الاتحاد «العمالي العام» يدعو لـ«يوم غضب» لبناني

معارضوه اعتبروها خطوة متأخرة واتهموه بـ{الخضوع لهيمنة الأحزاب}

صراف في بيروت يعد دولارات إلى جانب العملة اللبنانية التي فقدت حوالي 80 % من قيمتها منذ أكتوبر الماضي (رويترز)
صراف في بيروت يعد دولارات إلى جانب العملة اللبنانية التي فقدت حوالي 80 % من قيمتها منذ أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

الاتحاد «العمالي العام» يدعو لـ«يوم غضب» لبناني

صراف في بيروت يعد دولارات إلى جانب العملة اللبنانية التي فقدت حوالي 80 % من قيمتها منذ أكتوبر الماضي (رويترز)
صراف في بيروت يعد دولارات إلى جانب العملة اللبنانية التي فقدت حوالي 80 % من قيمتها منذ أكتوبر الماضي (رويترز)

في خطوة وجد البعض أنها جاءت متأخرة أعلن أمس الاتحاد العمالي العام في لبنان الذي يضم معظم القطاعات والاتحادات إلى تحرك شعبي يوم الأربعاء المقبل فيما أطلق عليه «يوم الغضب والرفض»، رافعا مطالب اجتماعية معيشية رفضا لرفع الدعم عن المواد الاستهلاكية على أن يكون تحركا تحذيريا يمهد لتحركات أخرى، بحسب ما أعلن رئيسه بشارة الأسمر.
ومع التأييد الذي يلقاه موقف الاتحاد وترقّب ما سيحمله يوم الأربعاء لا سيما أنه سبق له أن تنصّل من التحركات الشعبية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تطرح علامات استفهام حول خلفية هذا القرار، وإضافة إلى أنه أتى متأخرا فهو صادر عن اتحاد يمثل نموذجا للبرلمان والحكومة لجهة المحاصصة السياسية بين الأحزاب التي تسيطر على قراره. وهذا الأمر توقف عنده نائب رئيس الاتحاد السابق ورئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي سائلا: «هل سينقلب الاتحاد العمالي على نفسه، وهل موقفه خطوة استلحاقية بعدما وصلت الأمور إلى حائط مسدود وفقد الشعب اللبناني ثقته بهذا الاتحاد الذي يفترض أن يمثل ويحكي باسم العمال والفقراء وذوي الدخل المحدود وتنازل عن دوره طوال السنوات الماضية لصالح الأحزاب ووقف ضد التحركات الشعبية العام الماضي؟».
في المقابل، يرفض الأسمر اتهام الاتحاد بالتقصير والتسييس ويرمي كرة المسؤولية على المسؤولين رافضا استثناءه من الاجتماعات الاقتصادية والاجتماعية، ومؤكدا أن هذا المطلب سيكون أولوية في المرحلة المقبلة. ويقول الأسمر لـ«الشرق الأوسط»: «قد نكون قصّرنا بواجبنا في بعض الأحيان لكن قراراتنا لا ترتبط بالقرارات السياسية، رغم اعترافنا بأن الاتحاد هو نموذج عن المجتمع اللبناني ويمثل الأحزاب لكن ما يجمعنا هو الرغيف ونتحدّى أي شخص يقدم إثباتا عكس ذلك».
ويجدد تأكيده رفض ما يحصل وما سيحصل لجهة رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، مشيرا «إلى تنسيق وتواصل يقوم به الاتحاد الذي يجمع مختلف فئات المجتمع ليكون هناك أكبر نسبة مشاركة في يوم الغضب»، مشددا على أن رفع الدعم سيؤدي إلى كارثة اجتماعية في غياب رؤية بديلة للحل ونفاد الأموال.
لكن من جهته، يحمّل الخولي الاتحاد العمالي العام جزءا كبيرا من المسؤولية عن الوضع ويعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «أنه لو كان يقوم بالدور المطلوب منه لما كنا وصلنا إلى هنا، من الضمان الاجتماعي الذي يملك الاتحاد قرارا كبيرا فيه إلى الحد الأدنى للأجور وعدم مراعاته الغلاء المعيشي، إضافة إلى تخليه عن دوره في اجتماعات اللجان النيابية، حيث لا يحتاج إلى دعوة، بل من واجبه الحضور والمشاركة في هذه القرارات».
ويرى الخولي أن الاتحاد العمالي العام المكبّل بقراره السياسي والحزبي نتيجة لارتباطاته الحزبية منذ عام 2008، حيث بات يتوزع على معظم الأحزاب، لن يكون قادرا على قيادة الحركة النقابية التي يحتاج لها لبنان، وخير دليل على ذلك ما حصل في تحركات أكتوبر الماضي، إذ وبدلا من أن يكون الاتحاد هو قائد الاحتجاجات تنصّل منها وذهب إلى حد اتهامها بالتسييس. ويلفت الخولي إلى أن الاتحاد سقط نهائيا بيد الأحزاب التي تسيطر على قرار قيادته عبر 12 عضوا هم من القياديين في الأحزاب، ويشهد تراجعا مقابل محاولات حثيثة من الاتحادات المعارضة لسدّ الثغرات.
ولا تقتصر سيطرة الأحزاب على الاتحاد على السياسة، إنما هي أيضا مادية، بحسب الخولي الذي يلفت إلى أن الاتحاد يحصل سنويا من وزارة المال على مليار ليرة، وهو المبلغ الذي يفترض أن تحصل عليه الاتحادات بدل أن يتسلمها «العمالي العام»، ولا يقوم بالمهام المطلوبة منه وعلى رأسها الدراسات المتعلقة بمؤشر التضخم وغلاء المعيشة. ويضيف «بعد زيادة الحد الأدنى للأجور عام 2012 وتحديده بـ675 ألفا كان الاتفاق على أن يتم سنويا تحديد مؤشر الغلاء لتتم الزيادات وفقها على الرواتب، وهو ما لم ينفّذ فيما الاتحاد الذي يجب أن يكون له دور في الرقابة غائب عن دوره، وبالتالي يتحمل مسؤولية مباشرة فيما وصلنا إليه اليوم».
ومع تأييده لمواقف الاتحاد العمالي العام التي أطلقها أمس رئيسه بشارة الأسمر ودعوته لـ«يوم الغضب»، يرى الخولي في خطابه استلحاقا للموقف ولتأخيره عن اتخاذ أي خطوات إلى جانب العمال والفقراء، آملا أن تكون بداية التصحيح لدور الاتحاد الذي فقد الشعب ثقته به.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.