السودان: المحتجون يتراجعون عن إغلاق ميناء بورتسودان بعد تهديدات الحكومة

تشكيل لجنة لمؤتمر شرق البلاد لتجاوز الخلافات بين مكوناته

TT

السودان: المحتجون يتراجعون عن إغلاق ميناء بورتسودان بعد تهديدات الحكومة

نفذت القوات النظامية بولاية البحر الأحمر، شرق السودان، التوجيهات الصارمة، التي أصدرها مجلس الأمن والدفاع القومي بفتح ميناء بورتسودان، المغلق منذ الأحد الماضي من قبل مجموعات تعارض اتفاق السلام الخاص بإقليم الشرق، ما دفعها لقطع الطريق القومي الرابط بين الميناء والعاصمة الخرطوم، وهو ما نجم عنه تعطل حركة النقل والمرور. وفي غضون ذلك، تجري مشاورات داخل الحكومة الانتقالية لحمل حاكم ولاية كسلا على تقديم استقالته بهدف تجاوز الأزمة.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات كبيرة من الشرطة أزالت صباح أمس المتاريس، التي أغلق بها الميناء الجنوبي، وفرقت التجمعات، مضيفة أن الهدوء عاد إلى المدينة، التي كانت تتحسب لتصاعد التوترات والانفلات الأمني.
وكان مجلس الأمن والدفاع قد عقد أول من أمس اجتماعاً طارئاً، ناقش فيه تطورات الأوضاع الأمنية في شرق السودان، وتداعياتها على الأمن القومي، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي أدت إلى شلل تام في الميناء الرئيسي، الذي تعتمد عليه البلاد كثيراً في حركة التجارة والصادرات والواردات.
وأوضح مجلس الأمن والدفاع أنه لن يسمح بأن تكون حرية المظاهرات على حساب إغلاق المرافق الحيوية والطرق القومية، وذلك لتأثيرها على الاقتصاد القومي وعلاقات البلاد الخارجية. وأعلن تشكيل لجنة يترأسها عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، للإعداد للمؤتمر التشاوري الدستوري لمواطني شرق السودان، بشأن اتفاقية السلام التي جرى توقيعها بعاصمة جنوب السودان (جوبا)، مطلع الأسبوع الحالي.
ومن جهته، شدد مجلس الوزراء على ضرورة الحوار والنقاش السلمي، ووضع استراتيجية متكاملة لإدارة الأزمة في الشرق، لوجود بعد استخباراتي ودولي وكثير من التعقيدات، التي تؤثر على المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى المستقل لنظارات وعموديات «البجا»، المكون حديثاً، ولا يشمل كل المكونات القبلية، يعارض مسار سلام الإقليم، الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع الجبهة الثورية المتحدة لشرق السودان.
من جهة ثانية، أوضح قيادي بالتحالف الحاكم في السودان، أن اجتماع مجلس الأمن والدفاع لم يطلب إقالة حاكم كسلا، صالح عمار. وأضاف المصدر، الذي فضل حجب اسمه، أن المجلس المركزي طلب منحه فرصة لحل أزمة حاكم كسلا، بالتزامن مع مساعيها لتجاوز الخلافات حول اتفاق شرق السودان في المؤتمر، الذي تم الاتفاق على قيامه لجميع مكونات الإقليم.
وأشار القيادي بقوى الحرية والتغيير إلى أن التحالف سيبتدر لقاءات مع لجنة الميناء، وسيعقد لقاءات أخرى في إطار مساعي حل الأزمة في شرق البلاد.
ويقود التكتل القبلي، الرافض للاتفاق، ناظر قبيلة الهندودة، محمد الأمين ترك، الذي تسببت معارضته لتعيين حاكم ولاية كسلا، في الانفلات الأمني الذي شهدته مدينة كسلا، ما خلف عدداً من القتلى والجرحى وإتلافاً كبيراً للممتلكات العامة والخاصة. فيما ترفض مجموعات أخرى في الإقليم الزج بالقبائل في الصراع السياسي، واستخدامها لتحقيق مصالح فئة محدودة تسعى للسلطة.
وأقرت الحكومة الانتقالية أن الاتفاق الموقع في جوبا لا يمثل كل الإقليم، وكشفت عن عقد مؤتمر لكل مكونات شرق السودان لاستكمال النواقص في الاتفاق.
وكان المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، قد أوضح أن الحكومة لم تقل إن المشاركين في المفاوضات يمثلون كل شرق السودان، مبرزاً أنها حريصة على تضمين رؤية أهل الإقليم في اتفاقية السلام.
وأغلق المحتجون الجزء الشمالي والجنوبي لميناء بورتسودان، وميناءي سواكن وبشائر، والطريق الرئيس الذي يربط الشرق ببقية البلاد، ما عطل حركة التجارة النشطة.
وتطالب المجموعات الرافضة الحكومة بإلغاء الاتفاق أو تجميده، وعقد مؤتمر تشارك فيه الكيانات السياسية للاتفاق على حلول لقضايا شرق السودان.
وكان المجلس الأعلى لنظارات «البجا» والعموديات المستقلة، قد عقد في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي مؤتمراً عاماً بمدينة «سنكات»، طالب فيه بحق التقرير لشرق السودان، وهو المطلب الذي رفضته قبائل أخرى ذات ثقل مؤثر في الإقليم.
ونص اتفاق مسار الشرق على تخصيص 30 في المائة من السلطة التنفيذية والتشريعية في ولايات الشرق الثلاث، وذات النسبة من صافي عائدات الحكومة المركزية من الموارد المعدنية والنفطية المستخرجة من الإقليم لصالح الولايات، لمدة 7 سنوات بهدف إعادة تنمية وإعمار الولايات.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.