على مدار ست سنوات، كان الكثير من فناني مصر والعالم يجتمعون في مثل هذه الأيام في مدينة البرلس الساحلية في مصر، ضمن فعاليات ملتقى البرلس الدولي للرسم على الجدران والمراكب، الذي كما يدل عنوانه، مشهد فني صاخب يشارك أهل تلك المدينة الصغيرة في صناعته مع الفنانين التشكيليين المحترفين، وانتظارهم كل عام لمواصلته، وسط زخم براميل الألوان، وعشرات الفُرش، وحميمية فترات الراحة التي تجمع الأهالي بالفنانين حول مواقد الشاي، ليتأملوا معاً الإبداعات التي يتركها كل فنان على جدران تلك المدينة البسيطة، أو على مراكب الصيد، أو واجهات البيوت والمقاهي؛ ما جعل تلك المدينة على مدار الأعوام الست الماضية متحفاً مفتوحاً مرصعاً بالجداريات والأعمال الفنية.
ومع تجدد موعد الملتقى هذا العام في دورته السابعة، التي تُعقد من مطلع وحتى منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، يُخيّم «كورونا» بثقله كمفرق للجماعات، ليفسد عنصر اللقاء الحي بين الفنانين وأهالي مدينة البرلس هذا العام، ولكنه في الوقت نفسه لم يمنع قيام الملتقى في موعده نفسه، وفيض إبداعاته ولو عن بُعد.
فقد تقرر أن يحمل الملتقى هذا العام؛ نظراً لهذا الظرف العالمي الخاص، عنوان «مسافات آمنة»، وذلك حسب الفنان التشكيلي عبد الوهاب عبد المحسن، مؤسس ملتقى البرلس الدولي للرسم على الجدران والمراكب، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه على الرغم من أن هذا العام لم يتمكن الملتقى من مباشرة أعماله من مدينة البرلس، فإن الفنانين المشاركين باشروا أعمال الملتقى من مراسمهم الخاصة، بما في ذلك مشاركات من ثلاثين دولة حول العالم «تباشر عدد من الورش الفنية أعمالها حالياُ في عدد من الدول تحت اسم ملتقى البرلس، منها السعودية، والهند، وإيطاليا، وهولندا، ونيجيريا، والبوسنة، ومقدونيا، والصين، واليابان، حيث قاموا بالتواصل معنا دعماً للملتقى وحصلوا على مواصفات المراكب الخشبية ومقاييسها، وبدأوا بالفعل بالرسم عليها، وبث مقاطع فيديو بشكل متواصل ومبهج لمشاركتنا تطورات الرسم عليها بداية من رسوم الاسكتشات الأولى».
وإلى جانب مشاركات من الدول الأخرى، فإن هناك خمسين فناناً في مصر يقومون هذا العام بالاشتراك في فعاليات الملتقى من مراسمهم الخاصة، ويقومون في محاولة للمشاركة والتواصل فيما بينهم وبين فناني العالم بتصوير مراحل رسم المراكب من الاسكتشات وحتى تجهيز سطح المراكب مروراً ببدايات تخطيط الرسم وحتى باقي المراحل، وحسب الفنان عبد الوهاب عبد المحسن «سيتم عرض تلك المراكب في معرض خاص سيستضيفه غاليري (آزاد) بالقاهرة فور انتهاء فعاليات الملتقى».
وتقع مدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ، (شمال دلتا مصر)، وتوجد بحيرة البرلس داخل حدود المحافظة وتتصل البحيرة بالبحر المتوسط، ويشتهر أهلها بصيد الأسماك؛ ما يجعل المراكب الخشبية إحدى علامات تلك المدينة، ومن ركائز هذا الملتقى الفني.
وبحسب الفلسفة الراسخة للملتقى التي تعتمد على عدم تحديد موضوعات مُسبقة للرسم، فإن الأمر ذاته يستمر هذا العام «لا يمكن فرض فكرة أو موضوع بعينه على الفنانين للرسم تحت عنوانه، حتى لو كان موضوع العزلة مطروقاً هذه الفترة بسبب فيروس كورونا، ولكن لم نطرحه كثيمة مُحددة للرسم؛ فالملتقى قائم بالأساس على فكرة انطلاق الفنانين للتفاعل مع البيئة والناس والأفكار بشكل حر، فتلك الحرية هي التي قام عليها الملتقى منذ بدايته وخرجت على أساسها إبداعات غاية في التنوع الفني».
«كورونا» يجبر مراكب «البرلس» الفنية على الإبحار «افتراضياً»
«كورونا» يجبر مراكب «البرلس» الفنية على الإبحار «افتراضياً»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة