يحتار اللبنانيون كيف يمضون أوقاتهم ويرفهون عن أنفسهم في ظل الحجر المنزلي وقواعد التباعد الاجتماعي، التي تفرضها الجائحة عليهم منذ فبراير (شباط) الماضي حتى اليوم. فهم حاولوا في بداية زمن «كورونا» تمضية أيامهم يتعلمون الطبخ أو يمارسون الرياضة المنزلية. كما أن بعضهم لجأ إلى المنصات الإلكترونية كـ«نتفليكس» و«شاهد» و«ستارز» وغيرها يتابعون أفلام ومسلسلات متاحة لهم عليها. ومع نفاد الحيل التي تؤمن لهم الترفيه عن أنفسهم بأقل خسائر صحية ممكنة، راحوا يبحثون عن مخرج يناسب واقعهم. فكانت رياضة السير على الأقدام المعروفة بـ«هايكينغ» فرصتهم الوحيدة المتبقية. فمعها يستطيعون التمتع بطبيعة لبنان وكذلك التعرّف على معالمه وبلداته، ضمن سياحة داخلية مفيدة.
وإذا ما تصفحت وسائل التواصل الاجتماعي من «تويتر» و«إنستغرام» و«فيسبوك» لا بد أن تلفتك الإعلانات الترويجية لهذه الرياضة. وتتراوح محتوياتها تحت عناوين مختلفة كـ«اكتشف لبنان سيراً على الأقدام» و«مشوار إلى البترون» و«من أرز الرب إلى أرز تنورين» و«من عين زحلتا إلى عميق»، وما إلى هنالك من موضوعات ترتبط ارتباطاً مباشراً بهذه الرياضة وبأسعار مقبولة.
ويتفنن بعض منظمي هذه النزهات في استقطاب الناس من خلال اتباعهم أسعاراً مخفضة مثلاً لأبناء المنطقة التي يزورونها. ويلجأون أيضاً إلى تأمين الباصات لنقل الراغبين من أبناء بيروت إلى نقطة الانطلاق للمشوار. وفيما تسمح جهات منظمة باصطحاب جميع أفراد العائلة لأن النزهة غير منهكة، فإن جهات أخرى تدعو من يرغب في اصطحاب الحيوان الأليف الذي يربّيه. والشرط الوحيد الذي يفرضونه على هؤلاء هو تولّيهم الاهتمام التام به كحمله على الأكتاف في حال شعر بالتعب.
ومن الرحلات المنظمة في هذا الإطار واحدة تنطلق من بلدة عين زحلتا الشوفية باتجاه سهل البقاع. وتمر بغابة أرز الباروك وبحوش عميق المشهور بمحميته الطبيعية وبالحدائق والجنائن الموزعة في كافة أنحاء بلدة عميّق.
مجد فرح، أحد المنظمين لهذا النوع من الرحلات يشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن زمن الجائحة يسهم في ازدهار هذه الرياضة كونها الأكثر أماناً وتجري في الهواء الطلق. ويتابع في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إننا ننظم رحلات أسبوعية في مختلف المناطق اللبنانية من شماله إلى جنوبه. كما أن نسبة الأعمار المشاركة تتفاوت بين 18 و40 عاماً. وتتضمن كل رحلة نحو 25 شخصاً نحترم خلالها قواعد التباعد الاجتماعي. وتتراوح تكلفتها ما بين 23 و45 ألف ليرة، وهي الأسعار نفسها التي كنا نطلبها في الماضي». ويرى فرح أن رياضة الـ«هايكينغ» مفيدة من نواحٍ كثيرة صحية وبيئية وسياحية وترفيهية.
وينظم فرح هذا الأسبوع رحلة بعنوان «تران ستايشن» وهو طريق سكة الحديد القديمة التي كانت تربط ما بين بلدتي حمانا وضهر البيدر. ويعدّ من النزهات التي يمكن للمشاركين فيه أن يأتونه بسياراتهم، لأن درب المشي يبدأ وينتهي من المكان نفسه أي في بلدة حمانا. ويوضح مجد فرح: «سيعيش المشاركون في هذه الرحلة لحظات جميلة إذ يخوضون تجربة فريدة من نوعها ويمرون تحت نفق القطار ويسيرون على السكة الحديدية، ليكتشفوا معالم طريق برّي كان يشكّل الأشهر في منطقة الشرق الأوسط في عام 1890».
ويستهل المشوار من غابة الأرز في فالوغا مكان وضع أول علم لبنان الكبير. وليكمل طريقه باتجاه وادي لامارتين مروراً بحِما حمّانا باتجاه جسر المديرج وصولاً لنفق القطار القديم في ضهر البيدر. ويكمل الدرب مساره ليمر بمكان المستشفى الفرنسي أيام الحرب العالمية الثانية الواقع إلى جانب سد القيسماني.
رياضة الـ«هايكينغ» تنشط في زمن الجائحة
الوحيدة المتبقية على أجندة الترفيه في لبنان
رياضة الـ«هايكينغ» تنشط في زمن الجائحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة