«الصحة العالمية»: الفيروس لم يتغير بل نحن غيرنا سلوكنا

«الصحة العالمية»: الفيروس لم يتغير بل نحن غيرنا سلوكنا
TT

«الصحة العالمية»: الفيروس لم يتغير بل نحن غيرنا سلوكنا

«الصحة العالمية»: الفيروس لم يتغير بل نحن غيرنا سلوكنا

عاد فيروس كورونا ليتسلل إلى الخريف الأوروبي الذي بدأت تتساقط عليه أوراق القلق من موسم عزلة جديد، ويتمدّد فيه الخوف من الوباء الذي باتت أرقام انتشاره تهدد بفصل جديد من الإقفال والشلل الاقتصادي.
وأمام الارتفاع المتواصل في عدادات الإصابات الجديدة والحالات الخطرة والوفيات، تعود الحكومات الأوروبية لتواجه المعضلة نفسها التي كانت قد واجهتها إبّان الموجة الأولى من الوباء: الموازنة بين التدابير الوقائية وما تستدعيه من إجراءات تؤثر على النشاط الاقتصادي الذي بدأت تظهر فداحة الأضرار الناجمة عن الشلل الذي أصابه خلال ذروة انتشار الفيروس في الربيع الفائت.
وفي حين تجهد الحكومات لتحاشي تجرّع علقم العزل التام الذي بات شبه محتوم في بعض الحالات، تقول منظمة الصحة العالمية إن: «الفيروس لم يتغيّر، بل نحن الذين تغيّر سلوكنا»، في إشارة إلى التراخي في تدابير الوقاية التي عمت البلدان الأوروبية خلال الصيف، وتذكر بأنها منذ مطالع العام الحالي، تكّرر للحكومات ما هي التدابير التي ينبغي اتخاذها، وضرورة تطبيقها بصفتها حزمة متكاملة لتحقيق النتائج المنشودة.
وتقول ماريّا فان كيركوفي، المسؤولة في منظمة الصحة العالمية عن الأمراض الناشئة والحيوانية المصدر: «صحيح أننا لسنا اليوم في الوضع نفسه الذي شهدناه في الربيع الفائت، فقد أصبحنا نعرف الكثير عن الفيروس، والتدابير التي تتخّذ لاحتوائه فاعلة، لكن المشكلة ما زالت تكمن في تنفيذ هذه التدابير والتقيّد بها».
ويقول مدير قسم الطوارئ المشرف على تنسيق الفريق الدولي لمكافحة «كوفيد-19»، مايك رايان: «من الصعب جداً وقف سريان الفيروس بشكل كامل، إلا إذا فصلنا الناس بعضها عن بعض، وهذا صعب جداً. لكن إذا تصرّفنا بحزم من البداية، كما فعلت اليابان وكوريا الجنوبية، عندما بدأ الوباء ينتشر بسرعة، وركّزنا على الإصابات التي تحمل عوارض، فإن النتيجة مضمونة. لكن إذا تأخرنا في اتخاذ التدابير أو تساهلنا في تطبيقها، تزداد صعوبة مكافحة الوباء الذي قد يخرج عن السيطرة».
وأضاف: «عندما تعود الإصابات إلى الارتفاع، كما يحصل حالياً، وهي ستستمرّ، لأن الفيروس ما زال يحمل طاقة قوية على السريان، علينا التركيز ليس فقط على تدابير العزل وقيود الاحتواء، بل على المراقبة والسهر على تنفيذها».
وعن التجاذبات السياسية التي تعرقل إدارة الجائحة في بعض البلدان، وتهدد بانفجار الوضع الوبائي، مثل إسبانيا وإيطاليا، قال رايان: «إن المنظمة على استعداد لمساعدة الحكومات الفيدرالية على التنسيق بين السلطات المركزية والإقليمية، حيث تبيّن أن عدم التنسيق في أي من الاتجاهين يقضي على فاعليّة التدابير، ويعجّل بتدهور المشهد الوبائي. نعرف أنه ليس من السهل تحويل البيانات العلمية إلى تدابير إجرائية، ومن الصعب على الحكومات أن تترجم البيانات والقرائن العلمية إلى إجراءات يقبل بها الجميع، خاصة في ضوء التداعيات الاقتصادية لهذه الإجراءات. لكن هذه مهمة الحكومات»، ثم أضاف: «عندما يقع الخلاف بين السياسيين حول إدارة الجائحة، يدفع المواطنون الثمن من أرواحهم».
وفيما حذرت منظمة الصحة العالمية من التضحية بالمسنين للوصول إلى «مناعة القطيع»، ودعت إلى إعطاء الأولوية للفئات الضعيفة التي دفعت الثمن الأغلى خلال الموجة الأولى، قال مديرها العام تيدروس أدهانوم إن الهدف من التحالف العالمي لتطوير اللقاح ضد «كوفيد-19» هو تـأمين مليارَي جرعة لتوزيعها بنهاية العام المقبل بين الدول، وفقاً لاحتياجاتها وقدراتها. وأعلن أن شركة «موديرنا» قررت أن تتنازل عن حقوق براءة إنتاج اللقاح الذي تطوره إلى أن تنتهي الجائحة. وبعد أن شكر الشركة على خطوتها التضامنية، ودعا إلى الاقتداء بها، قال إن المنظمة تنتظر لمعرفة المزيد حول تبعات هذا القرار على صعيد نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية، وكشف أن الصين وكوريا الجنوبية انضمتّا هذا الأسبوع إلى تحالف «كوفاكس» الذي بلغ عدد أعضائه 171 دولة.


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».