العالم يحتفل بالعام الجديد 2015

الملايين من هونغ كونغ ولندن وصولا إلى نيويورك أطلقوا الألعاب النارية واقاموا الحفلات الموسيقية إبتهاجا

عرض للألعاب النارية فوق أوبرا سيدني وجسر ميناء سيدني احتفالا بالعام الجديد (إ.ب.أ)
عرض للألعاب النارية فوق أوبرا سيدني وجسر ميناء سيدني احتفالا بالعام الجديد (إ.ب.أ)
TT

العالم يحتفل بالعام الجديد 2015

عرض للألعاب النارية فوق أوبرا سيدني وجسر ميناء سيدني احتفالا بالعام الجديد (إ.ب.أ)
عرض للألعاب النارية فوق أوبرا سيدني وجسر ميناء سيدني احتفالا بالعام الجديد (إ.ب.أ)

استبقت سيدني عواصم الدول الغربية في تدشين الانتقال إلى سنة 2015، في احتفالات صاخبة تمثل تحديا للتهديدات «الإرهابية» في المدينة التي لا تزال تحت صدمة احتجاز الرهائن الدامية.
ومن هونغ كونغ إلى لندن وصولا إلى نيويورك وريو دي جانيرو، احتفل ملايين الأشخاص عند منتصف الليل بحلول رأس السنة على أصوات الألعاب النارية والحفلات الموسيقية.
وفي سيدني، تم إطلاق طن من المفرقعات النارية المتعددة الألوان فوق الخليج. وحضر نحو 1.6 مليون شخص الاحتفالات في أكبر مدن أستراليا، حيث قام شخص من أصل إيراني في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي باحتجاز 17 رهينة في مقهى. وقالت رئيسة بلدية سيدني، كلوفر مور، إنه تم توجيه تحية لذكرى توري جونسون وكاترينا دوسون، اللذين قتلا أثناء احتجازهما رهينتين في المقهى حين اقتحمته الشرطة، وحيث قتل أيضا محتجز الرهائن هارون مؤنس. وأضافت «سنحتفل بكوننا مجتمعا متعدد الثقافات ومنسجما، لكننا سنبقي في أذهاننا ما حصل».
وفي الأيام التي تلت عملية احتجاز الرهائن، رصدت السلطات الأسترالية تكثفا في اتصالات «الإرهابيين»، كما قال رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت. وأضاف «مستوى التهديد الإرهابي يبقى عاليا، وكما تعرفون فإنه على هذا المستوى هناك فرضية حصول اعتداء».
وأستراليا التي تخوض حملة مع الأميركيين ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، رفعت في سبتمبر (أيلول) الماضي مستوى الإنذار لديها في مواجهة التهديد الإرهابي الذي يشكله جهاديون عائدون من هذين البلدين. وكانت رئيسة بلدية سيدني حاولت طمأنة الناس بقولها لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن متأكدون أن الاحتفالات ستكون آمنة».
كما أضاء سكان مدينة أوكلاند في نيوزيلندا سماء مدينتهم في الدقائق الأولى للعام الجديد 2015 باستعراض رائع للألعاب النارية. ومع بدء العام الجديد انطلقت ألوان مضيئة في الجو مبددة ظلام الليل في ميناء أوكلاند. واحتشد عشرات الألوف من سكان وزوار المدينة الواقعة في شمال نيوزيلندا على الساحل لمشاهدة عرض الألعاب النارية الذي انطلق من عند مبنى سكاي تاور الذي يبلغ ارتفاعه 328 مترا. وشاهد آخرون العرض من ماونت فيكتوريا في ديفونبورت في الجانب الآخر من الميناء أو من داخل قوارب في الماء.
وفي آسيا، نظمت احتفالات بحلول رأس السنة في هونغ كونغ بعرض ضوئي، حيث تمت إنارة ناطحات السحاب في المستعمرة البريطانية السابقة لمدة ثماني دقائق.
وفي تايوان، كانت ناطحة السحاب «تايبيه 101» مركزا للاحتفالات مع عروض موسيقية. وتم إطلاق الألعاب النارية عند منتصف الليل أمام آلاف الأشخاص.
وفي بكين، كان ترشيح المدينة لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 محور الاحتفالات في المجمع الأولمبي للمدينة، بحضور العديد من الرياضيين وعازف البيانو لانغ لانغ. ووفقا للتقويم الصيني فإن عام 2015 سيكون عام الشاة. ويتوقع أن يتوافد الملايين على المعابد والأضرحة في أنحاء البلاد لاستقبال العام الجديد.
وفي اليابان، تطلع سكان طوكيو إلى حظ أفضل في العام الجديد، وقاموا بزيارة واحد من أكبر المعابد بالمدينة. فقد توافد الزوار على معبد زوجوجي لإحراق البخور ودق أجراس المعبد، آملين أن تتحقق أمنياتهم في العام المقبل. وقال كينيشي موراياما، الذي زار المعبد مع طفليه، لـ«رويترز»، إن أمنيته الوحيدة للعام المقبل هي دوام نعمة الصحة على أفراد أسرته. وأضاف موراياما «نعمت أسرتي بالصحة العام الحالي، وبالتالي أتمنى أن يكون العام المقبل على نفس المنوال أيضا».
وبعد أن اشتروا أوراق حظ بمبلغ 200 ين (1.6 دولار) قال آخرون إنهم يأملون أن يكون العام المقبل أفضل من الحالي. وقالت يوكا مياماوتو (24 عاما) «كان هذا العام مشغولا جدا بالنسبة للعمل. لذلك أتمنى أن أتمكن من الاسترخاء قليلا خلال العام المقبل، وأن أستطيع أخذ عطلة».
وفي أفغانستان، شهدت السنة الجديدة طي صفحة مهمة حلف شمال الأطلسي القتالية في البلاد رغم أن تمرد طالبان لا يزال مستمرا بعد 13 عاما من التدخل العسكري الأجنبي. وستتسلم بعثة تدريب ودعم للجيش الأفغاني المسؤولية من القوة المقاتلة.
وفي أوروبا، شارك النجم الأميركي ديفيد هاسلهوف في حفل موسيقي ضخم في الهواء الطلق عند بوابة براندبورغ في نفس المكان الرمزي الذي أحيا فيه حفلا في ديسمبر 1989 قرب الجدار الذي كان ينهار.
وفي باريس، نظمت عروض بصرية في الشانزليزيه تعكس طريقة عيش الباريسيين، وتطرقت إلى مواضيع بيئية. وستستضيف العاصمة الفرنسية في نهاية 2015 المؤتمر الدولي حول المناخ.
وفي إسبانيا، تجمع ملايين الأشخاص في بويرتا ديل سول في مدريد ضمن الاحتفالات التقليدية، فيما نظمت برشلونة عرضا هائلا للألعاب النارية.
وفي بريطانيا، نظمت عروض ضخمة على ضفة نهر التيمس في لندن، كما أطلقت الألعاب النارية المتعددة الألوان فوق النهر وسط إجراءات أمنية بعد التدفق الكبير في السنوات الماضية.
وفي ليتوانيا، شهد الانتقال إلى عام 2015 انتقال البلاد إلى اعتماد اليورو، فيما ستتولى لاتفيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مما يجعلها في واجهة المفاوضات مع روسيا بخصوص الأزمة مع أوكرانيا.
وحضر أكثر من مليوني شخص إلى شاطئ كوباكابانا في ريو دي جانيرو لحضور عرض الألعاب النارية تزامنا أيضا مع الذكرى الـ450 لتأسيس المدينة.
وفي نيويورك، حضر مليون شخص إلى ميدان تايمز سكوير لحضور العرض التقليدي لإنزال كرة الكريستال المتعددة الألوان. وشاركت في الاحتفالات مغنية البوب تايلور سويفت.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».