الخلافات على قانون الانتخاب تحيي الاصطفافات الطائفية

«القوات» و«التيار» يلتقيان على رفض اقتراح «لبنان دائرة انتخابية واحدة»

TT

الخلافات على قانون الانتخاب تحيي الاصطفافات الطائفية

أشعلت التباينات حول قانون جديد للانتخابات النيابية اشتباكاً سياسياً وانقساماً أخذ شكل الاصطفافات الطائفية بين مؤيد لقانون «عصري» يعتمد نظام الاقتراع النسبي خارج القيد الطائفي، يتزامن مع إنشاء مجلس للشيوخ، تتمثل فيه الطوائف بشكل عادل، وبين من يعتبر أن هذا الطرح ينسف الصيغة اللبنانية، ويهدد التوازنات بين الطوائف، ويعتبر هذا الفريق أن الأولوية اليوم لتشكيل حكومة إنقاذ وتجنب الاشتباك السياسي عبر الالتزام بالقانون القائم.
وتجرى الانتخابات النيابية المقبلة في مايو (أيار) 2022. وافتتح الحديث عن قانون جديد للانتخابات أول من أمس في اجتماع اللجان المشتركة في مجلس النواب، ما أدى إلى هذا الاشتباك، رغم أن الجلسة لم تشهد نقاشاً بجدول أعمال، بل اقتصر الأمر على عرض اقتراحات القوانين المتعلقة بالانتخابات النيابية، ومن بينها القانون الذي طرحته كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري ويقترح اعتماد نظام الاقتراع النسبي خارج القيد الطائفي على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، بالتزامن مع تأسيس مجلس الشيوخ، وتحدثت القوى السياسية عن موقفها تجاه قانون الانتخاب.
وتواصلت تداعيات الاشتباك أمس؛ حيث قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في تغريدة: «لولا وجودنا في المجلس النيابي لكانت مرّت بالأمس (الأول) مؤامرة قانون الانتخاب»، ما دفع بالمكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري للردّ، قائلاً في بيان: «كل قوانين الانتخابات السابقة يمكن اعتبارها مؤامرة على مستقبل لبنان ما عدا الاقتراح الحالي»، مضيفاً: «اقرأ بروحية النصر للبنان وليس على الفريق الآخر».
وأسفر الطرح عن انقسام اتخذ شكل الاصطفافات الطائفية. فرغم التباعد بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، وهما أكبر حزبين مسيحيين في لبنان، فإنهما التقيا على موقف اعتماد القانون الحالي، ولو أن «التيار» يؤيد إجراء تعديلات عليه، على قاعدة أن «أي قانون يعتمد لبنان دائرة واحدة، سيخل بالتوازن الطائفي ويعتبر مدخلاً للديمقراطية العددية التي يرفضها المسيحيون»، بحسب ما قالت مصادر معارضة للاقتراح لـ«الشرق الأوسط»، ويتمسكان بالقانون بوصفه أمّن «أفضل تمثيل»، بينما طرح تأسيس مجلس للشيوخ «يعد بنداً تأسيسياً لتغيير النظام، يحتاج إلى حوار»، بحسب ما يقول التيار الوطني الحر.
وفي المقابل، تلتقي «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها بري مع كتلة «اللقاء الديمقراطي» وهي كتلة «الحزب التقدمي الاشتراكي» في البرلمان على تأييد قانون للانتخابات خارج القيد الطائفي، لكنهما يتباينان حول اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، إذ يرفضها «الاشتراكي» الذي يؤيد «البحث في شكل الدوائر»، بحسب ما تقول مصادره، بينما يؤيد «تيار المستقبل» إعادة النظر في الدوائر المقسمة في القانون الحالي، لأنها أنتجت دوائر انتخابية نقية بالمفهوم الطائفي.
ويعتمد القانون الانتخابي القائم الذي أجريت على أساسه انتخابات العام 2018، نظام الانتخاب النسبي على أساس دوائر انتخابية في المحافظات، مع صوت تفضيلي على أساس القضاء، وأتاح للمسيحيين إيصال قسم كبير من نوابهم بأصوات المسيحيين. وأوصل القانون 29 نائباً لـ«التيار الوطني الحر» وحلفائه، بينما أوصل 16 نائباً لـ«القوات اللبنانية».
ويقول عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن إن ما يُحكى عن رسائل متناقضة في الجلسة حول القانون، هو صحّي في المساحة الوطنية المتبقية للتحاور، وهي مجلس النواب، مشدداً على أن «موقفنا الأساس هو الخروج من الحسابات الضيقة إلى رحاب الوطن، لأنه إذا كان كل طرف يريد الحفاظ على مكتسابه، فلا نبني وطناً». وأضاف أبو الحسن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «على المستوى الخاص، نحن انتخبنا وفق القانون الحالي، وهو لا يزعجنا ككتلة وكحزب، لكن على المستوى الوطني فهذا القانون لا يساهم بتطوير النظام».
وقال: «الغاية من طرحنا هي تطوير النظام السياسي للخروج من الحالة الطائفية وبناء دول تبنى على أساس المحاسبة خارج المحميات الطائفية، وعندما نذهب إلى الدولة المدنية، ولاحقاً العلمانية، تنتفي الحاجة للاحتماء بالطائفية». وأشار إلى أن «أي قانون مقرون بإنشاء مجلس الشيوخ يقوم على أساس طائفي تتمثل فيه كل الطوائف ويضمن حقوق الطوائف والأقليات».
في المقابل، يتفق المسيحيون على رفض المقترحات المتعلقة بقانون خارج القيد الطائفي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وتلتقي «القوات اللبنانية» مع «التيار الوطني الحر» على أن اعتماده «سيؤدي إلى تغيير وجه لبنان وتحكيم فريق سياسي، وليس طائفة، بالقرار السياسي في البلد».
ويقول رئيس «جهاز الإعلام والتواصل» في «القوات اللبنانية» شارل جبور لـ«الشرق الأوسط» إن «قوانين الانتخاب تؤدي إلى انتخاب مجلس نواب وهو أم السلطات في لبنان حيث ينتخب رئيس الجمهورية ويمنح الثقة للحكومات، ومن خلاله تُدار الحياة السياسية»، وبالتالي، فإن قانون الانتخاب «يؤدي إلى إمساك قوة معينة بالسلطة، وتغيير وجه البلد من خلال ديمقراطية عددية تغير وجه لبنان». وقال: «قوانين الانتخاب لها الطابع الميثاقي الوطني، وجاءت تغريدة جعجع للتأكيد أن اللحظة السياسية ليست لحظة مناكفات وطرح مسائل ذات طبيعة خلافية، في وقت يجب التركيز على أوليتين الآن، تشكيل حكومة مستقلين بالكامل، والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.