الخباز... صانع قطع السعادة اليومية

صدق من قال: «الخبز أب والماء أم»

TT

الخباز... صانع قطع السعادة اليومية

ثمة خبازون في العالم يعيدون تعريف الخبز من جديد ويهبون عمرهم حتى تدب الحياة في المكونات داخل الأفران، المسألة تتعدى امتزاج الطحين والماء والملح، فما كذب من قال «الخبز أب والماء أم».
وأنت تشتري ربطة خبزٍ طازج في الصباح الباكر لتتناول فطورك هلا تساءلت من المسؤول عن قطع السعادة اليومية تلك؛ حسناً الجواب هو: عاشقٌ لصنعته؛ مجتهد في التعامل معها بروح بيكاسو - فنان عالمي - يُضحّي بحياة طبيعية بتبدّل ليله إلى نهار، إنسان صبور يمنح كل مرحلة في هذه العملية البديعة حقها من دون أن يتجاوز أي تفصيل صغير؛ يفعل كثيرا حتى يضحك وجهنا لمجرد رؤية رغيف خرج لتوّه من فرن ملتهب.
ولا يبالغ الخباز الفلسطيني يوسف أبو طاعة بقوله إنه ما إن يبدأ بشم الروائح الزكية المنبعثة من الخبز حتى يشعر أن الفرن يقدم له الشكر بدعاءٍ حنون «الله يعطيك العافية».
- لولا الحب
بين مخبزه في مدينة رام الله الذي بات يوصف بجنة الخبز وشركة الطعام التي يملكها في مدينة القدس، يستغل يوسف وقت فراغه المستقطع أثناء مشواره؛ ليحدّث «الشرق الأوسط» قائلاً: «مهنتنا من أشد المهن صعوبة وعلى من يفكر في الانتساب إليها أن يدرك سلفاً ما الذي سيكابده، أولاً عليه أن يعلم أن وقت الخباز ليس ملكه على الإطلاق، عمله لا ينتهي في موعد محدد كبقية الوظائف، يتحتّم علينا الارتباط بالزبائن، لا سيما إن كان المخبز يبيع بنظام الجملة ويوزع على المطاعم والفنادق، الخبز روح البشرية فلا غنى عنه في أي وقت، في الأيام العادية وفي المناسبات والأعياد وفي أوقات المنخفضات والعواصف الثلجية».
عبير روائحه لا ترحم أحداً والخبازون يفهمون لغتها أكثر من غيرهم، لعل التشبيه بليغ في عبارة «رائحة الخبز الجيد تشبه صوت الماء المتدفق برفق مثيراً البراءة والبهجة». يستطرد يوسف في حديثه بالقول: «عند الناس هي رائحة خبز جميلة إلا أنها بالنسبة لنا نتاج سهر طويل بينما الناس يغطّون في نوم عميق، عندما نخبِز في الصباح ويخرج الكائن الفاتن فإن لدينا تعبيرا مجازيا (الخبز فرحان وبغنّي)، نعم يا سادة! الخبز حين نخرجه من الفرن يُحدث صوت طقطقة، يمكث أولاً تحت درجة حرارة عالية جداً ثم يخرج إلى هواء بارد وبالتالي يشكلّ تغيير الحرارة قشرة لطيفة على الخبز في بعض الأنواع، وفي جميعها عموماً يصدر عنه صوت وكأنه يشدو مكافئاً صاحبه الذي ما قصرّ في تدليله».
يضع «الخباز العاشق» في إطار جذاب محاولا تقريب الصورة: «إن تأكلي الخبز وتستمتعي به (حاف) ولا تتوقفي؛ كل لقمة منه أشهى من التي قبلها؛ تنهيه ثم تتمني لو أنه تبّقت لقمة أخيرة؛ حينها فاعلمي أن وراءه خبازا عاشقا».
ويصف حياة الخباز بالصعبة، يختارها فقط إنسان شُغف حباً، موضحاً: «عملنا عريق يعكس ثقافة وتاريخا؛ فالخبز رمز لحضارة الشعوب؛ عملنا كله حب، ومن دون الحب يستحيل تحمله، إن لم يتدفق من أعماق المرء فلن يستمر أكثر من أربعة أشهر، أما إن ملأت الصنعة كيانه فسيتخطى قسوة التحديات بسهولة». عن عمل الليل وما يترتب عليه يخبرني الآتي: «الناس تتناول فطورها في الساعة السابعة صباحاً من كل يوم فيما الخبز يكون جاهزاً لاستقبال تحية المارة، مما يتطلب البدء بالعمل من الثانية عشرة ليلاً كأقصى حد؛ خلق الله الليل للنوم؛ ماذا عسانا أن نفعل! نوم النهار لا يعوّض الراحة؛ ومن جهة أخرى نظام العمل يعدم حياتنا الاجتماعية».
«الفرنسي» مرادفٌ للصبر
قبل عام ونصف قرر أن يكون مَلك نفسه بافتتاحه مخبزا يتيح له العمل بأسلوبه الخاص وبالنكهة التي يريدها، لقد أبى أن يظل محكوماً بتعليمات ورؤية الذين يعمل عندهم، أخذ يتعلم من طهاة فرنسيين وإيطاليين والتحق بالعديد من الدورات المكثفة داخل وخارج البلاد، إلى أن نضجت كثير من الأفكار في مخيلته ما لبث أن أطلق لها العنان ليقدم خبزاً جديراً بمعنى «زين» الاسم الذي اختاره لمخبزه.
ينوّع يوسف بين النكهات المحلية والأوروبية والفطائر والغموسات البيتية التي تنكّه الخبز متفنناً بالحشوات والأجبان في معجناتٍ تِسع بما فيها البيتزا التي تخرج من فرن طابونٍ إيطالي يدوي الصنع، ويشجع على حس الفضول واختبار الأفكار والتجارب حتى وإن حالفها الفشل... «ما المانع من أن نخرّب حتى نتعلم وأن نشاكس بالأسئلة» يتساءل متابعاً حديثه: «العالم يتقدم ولا بد أن يدخل الخبز في منظومة التطور كسائر شؤون الحياة؛ نعم مهنتنا لها أصول قديمة وعلينا الالتزام بقوانينها الرئيسية، لكن في المقابل هناك جوانب أؤيد التغيير فيها».
تفاصيل عدة يمكن اللعب بها؛ بحسب تعبيره؛ ذكر منها؛ طعم الخبز بإدخال فواكه أو نكهة مالحة أو حلوة أو خضراوات، ومما يمنح رائحة منعشة ونكهة لا تقاوم بحسب يوسف؛ إضافة إكليل الجبل والأعشاب، وفي المقابل توجد أنواع من الخبز لا يحبذ إضافة أي منكهات عليها كي تحتفظ بكلاسيكيتها.
وتغيير نوع الطحين أيضاً يجعل الناتج مختلفا، وصبغ الخبز يضفي المرح على الأطفال في أعياد الميلاد وكذلك الحال في عيد الفصح المجيد يُلّون كما البيض، أي أن الخباز يعمل بمبدأ الطهاة «العين تأكل أولاً»؛ والإبداع يصل إلى رسم الخطوط بما يعرف بـ«الشفرات» لتبدو كشجرة أو سَبلة.
وفي السياق نفسه يلوم على المخابز الشرقية التي تراوح مكانها، حيث يقتصر أصحابها على خبز الكماج والشراك والطابون فيما يبدو مستفَزاً من الخبز الذي يحتوي على كثير من السكر، ومع ذلك يلتمس لهم بعض العذر بالقول: «ربما لم يتوقفوا عن التعلم ولكن أذواق الناس لا تتقبل التغيير، وبلا شك أن الربح هدفٌ مشروع لكل المخابز التجارية، لكن لماذا لا نسير عكس التيار ونعرض على الناس خياراتٍ أخرى بعيداً عن الدارج؛ لنبني ثقافة مفادها أن الخبز مشاعر وحضارة ولا يمكن حصره في نوعٍ واحد، بل إنه يمكن تحضير أنواع جديدة من الصفر كما فعلت أنا».
تعريف الخبز عند يوسف أبو طاعة «فنٌ في الأداء وإتقان في التحضير والتوزين واللمسة، والفن يتجلى في منتج يسارع الزبون إلى التقاط صورته قبل أن يأكله وإذا ما أكله فلا ينسى طعمه»، مضيفاً: «نسمع عن أناس قضوا سنوات طويلة في المخابز والتزموا بالدقة في الوصفات لكنهم لم يطبقوها بـ(نفس)؛ ببساطة لم يُغرموا بالخبز».
«ماذا يعني لك الباجيت الفرنسي؟» لم أتوقع أن يفتح السؤال شهيته لأن ينظِم الشِعر فيقول «تربطني بالباجيت قصة عشق، إنه واحدٌ من أكثر الأشياء التي أحبها في الدنيا، ولا أتركه عادة للموظفين، أنا فقط المسؤول عن تحضيره، الباجيت بقشرته المثالية وطعمه الريفي هو خبزي الخرافي؛ حتى الضربات على سطحه من يراها يظن أنها مرسومة».
يرى الرجل أن سر النجاح في الخبز الفرنسي القروي كثير من الانتظار والصبر؛ هذا النوع له قوانينه ولا يجوز الاجتهاد فيه تبعاً لقوله؛ طوله 50 سم بلا زيادة أو نقصان، ووزنه 350 غراما قبل الخبز ويتم أمره بخمس ضربات، وللمرة الثانية يكرر «أغني للباجيت ويغنيلي».
وتضيء إشارته باللون الأحمر ليحذر خبازاً مزاجه ليس على ما يرام «ممنوعٌ عليك أن تقترب من الخبز» يقولها بنبرة حازمة، فمن دون مزاج يمكن للإنسان أن يفعل أي شيء إلاّ هو، لأن الناتج لن يكون مُرضياً، ناصحاً «لا تستخفّوا بحضور القلب أثناء إعداد الخبز وخاصة الباجيت».
- للقمح قداسة
يولي الخباز الجيد اهتماماً فائقاً بتفاصيل متناهية الصغر فالتجاوز عن أي منها يُوقع في خطأ فادح من شأنه إفساد كل شيء، أثَرنا هذه النقطة معه ليشرح وجهة نظره: «أهم ما في الخبز الدقة وجودة المكونات التي تمنح طعماً يمنح الابتسامة، إنها عملية تسلسلية وتفاعلات بالغة الدقة بين الماء والطحين والخميرة والملح؛ فكلٌ منها له توقيت محدد لدخوله إلى (العَجنة)، لأن الإخلال بشرط وضع المكونات بالترتيب الصحيح يودي غالباً بالعجينة إلى القمامة، وكما نعلم الحرارة والتخمير والبكتيريا علم قائمٌ ذاته، وكل يجب أن يأخذ وقته في التخمير والحرارة».
إذن القفز على القواعد يخلف خسارة في الوقت والمكونات، بحسب تأكيد الخباز الفلسطيني؛ «الدقة مطلوبة في الملح والدهون مثل الزبدة والزيت، فهذه مكونات لا تقبل إضافتها في الوقت الخطأ؛ نتحدث عن فاصل دقائق معدودة وبموجبه يتقرر مصير الخبز، والخبز الأوروبي على وجه الخصوص دقيق لأبعد حد في حرارة الخَبز وطريقته ونوع الفرن، فكل نوع خُبز له نوع طحين ونوع ملح ودهون أيضاً».
والصعوبة الحقيقية وفقاً لرأيه تكمن في أن كل مراحل الخُبز من لحظة أن يكون الطحين جافاً إلى لحظة أن يؤكل في مجملها عمل يدوي معجون بالفن، مشيراً إلى أن الخبرة وحدها لا تكفي؛ يتوجب إنعاشها بالتعلم المستمر يرافقه دراسة متخصصة لفن المعجنات في سبيل الحصول على نتائج مثلى.
أما أجواء المزاح والضحك التي يعيشها يوسف مع فريقه لبضع دقائق إلى درجة أنهم يدبكون، كفيلة بمنحهم جرعة من الأدرينالين تُخفف من وطأة التعب، بَيدَ أن مَلمس الطحين ينسيهم همهم.
مخبزه يعمل وفق المعايير الأوروبية، ونظراً لأن المكونات المستخدمة غالية الثمن إذ يجلبها من (إسرائيل) أو من الخارج فإن أسعار البيع مرتفعة مما لا يناسب عامة الشعب، إلا أنه شيئاً فشيئاً بدأ يحقق النجاح، فمن جرب خبزه يعود لشرائه مجدداً ولو بين حين وآخر كما يقول؛ لا سيما أهالي الداخل المحتل الذين يأتون لتناول كرواسونه اللذيذ.
أخيراً؛ لا يستغرب يوسف من أن المجتمع العربي لا يأخذ مهنة الخباز على محمل الجد، معزياً السبب إلى أن الشرق الأوسط لم يزرع القمح يوماً، بخلاف أوروبا التي تزرعه منذ القدم وتصدّر للعالم أجود الأنواع منه؛ لذا فمن البدهي أن تنظر له كشيءٍ مقدس وأن يحظى الخباز لديها بالألقاب الفاخرة والدخل المجزي، يعترف ضاحكاً: «هنا إذا ما سألني أحد عن مهنتي أخبره أني أعمل في مخبز، أما للأجانب فأقول بملء الفم (أنا خباز)».


مقالات ذات صلة

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات الشيف العالمي أكيرا باك (الشرق الأوسط)

الشيف أكيرا باك يفتتح مطعمه الجديد في حي السفارات بالرياض

أعلن الشيف العالمي أكيرا باك، اكتمال كل استعدادات افتتاح مطعمه الذي يحمل اسمه في قلب حي السفارات بالرياض، يوم 7 أكتوبر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مذاقات الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية…

كمال شيخو (القامشلي)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
TT

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

«يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز بطرق غير متوقعة»، هكذا يتحدث الشيف المصري وليد السعيد، عن أهمية الشاي في وصفات لذيذة. أطباق كثيرة يتخللها الشاي وتتنوع بمذاقات مختلفة؛ من بينها فطائر الكريب، وكعكة «شاي إيرل غراي».

وينصح السعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بتجربة الشاي الزهري مثل الياسمين والبابونج، أو الأسود العادي، خصوصاً بالنسبة للمصريين، أو شاي بالقرفة والزنجبيل والقرنفل أو شاي دراغون ويل الأخضر الصيني برائحة الكستناء ونكهة الزبد والجوز، وغير ذلك من الأنواع.

الشيف وليد السعيد يستخدم الشاي بأنواعه في الكثير من الوصفات خاصة الحلويات (الشرق الأوسط)

ويرى السعيد أنه «في بعض الأحيان نستخدم نكهات صناعية من دون النظر إلى عواقب إضافة المواد الكيميائية والمضافة إلى طعامنا، في حين أنه يمكن الاستغناء عنها، واللجوء بدلاً من ذلك إلى استخدام الشاي، بوصفه يجمع بين كونه مكوناً طبيعياً، يجنبك تلك المواد الضارة، وكونه مُحمَّلاً بنكهات متنوعة تلائم الأطباق من الحلوة إلى المالحة، والساخنة والباردة».

ويوضِّح السعيد أنه «يمكن لأي وصفة تحتوي على سائل أن تكتسب نكهة جديدة تماماً عند الاستعانة بالشاي في تحضيرها، وذلك عن طريق تحويل هذا السائل إلى شاي، سواء كنت تستبدله بدلاً من الماء أو الحليب أو الشوربة أو غير ذلك».

فطائرالكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند من شيف ميدو (الشرق الأوسط)

لكن كيف يمكن استخدام الشاي في هذه الحالة؟ يجيب السعيد: «إذا كانت الوصفة تتطلب الماء مثل العصائر والسموذي، فقم بتحضير بعض الشاي بدلاً من الماء، عن طريق تحضير كمية كبيرة من الشاي وتجميدها، إما في برطمانات أو قوالب مكعبات الثلج، ثم إضافتها للطعام».

«أما إذا كانت الوصفة تحتوي على مرق أو حليب، فيمكنك نقع هذا السائل بالشاي؛ لإضافة نكهة إضافية مع الفوائد الغذائية: سخن السائل، وانقع الشاي واستخدمه حسب الحاجة في الوصفة، لكن عليك أن تراعي أنك ستحتاج إلى مزيد من استخدام الشاي، مع تجنب نقعه لفترة أطول حتى لا يصبح مراً». هكذا يوضح الشيف المصري.

ومن هنا عند دمج الشاي في الوصفات تحتاج إلى صنع نحو ربع كوب شاي أكثر من استخدامك المعتاد. على سبيل المثال، إذا كانت الوصفة تتطلب كوباً واحداً من السائل، فقم بغلي 1.25 كوب من الشاي.

امزج أوراق الشاي المطحونة مع الأعشاب، واستخدمها كفرك (تتبيل) جاف للحوم المشوية أو المطهوة، ولمزيد من الحرفية مثل الطهاة استخدم معه السكر البني والملح والفلفل الأسود وحبيبات أو بودرة البصل والثوم والزعتر وإكليل الجبل وقشر الليمون، والزنجبيل، وقشر البرتقال، ومسحوق الفلفل الحار، والبهارات، والقرفة أو القرنفل.

ويلفت الشيف السعيد إلى أنه يمكن استخدام الحليب أو الكريمة المنقوعة بالشاي لصنع صلصة البشاميل والصلصات الأخرى على شكل كريمة للفطائر والبطاطس المقلية، علاوة على حساء الكريمة والخضراوات الكريمية، على أن تستخدم للطعم الكريمي في هذه الأطباق شاياً بنكهة لذيذة، تكون من ضمن مكوناته الشاي الأخضر والأرز المنفوخ والذرة، ولذلك يفضل أن يكون شاياً يابانياً.

أما بالنسبة للحلويات فاستخدم مسحوق الماتشا في الخليط. إذا كنت تخبز البسكويت، فيمكنك أيضاً نقع الزبد المذاب بأوراق الشاي الكبيرة الطازجة، ثم تصفية ذلك، وفي حالة ما إذا كانت الوصفة تتطلب الحليب، فقم بنقع الشاي في الحليب الدافئ أو الماء لمدة من 5 إلى 10 دقائق، وأمامك خيار آخر، وهو طحن الشاي إلى مسحوق في محضر الطعام وخلطه مع المكونات الجافة.

«وإذا كنت تبحث عن الاستمتاع بنكهة حلوة خفيفة مع نكهات زهرية أو فاكهة، فجرب إحدى خلطات الشاي العشبية الكثيرة مثل شاي البابونج والحمضيات أو شاي الكركديه أو شاي التوت البري. اطحن الشاي السائب في مطحنة التوابل حتى يتحول إلى مسحوق، واستخدم ملعقتين كبيرتين لكل دفعة من العجين، ولأن الشاي يمتص السوائل، قلل من كمية الدقيق المطلوبة في الوصفة بملعقتين كبيرتين»، بحسب السعيد.

وليس بعيداً عن ذلك، ينصح الشيف ميدو الذي يعد واحداً من الطهاة المصريين الذين اعتادوا على استخدام الشاي في الطعام، ومن أشهر أطباقه في هذا المجال فطائر الكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند، ويصف ذلك بـ«ثنائية اللون محشوة بكريمة الفانيليا ومغطاة باللون الأخضر»، وكذلك يقدم كعكة «شاي إيرل غراي» مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تمنح البقع السوداء الصغيرة من الشاي هذه الكعكة كثيراً من الطعم والرائحة».