منذ حل مجلس الشعب (الاسم القديم لمجلس النواب) في أبريل 2012، باستثناء مدة قصيرة تولى خلالها مجلس الشورى (ألغي في الدستور الجديد) إصدار القوانين. وبحكم الدساتير المصرية المتعاقبة، يتولى الرئيس سلطة التشريع استثنائيا في غيبة البرلمان، على أن يراجع المجلس القوانين التي صدرت في غيبته فور انعقاده.
وفي حين لا تزال الأحزاب والقوى السياسية عاجزة عن بلورة تحالفات لخوض الانتخابات المرتقبة، تراجع أحزاب مدنية حاليا موقفها من قرار خوض الانتخابات البرلمانية، بينما نقل سياسيون خشيتهم للرئيس السيسي من انتخاب «برلمان هش».
وقال الدكتور عبد الله مغازي، المتحدث الرسمي باسم حملة السيسي خلال الانتخابات الرئاسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده قد تشهد «واحدا من أسوأ البرلمانات في تاريخها»، لافتا إلى خطورة هذا الأمر نظرا لما أنيط بالبرلمان من مهام بحكم الدستور الجديد.
وأضاف مغازي، الذي رجح أيضا أن ينعقد مجلس النواب في مايو المقبل، أنه «يثق تماما» في عدم تدخل الرئيس في الانتخابات المقبلة بدعم أي طرف على حساب الأطراف الأخرى.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم