«المتاحف بإطارٍ جديد» ومناقشة حول مستقبلها في ندوة رقمية

من تنظيم متحف اللوفر أبوظبي وجامعة نيويورك أبوظبي ومشاركة عدد من رواد المجال

«المتاحف بإطارٍ جديد» ومناقشة حول مستقبلها في ندوة رقمية
TT

«المتاحف بإطارٍ جديد» ومناقشة حول مستقبلها في ندوة رقمية

«المتاحف بإطارٍ جديد» ومناقشة حول مستقبلها في ندوة رقمية

أعلن متحف اللوفر أبوظبي وجامعة نيويورك أبوظبي، المؤسستان الرائدتان في قلب جزيرة السعديات بأبوظبي، عن تنظيمهما ندوة رقمية مفتوحة للجمهور للمرة الأولى، بعنوان «المتاحف بإطارٍ جديد».
وتناقش الندوة التي تُعقد في خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 المسؤوليات والتحديات الجديدة التي تواجه قطاع المتاحف في المرحلة الراهنة إلى جانب الفرص المبتكرة التي يمكن للمتاحف الاستفادة منها. وستتيح الندوة المجال أمام المساهمات الجماعية للباحثين من مختلف دول العالم والأكاديميين والفنانين من المشاهير والناشئين وخبراء المتاحف العالمية، من خلال مناقشة مستقبل المتاحف الفنية وإعادة تصوّره. كما سيتباحث المشاركون في الندوة بالركائز الأساسية الثلاث التي يتم تصنيف المتاحف بناءً عليها، وهي «المجموعات الفنية»، و«المبنى أو الموقع»، و«الأشخاص». ويمكن التسجيل لحضور الندوة الرقمية المتاحة للجمهور مباشرة عبر الإنترنت.
وجرى توجيه دعوة واسعة النطاق على مستوى القطاع، للتعرف إلى وجهات النظر بهدف توفير متابعة آنية لأبرز التحديات والحلول قبل الندوة، ما يضمن وصول مختلف الآراء في خلال هذه النقاشات العالمية.
وحول أهمية المشاركة في استضافة هذه الندوة، قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «في الوقت الذي نحتفل فيه بالذكرى السنوية الثالثة لافتتاح متحف اللوفر أبوظبي في نوفمبر، فإننا نؤكد على أهمية دور المتاحف في تعزيز الشعور بالراحة والتعاطف، وإدراك ما تمر به المجتمعات في هذه الأوقات الصعبة أكثر من أي وقت مضى، إلا أن البنية التحتية للمتاحف تواجه تهديدات عديدة، ما يتطلب منّا إعادة النظر في نماذج العمل التي تعمل من خلالها والمهام المنوطة بها. إن فتح النقاشات حول استدامة المتاحف ووصول الجمهور إليها إلى جانب تقديمها لمحتوى متنوّع وشامل، تفرض على المتاحف طرح تساؤلات حول الوضع الراهن وإعادة النظر في قوانين المجال الثقافي. سنجمع بين مؤرخي الفن البارزين والعلماء وأمناء المتاحف والخبراء من جميع أنحاء العالم، لمناقشة مستقبل المتاحف الفنيّة، لذا ندعو الجميع إلى المشاركة في هذا النقاش الهام».
من جهتها، قالت مارييت ويسترمان، نائب رئيس جامعة نيويورك أبوظبي: «يسعدنا أن نشارك متحف اللوفر أبوظبي في تنظيم هذه الندوة الرقمية حول المتاحف في المرحلة الراهنة والمستقبلية. فلطالما واجهت إدارات المتاحف وزوارها ومموليها عدداً من التحديات الجوهرية، وقد زادت جائحة (كوفيد - 19) من أهمية وإلحاح هذه القضايا، مثل دور المتاحف وهوية الجمهور المستهدف، وصراع البقاء في العصر الرقمي. لذا سنعالج هذه التحديات ونلقي الضوء على بعض التساؤلات الأخرى مثل: ما أهمية المتاحف بالنسبة إلى الأشخاص الذين لم يشاركوا في تأسيسها؟ ما الدور الذي يمكن أن تلعبه القطع الفنّية غير الموثوقة المصدر في المتاحف؟ هل يمكن للمتاحف أن تنافس مجالات الترفيه؟»
يُذكر أن قائمة الأسماء العالمية البارزة التي ستشارك في هذه الندوة تشمل كلا من محمد خليفة المبارك (دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي)، والشيخة حور القاسمي (مؤسسة الشارقة للفنون)، وديفيد ريسلي (جامعة نيويورك أبوظبي)، ويوجين تان (متحف سنغافورة للفنون)، وجان لوك مارتينيز (متحف اللوفر في باريس)، وكايوين فيلدمان (المعرض الوطني للفنون في العاصمة واشنطن) وكوامي أنطوني أبيا (فيلسوف وروائي وأستاذ في جامعة نيويورك وجامعة نيويورك أبوظبي)، ومنال عطايا (هيئة الشارقة للمتاحف)، وماكس هولين (متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك)، وميخائيل بيوتروفسكي (متحف هيرميتاج في سانت بطرسبرغ)، وبيتر ماجي (متحف زايد الوطني)، ويانغ تشي قانغ (متحف شنغهاي).
وستسلط النقاشات الضوء على الركائز الثلاث التي يتم تصنيف المتاحف بناءً عليها، بما في ذلك المجموعات الفنّية، والمبنى أو الموقع، والأشخاص، وهي ركائز سيتم استكشافها من خلال الحلقات النقاشية وعرض دراسات الحالات. وستتناول ركيزة المجموعات الفنية الانتقال الحالي من بناء المجموعات الفنية إلى مشاركتها مع الجمهور، بما في ذلك تحويل التركيز من الاستحواذ إلى سرد القصص، والتبادل والتعاون بين المتاحف في ظل الوباء، وإعادة ابتكار ثقافة النسخ في العصر الرقمي.
كما ستركز الحلقات النقاشية الخاصة بالمبنى أو الموقع على ما إذا كانت المساحات التي تضمها المتاحف تخدم السياق الحالي، وكيف ينبغي أو يمكن للأدوار المدنية الجديدة التي يُطلب من المتاحف أن تقوم بها أن تغير مساحة المتاحف. وتتضمن ركيزة النقاش الثالثة موضوع الأشخاص، وستتمحور حول السؤال التالي: «المتحف لِمَن»؟ وهي ستشمل قضايا الملكية، والأدوار المدنية الجديدة للمتاحف التي تسلط الضوء على الشعوب، وتاريخ المجتمعات المتنوعة التي تخدمها. فمن خلال طرح التساؤلات حول فكرة الملكية والخبرة، ستبيّن الندوة كيف يمكن للمتاحف أن تحافظ على صلتها الوثيقة بعالمنا سريع التغيّر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».