الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للوزراء تتزامن مع بدء المفاوضات مع إسرائيل

عون يرفض تشكيلة من لون واحد أو تعويم حكومة دياب

TT

الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للوزراء تتزامن مع بدء المفاوضات مع إسرائيل

يستعد لبنان للدخول في الأسبوع المقبل في مرحلة سياسية جديدة لا يمكن التكهّن ما إذا كانت ستُبدّل الحال السياسي الذي يكتنفه الغموض، خصوصاً أن دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة الخميس المقبل في 15 الجاري تتلازم مع بدء الجولة الأولى من المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية لحل الخلاف حول النقاط المتنازع عليها في البر والبحر والتي ترعاها الأمم المتحدة وتتولى الولايات المتحدة مهمة الوساطة بين البلدين.
لكن تحديد موعد للاستشارات النيابية في اليوم التالي لبدء مفاوضات ترسيم الحدود يصطدم بعدم وضوح الرؤية لإنجاز مثل هذا الاستحقاق في ظل تعذّر التفاهم على من سيخلف مصطفى أديب، وإن كان البعض يحاول أن يضع المشكلة في خانة رؤساء الحكومات السابقين بذريعة أنهم يترددون في تكرار تجربة تسمية أديب، ما دام أن الاتصالات ما زالت مقطوعة ولم تسجّل أي تواصل بين القوى الرئيسة منذ عزوف أديب عن تشكيل الحكومة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن الخلوة التي عُقدت بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري على متن الطائرة التي أقلّتهما برفقة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى الكويت لتقديم التعازي بوفاة الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح لم تستمر أكثر من 10 دقائق وخُصّصت لتبادل الآراء حول كيفية الخروج من الأزمة وضرورة إجراء الاستشارات النيابية على أن تتلازم مع بدء المشاورات لبلورة اسم الرئيس الذي سيكلّف بتوافق الكتل الرئيسة في البرلمان.
ولفتت المصادر نفسها إلى عدم تضخيم ما كان اقترحه عضو نادي رؤساء الحكومات الرئيس نجيب ميقاتي فور اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة، لجهة تشكيل حكومة عشرينية تجمع بين التكنوقراط والسياسيين بضم 6 وزراء دولة يمثلون القوى الرئيسية، وعزت السبب إلى أن صاحب هذا الاقتراح كان أبلغ زملاءه في النادي بأن لا يُحمّل اقتراحه أكثر من قدرته على أن يتحمّله وأن طرحه كان عفوياً ومجرد مجموعة من الأفكار العابرة.
ورأت أن عون يتطلع من خلال دعوته لإجراء الاستشارات المُلزمة إلى توجيه رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه باقٍ على التزامه بالمبادرة التي أطلقها لإنقاذ لبنان، وأيضاً إلى تبرئة ساحته من تهمة خصومه بأن إصراره على ربط التكليف بالتأليف سيؤدي حتماً إلى تعطيل تشكيل الحكومة، مع أن تياره السياسي لا يزال يرى أن لا حل إلا بتحقيق التلازم بين التأليف والتكليف.
لذلك يقف عون أمام مجموعة من الخيارات الصعبة ما دام أنه ليس في وارد توفير الغطاء السياسي لتشكيل حكومة مواجهة من لون واحد أو في تعويم حكومة الرئيس دياب التي تتصرف على أنها غائبة عن السمع وتُمعن في سوء إدارتها للملفات وتوكل إلى المؤسسة العسكرية مهمة ملء الفراغ، وهذا ما برز للعيان في عدم تعاطيها مع الملفات التي ترتّبت على النكبة التي لحقت ببيروت من جراء انفجار المرفأ.
أما على صعيد بدء مفاوضات ترسيم الحدود التي سيشارك فيها الوسيط الأميركي، نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الذي سيصل إلى بيروت في 12 الجاري أي قبل يومين من انطلاق المفاوضات، في مهمة لتحضير الأجواء، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن الرهان على الوساطة الأميركية لترسيم الحدود البرية والبحرية هو في محله، وأن الرعاية الأممية باتت مطلوبة، وأن لرئيس البرلمان دورا لجهة تشكيله الرافعة لتوفير الغطاء السياسي لها.
وقالت مصادر نيابية إن أهمية بدء المفاوضات تكمن في أن «الثنائي الشيعي» ممثلاً ببري يشكّل رافعة لحسم الخلاف حول النقاط البرية والبحرية المتنازع عليها، وتؤكد بأن لا مجال للتعامل معها على أنها مطلوبة لتقطيع الوقت، وتعزو السبب إلى التوافق على اتفاق الإطار الذي تولى رئيس البرلمان الإعلان عنه بعد أن توصّل إليه مع شينكر.
ورأت المصادر النيابية أن بري لم يتفرّد بالإعلان عن اتفاق الإطار، وإنما جاء تتويجاً لتفاهمه مع حليفه «حزب الله»، وهذا ما يقطع الطريق على من يحاول المزايدة شعبوياً عليه، خصوصا أن الحزب يحرص على تحالفه الاستراتيجي مع حركة «أمل» وليست لديه حسابات أخرى تضطره للتفريط بتحالفه لما يترتب عليه من تداعيات تُحدث انقساماً في الساحة الشيعية.
وتوقفت أمام حضور قائد الجيش العماد جوزيف عون المؤتمر الصحافي الذي خصصه بري للإعلان عن اتفاق الإطار، وقالت إنه لم يحل ضيفاً على المشاركين فيه بمقدار ما أنه يراد من حضوره توجيه رسالة بأن المؤسسة العسكرية ستتولى التفاوض، وهي موضع ثقة محلياً وعربياً ودولياً، ورأت أن حصر التفاوض بهذه المؤسسة يتيح لكل من يعنيهم الأمر مواكبتها، إضافة إلى أن تركيبة الوفد المفاوض كانت وراء انتزاع هذه الورقة من رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ومنعه من توظيفها لخدمة طموحاته الرئاسية.
لذلك فإن بدء المفاوضات يقترن بتوفير كل الشروط لإنجاحها، ولم يكن من خيار أمام «حزب الله» ومن خلاله طهران سوى الوقوف خلف ما أعلنه بري، لأن الحزب لا يملك القدرة على تأخيرها لأنه بذلك يخالف الرهان على أن إنجاحها سيسهم في توفير الشروط لوقف الانهيار من خلال مبادرة واشنطن إلى تسهيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات يُفترض توظيفها في خطة التعافي المالي.
كما أن «حزب الله» يدرك جيداً أنه لا يستطيع الوقوف في وجه هذه المفاوضات وتعطيلها في ظل شيوع موجة شعبية تتهمه بتعطيل المبادرة الفرنسية التي يراد منها إنقاذ لبنان بوقف انهياره المالي والاقتصادي.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.