انقسام المعارضة يثير مخاوف من فوضى في قيرغيزستان

TT

انقسام المعارضة يثير مخاوف من فوضى في قيرغيزستان

اتجهت الأمور في قيرغيزستان التي شهدت احتجاجات واسعة تخللتها أعمال شغب وعنف إلى مزيد من التعقيد، بعد مرور يوم واحد على تحقيق المعارضة انتصارا جزئيا تمثل في إطاحة رئيس الوزراء السابق وإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي أثارت استياء واسعا وأسفرت عن اندلاع الاحتجاجات. وأثارت الانقسامات التي ظهرت في صفوف المعارضة أمس، مخاوف من انتشار الفوضى وزيادة تفاقم الموقف.
ولم تكد تمر ساعات على إعلان المجلس التنسيقي للمعارضة ترشيح المعارض سادير جاباروف رئيسا للوزراء وهو الترشيح الذي حاز موافقة البرلمان، حتى اتجهت أربعة أحزاب من بين أحزاب المعارضة إلى تشكيل «مجلس تنسيقي شعبي» جديد أعلنت من خلاله عزمها ترشيح شخصية أخرى للمنصب. وبدا أن الأحزاب التي شكلت المجلس الجديد تتجه نحو الانفراد بالسلطة في البلد الذي شهد اضطرابات سياسية واسعة خلال السنوات الأخيرة. وقال مجلس التنسيق الشعبي، الذي يضم عدة أحزاب معارضة في قيرغيزستان، إنه اضطلع بجميع سلطات الدولة وقرر حل البرلمان متخليا بذلك عن حلفاء في أحزاب المعارضة الأخرى التي شاركت في الاحتجاجات. وكانت أحزاب وقوى المعارضة في قيرغيزستان اتفقت في وقت سابق، على نقل السلطة من خلال المجلس التشريعي للبلاد.
وأعلن برلمان قيرغيزستان، الثلاثاء، أن رئيس الوزراء كوبات بك بورونوف القريب من الرئيس الحالي استقال من منصبه، وقال المكتب الإعلامي للبرلمان إن سادير جاباروف انتخب خلال اجتماع طارئ للمجلس رئيسا للوزراء في قيرغيزستان خلفا لبورونوف. واتخذ البرلمان قراره في اجتماع عقد في فندق بسبب استيلاء المتظاهرين على مقره.
وجاباروف هو سياسي معارض كان نائبا في البرلمان السابق ولوحق وسجن بتهم مالية، قبل أن يتم تحريره خلال الاحتجاجات الأخيرة. لكن عدم الاتفاق على شخصيته بين أحزاب المعارضة قاد إلى الانقسام الجديد الذي يوحي بتجدد الأزمة المستعصية في البلاد.
وأعلن مجلس التنسيق الشعبي، الذي تم تشكيله أمس، ويضم قادة العديد من الأحزاب السياسية ترشيح رئيس وزراء آخر، وفقا لعضو المجلس الجديد، جنكيز ماكشيف. وقال: «نعتزم تقديم مرشح جديد لرئاسة الوزراء». ويضم مجلس التنسيق الشعبي قادة أحزاب «أوردو» (الوسط) و«ميكين ينتماجي» (التضامن الوطني) و«الإصلاح» و«يمان نورو» (نار الإيمان).
وكان المتظاهرون سيطروا على مباني البرلمان والحكومة والإدارة الرئاسية ومكتب النائب العام وقاعة المدينة بالعاصمة. واقتحموا بشاحنات ضخمة سجنا في بشكيك العاصمة، حيث أطلقوا سراح الرئيس السابق للبلاد ألمازبيك أتامباييف، ورئيس الوزراء السابق سابير إيزاكوف وعدد من السياسيين الآخرين.
وعلى وقع المواجهات، قال رئيس البلاد سورونباي جينبيكوف، إنه أمر قوات الأمن بعدم إطلاق النار وعدم إراقة الدماء، مشيرا إلى اتخاذ كافة الإجراءات لمنع تفاقم الوضع. وأسفر الوضع المتفجر عن إصدار قرار بإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الماضي.
وفي موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن ما حدث في قيرغيزستان بعد الانتخابات «يثير القلق بشكل جدي»، معربا عن أمله بحل النزاع سلميا، وأوضح بوتين أن «الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا، وبالمناسبة، تم الاعتراف بها على أنها ديمقراطية ليس فقط من قبل المراقبين الدوليين، ولكن أيضا من قبل ممثلي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وما حدث بعد ذلك بالطبع لا يسعه إلا أن يقلقنا، ونأمل أن يكون الحل سلميا، وأن تعود العملية السياسية الديمقراطية الطبيعية، وأكرر أن هذا يجب أن يحدث في أقرب وقت ممكن».
وأضاف الرئيس الروسي: «نحن على اتصال مع جميع أطراف هذه الأزمة، وأتمنى أنه بعد عودة الوضع السياسي الداخلي إلى طبيعته، سنواصل تنفيذ جميع خططنا مع قيرغيزستان، مع الأخذ في الاعتبار أن قيرغيزستان عضو في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ولدينا كم كبير من العمل المشترك». ودعت الخارجية الروسية إلى إجراء مفاوضات في قيرغيزستان لحل الأزمة السياسية الحالية. وأفادت في بيان: «ندعو القوى السياسية في هذه اللحظة الحرجة للجمهورية إلى إظهار الحكمة وحس المسؤولية من أجل الحفاظ على الاستقرار والأمن الداخليين». وأضافت روسيا أنها قلقة بشأن الاستقرار السياسي في قيرغيزستان ورفاه شعبها، حيث إنها تظل شريكا وحليفا استراتيجيا لموسكو.
في غضون ذلك، وضعت القاعدة العسكرية الروسية في قيرغيزستان في حالة تأهب قصوى، وأعلنت وزارة الدفاع أنها عززت من إجراءات حمايتها تحسبا لتعرضها لهجمات أو اعتداءات إرهابية. وقالت مصادر عسكرية إن موسكو تخشى أن يتم استخدام حال الفوضى في البلاد لمحاولة مهاجمة القاعدة الروسية.
كانت الانتخابات البرلمانية في قيرغيزستان نظمت الأحد الماضي، بمشاركة 16 من الأحزاب السياسية. وأظهرت النتائج الأولية تخطي أربعة أحزاب الحد الأدنى لدخول البرلمان والبالغ 7 في المائة. ما دفع الأحزاب التي فشلت في الحصول على الحد الأدنى إلى إطلاق احتجاجات للمطالبة بإلغاء الانتخابات بدعوى حدوث انتهاكات صارخة.
لكن قرار لجنة الانتخابات المركزية في قيرغيزستان إلغاء نتائج الانتخابات عقب وقوع اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين أسفرت عن وقوع 590 إصابة على الأقل وحالة وفاة واحدة، لم يخفف من التوتر، وصعّد المحتجون من مطالبهم لتغيير رئيس الوزراء الذي استقال تحت ضغط أعمال الاحتجاج، قبل أن يطلق المحتجون أمس، شعارات تطالب بإقالة رئيس البلاد.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.